] مواجهة الاستيطان - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 13 شباط (فبراير) 2017

مواجهة الاستيطان

هاشم عبد العزيز
الاثنين 13 شباط (فبراير) 2017

‫‎‎في تواصل مستمر للإجهاز الكامل على الحقوق وتصفية القضية الفلسطينية، كان دونالد ترامب أثناء خوضه منافسات الانتخابات الرئاسية الأمريكية أطلق وعده بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، ثم جاء احتفال الحكومة البريطانية، واحتفاؤها برئيس الوزراء الـ«إسرائيلي» نتنياهو بمناسبة الذكرى الـ100 لوعد بلفور.. وبين هذا وذاك، أطلق الكيان الصهيوني أكبر مشروعاته الاستيطانية لبناء ستة ألاف وحدة سكنية في القدس الشرقية، والضفة الغربية.
الهجمة الاستيطانية تبدو كاسحة، وتعيد إلى الأذهان صور العربدة الإرهابية الصهيونية والحروب الوحشية بجرائمها ضد الإنسانية التي كانت محط دعم وحماية استعمارية والتي نالت الفلسطينيين في وجودهم وحقوقهم وطالت العديد من البلدان العربية.
ومع أن هذه النزعة لا تزال مستحكمة بساسة الكيان إلا أن ما يبدو واضحاً هو أن الكيان جعل من زيارة لندن محطة عبور إلى دول أوروبية لتغيير موقفها من الاستيطان، وبصورة معاكسة لقرار مجلس الأمن في شأن هذه القضية، الذي استنكر الاستيطان بصورة واضحة وقاطعة.
التحرك في هذا الشأن وفي اتجاه إجهاض الإجماع الدولي الذي وضع «إسرائيل» محل إدانة لسياستها الاستيطانية وفي عزلة دولية لن يتوقف، وهنا تصير فلسطينياً وعربياً قضية المواجهة واجباً قومياً لما يعنيه ذلك من مساس بالحقوق، وفي المقدمة قيام الدولة الفلسطينية.
هنا يمكن القول إن المخاطر ستبقى محدقة بالعرب لكن الأضرار الفادحة تأتي من أخطائهم. وفي هذا السياق هناك:
أولاً: الانقسام الفلسطيني الذي يتداعى على الوضع الفلسطيني وحياة الناس وعلاقاتهم، ويمثل المناخ الذي يخدم أعداءهم بإضعاف وحدتهم والانشغال بخلافاتهم واحتباس المنقسمين في مصالحهم.
إن اتفاقات المصالحة فاقت حدّها، ولكنها افتقدت إلى بدء خطوة لتحقيقها، ما يعني أن الانقسام صار حالة لابد من مواجهتها فلسطينياً وعربياً، ليستعيد الوضع الفلسطيني عافيته الوطنية التي هي قوة وإرادة الشعب الفلسطيني في مواصلة مقاومة الاحتلال.
إن إعادة تفعيل الشارع الفلسطيني في اتجاه المقاومة الشعبية وإعادة حضور القضية الفلسطينية، عربياً وإنسانياً، من شأنها خروج الوضع الفلسطيني من حالته المأزومة جراء الانقسام، والمبادرة هنا مطلوبة من كل القوى التي ترفض استمرار الانقسام.
ثانياً: التفكك والتشرذم العربي الذي ألحق ضربة قاصمة بالتضامن العربي، وحوّل المنطقة العربية إلى جزر سابحة في أوصال الأزمات المتفجرة والمتفاقمة، وأتاح المجال للتدخلات الخارجية.
إن لدى العرب إمكانات هائلة إذا ما توفرت الإرادة والرؤية والآلية الفاعلة، عندها سيكون العمل العربي ذا شأن باتجاه استعادة العافية والقدرة على المواجهة وتأمين سياج عربي في وجه ما تتعرض له الأمة عموماً، والقضية الفلسطينية خصوصاً.
هنا يمكن القول إن الجامعة العربية مطالبة بمباشرة العمل على عملية إحياء المشروع العربي الذي كانت اتجاهاته تبلورت بالتفاهمات حول الأمن القومي العربي. والمؤكد أن الوصول إلى هذه المحطة للانطلاق العربي يبدأ بتنقية الأجواء العربية التي أساسها المصارحة والمصالحة وإعلاء شأن المصلحة العربية.
ثالثاً: إهدار الفرص، في هذا الشأن أمام العرب والفلسطينيين قرار مجلس الأمن حول الاستيطان الذي يجب أن يكون موضوعاً مثاراً أمام الأمم المتحدة ولمتابعته وتنفيذه، وفي التواصل مع الأطراف الدولية.
إن التعامل مع هكذا قضية على أساس أن «إسرائيل» لا تعير اهتماماً لقرارات الشرعية الدولية يجب أن ينطلق من أمر بديهي أساسه عدم إعفاء المجتمع الدولي من مسؤوليته في تطبيق قرارات اتخذها ضد الكيان الصهيوني.
إن قرار إدانة الاستيطان لم يأت جزافاً، ولكنه كان أقرب إلى مخاض تاريخي جاءت ولادته نتيجة الاندفاع الصهيوني في التهام الأراضي الفلسطينية.
إن الاستيطان بات قضية القضايا التي يجب أن تأخذ مداها والمفترض أن تتحول إلى قضية عربية، ليس إعلامياً فقط، بل يجب تجسيدها سياسياً ودبلوماسياً، وأن يكون ذلك في جوهر علاقة كل دولة عربية مع الغير.
إن التعاطي العربي والفلسطيني تجاه الاستهتار «الإسرائيلي» بحقوق الفلسطينيين، خاصة هدم منازلهم، ونهب أرضهم، يجب أن يقوم وفق آلية عربية فلسطينية تنطلق من الجامعة العربية، وتضم ممثلين لبلدان عربية فاعلة مثل مصر والعربية السعودية والإمارات والجزائر والأردن وفلسطين، يكون من بين مهامها، إضافة إلى موضوع الاستيطان، حمل الدول الأوروبية وغيرها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وجعل مواجهة الاستيطان مسألة مصيرية. -


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28