] محورية الصراع العربي - الصهيوني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 8 آذار (مارس) 2017

محورية الصراع العربي - الصهيوني

نبيل سالم
الأربعاء 8 آذار (مارس) 2017

على الرغم من تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية مؤخراً، بعد أن طغت الأزمات السياسية الدامية التي تشهدها منطقتنا العربية، على المشهد العربي، ولا سيما بعد ما سمي ب«الربيع العربي»، إلا أن أحداً لا يمكنه أن ينكر أن هذه القضية تبقى القضية المحورية الأهم، ويبقى الصراع العربي- الصهيوني هو الصراع الأخطر والأشمل في هذه المنطقة الحساسة من العالم، لأنها قبل أي شيء آخر قضية صراع وجودي، بين كيان مصطنع استعماري استيطاني عنصري إجلائي، وشعب مضطهد اقتلع من أرضه ظلماً وعدواناً، ولا يزال يتعرض للاعتداءات والجرائم العنصرية كل يوم.
ولو عدنا إلى التاريخ قليلاً، وتوقفنا عند الصراعات التي شهدتها منطقتنا العربية، لوجدنا أن معظم هذه الصراعات كان بسبب التداعيات المباشرة، واللامباشرة للغزو الصهيوني، الذي ساعد على إبقاء حالة التخلف الاجتماعي، إذ امتص الصراع العربي الصهيوني، طاقات العديد من الدول العربية، ولا سيما دول الطوق، التي أجبرت على الدخول في حروب متتالية مع العدو، زد على ذلك أن وجود الكيان الصهيوني، ساعد على وصول ضباط إلى السلطة في أكثر من بلد عربي، وظهور أنظمة عسكرية، غيبت عن قصد، أو غير قصد الحريات السياسية، والديمقراطية، بواسطة القمع، الأمر الذي جوبه بردات فعل غلب على بعضها التطرف، لتشهد المنطقة سلسلة صراعات، وانقلابات عسكرية في أكثر من بلد عربي، ما ساهم في عرقلة نمو مناخ سياسي تعددي في معظم الدول العربية التي شهدت مثل هذه الصراعات على السلطة، وما تركه ذلك من أثر سلبي في اقتصادات تلك الدول، فضلاً عن أن الظلم المحيط بالشعب الفلسطيني ولّد حالة من النقمة لدى الفلسطينيين العرب، خاصة مع ازدياد مستوى الفقر الذي يعتبر أيضاً أحد أبرز أسباب اللجوء إلى التطرف.
ويمكننا الزعم بأن مجمل ما يجري في المنطقة، رغم الاعتراف بوجود عوامل ذاتية، مرتبط بشكل، أو بآخر بتداعيات الصراع العربي «الإسرائيلي»، المستمر منذ نحو سبعين عاماً.
فمع أن هناك الكثير من المواقف العربية المتضاربة في أكثر من ملف سياسي، أو اجتماعي، أو اقتصادي، إلا أن أحداً لا يمكنه نفي وجود شبه إجماع عربي حول القضية الفلسطينية، وحول نضال الشعب الفلسطيني الذي يمثل أهم حركات التحرر العالمية. وإزاء هذا الواقع، والخصوصية التي تنفرد بها القضية الفلسطينية، والصراع الدولي الواضح على سوريا، وغيرها من الدول العربية، لا بد من وجود استراتيجية فلسطينية وتخطيط بعيد المدى، يحيط بكل المصالح، والمخاطر القومية، ويستشرف المستقبل من خلال رؤية علمية للواقع وتشابكاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، المحلية والدولية.
فالقضية الفلسطينية قضية محورية في السياسة الدولية والعالمية، رغم هذا التراجع الملحوظ الذي نشاهده، وتراجع الصراع العربي -الصهيوني في سلم أولويات العالم، وهي قضية تختلف عن كل قضايا التحرر العالمية، لأنها ليست قضية تحرر فقط، بل قضية وجود أيضاً، ولا غرابة في القول إن الكيان الصهيوني ضالع بشكل مباشر، أو غير مباشر في كل ما يجري في المنطقة من أحداث دموية مؤسفة، لا سيما وأن تدمير الدول العربية، وشلَ مقدراتها الاقتصادية والعسكرية، كان، ولا يزال هدفاً «إسرائيلياً» معلناً من دون أدنى مواربة، تحت ما يسمى بضمان التفوق «الإسرائيلي» على العرب مجتمعين، وهو هدف يستدعي من وجهة نظر المخططين والموجهين لسياسات الكيان الصهيوني، إشغال العرب بصراعات جانبية طائفية، وإثنية وسياسية، واجتماعية، تبعدهم عن الصراع الوجودي الأهم مع هذا الكيان الاستعماري.
ويبدو من المفارقة القول إن الأحداث المؤسفة التي تشهدها منطقتنا العربية، قد تشكل جرس الإنذار الحقيقي لكل معني بإعادة الأمن والسلام إلى المنطقة، عبر إعادة توجيه الصراعات العربية إلى مسارها الطبيعي، وهو الصراع مع الكيان الصهيوني، بحيث تشكل فلسطين كما كانت دائماً، رافعة العمل العربي المشترك لحشد الجماهير العربية من جديد باتجاه بوصلة النضال الفلسطيني التحرري، خاصة في ظل انسداد أفق الحلول السياسية مع الكيان الصهيوني، وفي ظل العدوان «الإسرائيلي» المستمر على الشعب الفلسطيني، والأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار التوسع الاستيطاني السرطاني فيها.
ولن يتم ذلك إلا من خلال دعم الصمود، وإعادة الوحدة الفلسطينية، واستثمار المشاعر الإيجابية لحركة التضامن الدولية، وهو دور يبدو أن القيادة الفلسطينية معنية به أكثر من أي طرف آخر.
وأخيراً، يمكن القول إن أي تراجع في القضية الفلسطينية، وتبريد للصراع القومي مع الكيان الصهيوني، سيولد بكل تأكيد صراعات عربية عربية لا حصر لها، من شأنها إن استمرت، أو تصاعدت أن تسهم في تقدم المشروع الصهيوني على حساب أي مشروع عربي نهضوي، مهما كان نوعه، أو حجمه.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

2 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 10

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28