] كسر عظم أمريكي روسي - صيني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

كسر عظم أمريكي روسي - صيني

محمد الصياد
الجمعة 24 شباط (فبراير) 2017

في البداية كانت الصين، حين قررت في عام 1978 بإرادة حزبها الشيوعي الحاكم المؤمن بتطبيقات الاشتراكية، حين تولى قيادته دنغ شياوبنغ (22 أغسطس 1904 19 فبراير 1997) بين عامي 1978 و1992، تبني سياسة اقتصاد السوق. حيث تنبأ هذا القائد الصيني بأن أمام الصين نصف قرن لإنجاز عملية تحديث اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة. يومها كانت الصين دولة نامية كأية دولة نامية في جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وتايلند وأندونيسيا. علماً بأن نصف القرن الذي تنبأ به دنغ شياوبنغ ينتهي في عام 2028.
اليوم الصين دولة اقتصادية عظمى. فهي، بحسب صندوق النقد الدولي، تخطت الولايات المتحدة في نهاية عام 2014 باضطلاعها ب 17.632 تريليون دولار من إجمالي الناتج العالمي بمعادل القوة الشرائية، أي بنسبة 16.48%، مقابل 17.416 تريليون دولار (16.28%) للولايات المتحدة؛ وقوة عسكرية صاعدة، بدأت تفرض هيمنتها على الممرات المائية لخطوط التجارة العالمية في منطقة جنوب شرق آسيا بدءاً ببحر الصين الجنوبي المتجزئ من المحيط الهادي، والذي يشمل المنطقة الممتدة من سنغافورة ومضيق ملقا إلى مضيق تايوان، ومساحته تقارب 3500000 كم2، والذي تكمن أهميته في عبور ثلث الشحنات البحرية العالمية مياهه، فضلا عن توفره، كما يعتقد، على احتياطات هائلة من النفط والغاز الطبيعي تحت رمال قاعه. وهو مع البحر الأبيض المتوسط يُعدان أكبر بحار العالم بعد المحيطات الخمسة..وليس انتهاء ببحر الصين الشرقي، وهو بحر هامشي يقع شرق الصين، تبلغ مساحته 1249000 كم مربع ويمتد من تايوان شمالا إلى اليابان والكوريتين، وأهم الموانئ المطلة عليه شنغهاي وناغازاكي، كما يربط مضيق فرموزا بحر الصين الشرقي ببحر الصين الجنوبي.
ورغم الهدوء الذي أضفته الصين على عملها الدؤوب في السنوات الأخيرة لإسباغ تفوقها الاقتصادي على الجوانب الأخرى من القوة العظمى الصاعدة، إلا أن ذلك لم يحل دون إثارة حنق الدولة المحتكرة للزعامة العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
بعد ذلك جاء الدور على روسيا. فما أن تسلم فلاديمير بوتين مقاليد الأمور في البلاد في السابع من مايو عام 2000، حتى انهمك في عمل جبار ومثابر، ومن دون ضجيج، في استرداد ممتلكات الدولة من مافيا الأوليغارشية التي نهبتها في معمعان فوضى انهيار الاتحاد السوفييتي وكاريكاتورية عهد الرئيس السابق بوريس يلتسين، وإعادة انعاش اقتصاد البلاد وانهاضه لتعود روسيا إلى سابق عهدها كدولة عظمى، وهو ما تحقق في ظرف عشر سنوات. هنا تفطّن حكام الولايات المتحدة وأوروبا الغربية للصعود الجديد اللافت لروسيا على الصعيدين الاقتصادي والعسكري (وصلت معدلات نموها إلى حوالى 6% في المتوسط، وصارت تتوفر على حوالي 600 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية الأجنبية). هذا بخلاف تجديد وتطوير صناعاتها العسكرية، الفضائية والصاروخية والبحرية. هنا بدأت حملة شيطنة الرئيس الروسي بوتين في الإعلام الأمريكي والأوروبي الغربي، بعد أن بدأت تتضح شيئاً فشيئاً طموحاته العالمية غير المسبوقة، ومنها مشاريع طريق الحرير الضخمة مع الجيران لاسيما الصين، وتوسيع دائرة التجمعات الاقتصادية التكاملية مثل «بريكس» و«منظمة شنغهاي للتعاون»، والبوح علنا بالهدف الأوروآسيوي ذي الفضاء الاقتصادي والاستراتيجي الأوسع نطاقا.

أما وقد تنبه الأمريكيون والأوروبيون الغربيون الذين اعتقدوا أنهم تخلصوا من عدو تاريخي هو روسيا بغض النظر عن طبيعة السلطة القائمة فيها، إلا أن روسيا، هذا العدو اللدود، قد نهض ثانيةً لمنافستهم ومقارعتهم بنفس الروح الوثابة، فقد تحولوا من جديد للمجابهة المفتوحة معها، مثلما قرر الأمريكيون تحريك ثقلهم العسكري باتجاه شرق آسيا للتصدي العسكري والسياسي والدبلوماسي المفتوح للصين الصاعدة بقوة في تلك المنطقة الحيوية من العالم.
روسيا والصين أدركتا، بالخبرة التاريخية، استحالة وصولهما إلى القمة التي يسعيان لبلوغها في ظل نظام الهيمنة الذي أقامته الولايات المتحدة بعد بروزها كقوة عظمى في العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945. لذلك، فقد اهتديتا، على الأرجح، إلى خلاصة مضمونها أنه لابد من تفكيك بنية هذا النظام حتى لو تطلب الأمر الإقدام على «مغامرة» ما تهدف لتحقيق اختراق سياسي داخل هيكل السلطة الأمريكية. وقد تكون المساهمة غير المنظورة في تصعيد دونالد ترامب وفريقه الجديد إلى السلطة في البيت الأبيض، ولاحقا في بعض البلدان الأوروبية الغربية المنتقاة بناءً على معطيات موضوعية، واحد من تلك الخيارات المغامِرة التي ربما تكون روسيا قد جربت خوضها


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28