] منع تعيين فياض مبعوثا دوليا إلى ليبيا .. قرار أميركي أم إسرائيلي؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 13 شباط (فبراير) 2017

منع تعيين فياض مبعوثا دوليا إلى ليبيا .. قرار أميركي أم إسرائيلي؟

خميس التوبي
الاثنين 13 شباط (فبراير) 2017

حالة الانتشاء التي بدا عليها كيان الاحتلال الإسرائيلي من قيام الولايات المتحدة بمنع تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثًا دوليًّا خاصًّا إلى ليبيا، لن تكون آخر حالة تعبيرية، كما لن يكون هذا الموقف الأميركي ـ المعبِّر في ظاهره عن حقيقته وجوهره الإسرائيلي آخر موقف أميركي في ظل إدارة جمهورية يمينية متطرفة.
لقد عدَّ سفير كيان الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون منع تعيين فياض مبعوثًا دوليًّا إلى ليبيا أنه يشكل عهدًا جديدًا، ويؤكد وقوف إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى جانب كيانه في الساحة الدولية إجمالًا والأمم المتحدة على وجه الخصوص، إزاء ما وصفه بخطوات مناوئة للكيان المحتل في هذه الهيئة، في حين بررت نيكي هيلي، المندوبة الأميركية الجديدة في الأمم المتحدة رفض بلادها تعيين فياض نظرًا لما وصفته بـ “الرسالة الضمنية” التي كان سيوجهها هذا التعيين لصالح السلطة الفلسطينية وعلى حساب كيان الاحتلال الإسرائيلي.
إن ما جاء على لسان ذينك المسؤولين (الإسرائيلي والأميركي) لا يؤكد فقط أن التقاطع مع الإسرائيلي علامة فارقة في تاريخ الحليفين الاستراتيجيين (الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي)، وإنما يؤكد إمكانية رؤية نقطة تحول ومنعطف تاريخي جديد يرسم معادلاته استكمالًا لما بدأته الإدارتان السابقتان (إدارة الرئيس جورج بوش الصغير وإدارة الرئيس باراك أوباما) على رقعة شطرنج المنطقة، أخذت ساحاتها تنفتح لمزيد من النقلات التي يريدها كل من الحليفين الاستراتيجيين الأميركي والإسرائيلي، بدعم واضح ولافت من أعراب وإسلامويين، وتشي بأنها لن تتوقف هذه النقلات عند وضعها الحالي دون أن تحسم أهدافها ومشاريعها بإعادة رسم خريطة المنطقة بمسح كل ما يُذكِّر بشيء اسمه فلسطين، والقضية الفلسطينية، وأن هناك قوة قائمة بالاحتلال اسمها “إسرائيل”، بل هي دولة طبيعية ويجب أن تكون كذلك تتمتع بعلاقات طبيعية ودبلوماسية مع بقية دول المنطقة.
ولعل ما يؤكد حالة التقاطع والانسجام والتنسيق العالي بين الحليفين الاستراتيجيين (الأميركي والإسرائيلي) نحو طمس فلسطين ومسحها من خريطة الوجود، ومن التاريخ الإنساني ومن الوجدان العربي والإسلامي، هو حرصهما على أن لا يقتصر هذا الطمس على هوية الدولة الفلسطينية والوطن الفلسطيني، وإنما ينبغي أن يتعدى إلى الشخصيات الفلسطينية التي تمثل ثقلًا سياسيًّا أو مقاومًا حتى لا تكون عاملًا لإنعاش الذاكرة الجمعية في العالم عامة والوطن العربي خاصة، مع أهمية إمعان النظر إلى الدولة التي يراد أن يكون سلام فياض مبعوثًا دوليًّا خاصًّا إليها، ألا وهي ليبيا التي هَنْدَسَ تدميرها الصهيوني المتطرف برنارد هنري ليفي عبر آلة الحرب المسماة “حلف شمال الأطلسي”؛ لكونها الدولة التي كانت تنام على همٍّ اسمه فلسطين والقضية الفلسطينية، ودعمت الشعب الفلسطيني ومقاومته، ولم تدس أنفها في الرمال أو تاجرت بالقضية كما تاجر ويتاجر ونافق وينافق الآخرون، ولا يزال يدير مخطط تدميرها ونشر الفوضى فيها المدعو هنري ليفي عبر عملائه، سواء كانوا في صورة دول أو في صورة “ثوار”؛ لذلك ـ وكما قالت نيكي هيلي المندوبة الأميركية الجديدة في الأمم المتحدة ـ سيوجه تعيين سلام فياض رسالة ضمنية لصالح السلطة الفلسطينية ولصالح فلسطين على حساب كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي حرصت إدارة ترامب أن لا تُقْدِمَ على هذه الخطوة حفاظًا على مشاعره من جهة، وتأكيدًا على موقفها الثابت نحو مخطط إسقاط دول المنطقة وخاصة التي تناصب الاحتلال الإسرائيلي العداء وتناصر مقاومته من جهة أخرى. كما أن تولي عربي وفلسطيني الهوية منصب مبعوث دولي إلى ليبيا لا يخدم مخطط تدمير ذلك البلد؛ لاحتمال أن يلعب دورًا لا ينسجم مع ما يريده مدمرو ليبيا، على عكس الشخصيات غير العربية التي تولت هذه المهمة.
ومع اليقين بأن حظر إدارة ترامب تعيين سلام فياض أميركي الظاهر إسرائيلي الجوهر، إلا أن وقعه لن يكون أكبر مما جاءفي المقطع الذي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي ويظهر فيه رأس من بين قطعان المستوطنين يعاير الفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين عبر مكبر الصوت في مدينة الخليل وساخرًا منهم بقوله: وينهم العرب وين؟ تركوكم لحالكم وصاروا معنا. فالحدث الأول تعبير وتوكيد صادقين لما ورد في الحدث الثاني؛ لكونهما إحدى النتائج المرادة من مخطط ما سمي زورًا “الربيع العربي”.
واضح إذن، أن قدر الفلسطينيين ومن يدعم مقاومتهم أن يواجهوا أعتى حملات الاستهداف، وأن يكونوا في مواجهة مع أعداء غير مسبوقين سقطت أقنعتهم، كانوا في الظل لعقود يتاجرون ويسمسرون، وإذا كان ما سمي كذبًا “الربيع العربي” أسقط الأقنعة فإن أي مواجهة قادمة مع المحتل ستُسقط مزيدًا من الأقنعة، وستكشف مزيدًا من النفاق.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2336793

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 5

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28