رغم تأكيده الصريح وتشديده على حل الدولتين كركيزة أساسية للوصول للسلام في الصراع العربي الإسرائيلي، الا ان عدم مشاركة الطرفيين الأساسيين للصراع – اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية – في مؤتمر السلام للشرق الأوسط الذي انعقد وانفض الأحد الخامس عشر من يناير الجاري بالعاصمة الفرنسية باريس، اعتبره المراقبون نقيصة في حق هكذا مؤتمر يناقش قضية مفصلية مازالت تداعياتها توصف بالدامية، وأحدثها عملية الاقتحام العسكري التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي صباح أمس ببلدة الحيران بالنقب وراح ضحيتها فلسطيني واسرائيلي.
وفيما وصفت اسرائيل المؤتمر على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالعبثي في بادرة مبكرة بإعلان النية عن عدم الالتزام باي من مقررات هذا المؤتمر، الا ان نتائجه التي وصفها بعض المراقبين بالهزيلة، يعتبرها البعض الآخر منهم بأنها قوية وتبعث بأمل استمرار الالتفاف الدولي حول أحقية الطرفين في العيش بسلام، وذلك في وقت ما زال يعاني فيه الفلسطينيون الأمرين من مماطلة اسرائيل بشأن عمليات السلام وإبطاء انزال بنودها إلى أرض الواقع.
إن ما يؤكد استمرار الالتفاف الدولي حول هذه القضية الهامة رغم عدم وضوح الصورة بشأن عدم مشاركة الفلسطينين انفسهم في هذا المؤتمر، يتضح هذا الالتفاف في حجم المشاركة الدولية فيه، حيث بلغ عدد المشاركين حوالى سبعين دولة وهيئة ومنظمة دولية، مع مسارعت جامعة الدول العربية ايضا للمشاركة فيه رغم تراجع دورها ووميضها عربيا في الفترة الأخيرة، بالاضافة الى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة ومنظمة التعاون الاسلامي وغيرها.
ولكن رغم هذا الزخم في حجم المشاركة الذي يعتبر خطوة ايجابية وذات بعد معنوي على الأقل بالنسبة للشارع الفلسطيني، الا ان استناد الحل بشكل اساسي على الجانب التفاوضي من اجل الوصول إلى حل الدولتين، ودون السعي إلى ايجاد ضمانات تؤدي للضغط على الطرفين خصوصا اسرائيل من اجل الجمع بينهما حول طاولة المفاوضات بهدف انزال حلم الدولتين إلى ارض الواقع، هو احد الأسباب التي دعت المتشائمين إلى وصف مخرجات المؤتمر بالهذيلة.
ولكن كيفما كانت نتائج المؤتمر ليست بمستوى الطموح، الا ان مجرد انعقاده في المجمل وبهذا العدد الكبير من الحضور الدولي، يعتبر بمثابة رمية حجر على بركة راكدة، الا وهي هي بركة السعي للسلام العربي الفلسطيني، في ظل تعنت الاسرائيليين وتعاليهم بشأن كل ما يتعلق بالحق الفلسطيني في الحياة، وايضا في ظل حالة الانقسام التي يعيشها الفلسطينيون انفسهم، جنبا إلى جنب حالة التردي التي يعيشها الوضع العربي بشكل عام.
وعليه يمكن الاستبشار بأقل المؤشرات، غير انها يمكن ان تكون الأقوى، وهي ان مشاركة الاتحاد الاوروبي كمجموعة اوروبية بالاضافة الى الدول الأخرى التي تنضم تحت لواء جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، فضلا عن الامم المتحدة، وتأكيد كافة هذه المجموعات على اعتماد حل الدولتين والتنادي به، يعتبر في حد ذاته وسيلة لسد الطريق أمام اي محاولات من جانب اسرائيل لاغراء الدول الاوروبية على سبيل المثال لنقل سفاراتها الى القدس المحتلة، طالما ان القدس نفسها هي المفصل الاساسي في صيغة حل الدولتين التي أكد عليها مؤتمر باريس لسلام الشرق الأوسط ، وهو الأحدث في هذا الجانب. وبذلك نأمل في ان يعزز الفلسطينيون استفادتهم من هذه النتائج ويدفعوا بجهودهم الدبلوماسية لتحقيقها.
الخميس 19 كانون الثاني (يناير) 2017
قراءة في مؤتمر سلام الشرق الأوسط
طارق أشقر
الخميس 19 كانون الثاني (يناير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
44 /
2352741
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
20 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 20