يبدو أن كل التحولات تشير إلى عنوان واحد في نهاية المطاف، هو مصير القضية الفلسطينية: التصفية، أم إدارة الصراع والأمر الواقع. وهو العنوان الغائب عن كل التحولات في الوقت نفسه. إذ لاحظنا كيف قادت الأزمة السورية في نهاية المطاف إلى خدمة التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي، كما فعلت حروب العراق وحصاراتها وتفكيك الجيش العراقي؛ فتبرز في كل مرة فكرة أمن إسرائيل على رأس الأولويات في نهاية النهار.
بقيت المنطقة ساحة لبضائع سياسية كثيرة في سوق السياسة والسياسيين، وملفات قديمة وجديدة، لكن لا جديد حولها؛ كل ما يحدث هو تدوير سياسي وإعادة إنتاج لما قيل منذ سنوات طويلة. هذه البضائع الراكدة اليوم، كالأسلحة الراكدة منذ عقود، يراد التخلص منها لهدف واحد وأساسي هو التفريغ؛ أي تفريغ المنطقة من القدرات الفعلية والوهمية، واستدامة فكرة التفرد الإسرائيلي، حيث يبدو ان قواعد الاشتباك هذه باتت غير مجدية كثيرا، او استنفدت.
من المنتظر أن تدخل تلك البضائع السياسية مرحلة إعادة تخزين طويل حتى الشتاء المقبل، بينما تطفو على السطح بضائع سياسية خفيفة وطارئة؛ كأن تُختصر إعاقة إسرائيل لجهود التسوية وعرقلتها التاريخية والمنتظمة لحل الدولتين، في مجرد مسألة إعاقة الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم! أو حدث درامي على بوابة المسجد الأقصى. بينما ستبقى تطفو على السطح بضائع سياسية رديئة، تختصر توازن الضعف الذي يسود العالم، وعدم جدوى تكديس الأسلحة، بنوبة جديدة من الدوار الذي تخلقه دورة الأخبار حول الارهاب العالمي وحكايا الارهابي السعيد بمقتله.
في الجهة الاخرى يبدو أن شروطا إسرائيلية وأميركية تنضج لإحداث تحول جديد، سيشكل العملية التاريخية الثالثة، والتي ستكون بحجم العمليتين السابقتين، ولكنها لن تنهي الصراع. ويبدو أن الجميع آخذ في التكيف استعدادا لهذه العملية التي قد تحتاج من عام الى عامين؛ حكومة فلسطينية جديدة، مصالحة منتظرة بين حركتي “حماس” و“فتح”، عودة متوقعة لبعض رموز العمل الفلسطيني إلى الداخل، المزيد من الاقتراب التركي من المنطقة لم يحدث منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية قبل قرن. العنوان العريض سيكون تنازلات مؤلمة من قبل الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني ولكن الواضح لدينا ان جل الآلام ستكون فلسطينية مثلما يسرب الآن عن شكل الاستيطان ومستقبل المستوطنات، المفاجأة ستكون في تغيير المفاهيم؛ مفهوم جديد لحق العودة، وجغرافيا جديدة للقدس، وقس على ذلك.
بقيت التقديرات الإقليمية خلال السنوات الخمس الاخيرة، تُخرج القضية الفلسطينية من مسار التفاعل السياسي والاستراتيجي في المنطقة؛ بعد سيل الصدمات المتتالية التي شهدتها المنطقة. في المحصلة بات من الواضح ان كل تلك التفاعلات العميقة تصب اليوم في ساعة الحقيقة المرتبطة بهذا الصراع.
الأحد 26 آذار (مارس) 2017
بضائع سياسية جديدة وقديمة
د.باسم الطويسي
الأحد 26 آذار (مارس) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2348019
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
19 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 19