] من المؤسف ..! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2017

من المؤسف ..!

زهير ماجد
الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2017

فرض الإسرائيليون على أنور السادات ضمن صفقات كامب ديفيد، وقبل أن يقبلوا بأي تقارب مع مصر أن يلغي السلام الجمهوري أولا والذي كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر قد وضعه بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بعدما وضع كلماته الشاعر صلاح جاهين وغنته أم كلثوم وعنوانه “والله زمان يا سلاحي” بالنشيد الحالي “بلادي” .. حين سألت أحد الشباب المصريين عن هذا النشيد الأول تلعثم في الرد وتبين أنه لا يعرف عنه شيئا .. تماما مثلما سألت أحد الشباب الفلسطينيين عن أغنية “أصبح عندي الآن بندقية” التي كتبها نزار قباني وغنتها أم كلثوم فوجدته لا يسمع بها أيضا .
من المعيب أن أثمن ثمرات النضال تغيب عن جيل وهي في الأحرى يتم تغييبها بحكم الخلاص منها، مع أنها أنبل فن ظهر في لحظات مصيرية، تماما كالأغنية الثورية الفلسطينية التي رافقت العمل الفدائي الفلسطيني والتي تمنع من الإذاعات الفلسطينية بل تحجب عن جيل بكامله، وهي التي أرخت زمنا كان فيه النضال الفلسطيني في أوجه، وكانت فلسطين على بعد أمتار كما قال نزار قباني أيضا. بل إن أغنية “فدائي” تم تحويرها إلى كلمة “بلادي” عندما تحولت إلى النشيد الوطني الحالي، ربما أيضا بناء على طلب الإسرائيلي في أوسلو .
النشيد الوطني يعني عمق التراث الوطني لأي شعب من الشعوب، ولعل أكثر ما استفز هتلر، ما جرى في اتفاق فرساي إثر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، حين فرض عليها أن تلغي النشيد الوطني من الإذاعات الألمانية ومن تحية الصباح للطلاب والجنود. اعتبرها هتلر أكبر إهانة وجهت للشعب الألماني بل لتاريخ بلاده .
أتأسف أن أقول إننا لو أجرينا فحصا لمعظم شعوبنا العربية حول نشيدها الوطني، فلن نجد العدد الكافي الذي يحفظه عن ظهر قلب، إضافة إلى الأغنية الوطنية تبدو وكأنها غابت عن الإعلام العربي .. ومن نافل القول، إن مجتمعنا العربي بحاجة ماسة اليوم إلى الأغنية الوطنية فهي دفع لإحساس عاطفي، وإيقاع صارخ للعلاقة بين الإنسان ووطنه، وهي أيضا تحريض نافع في زمن التفكير بالمصير .. وكانت جل الحروب الأولى تقوم على شحن المقاتل بالإيقاعات الصاخبة من أغانٍ ودقات طبول من أجل تعبئة النفس إلى مداها الأقصى .
دافعي إلى هذه الكتابة، خلو المحطات الفلسطينية بالدرجة الأولى من أغنيات وطنية مصممة خصيصا وموجودة في الأصل في أرشيفها، أنا ما زلت أحفظ جلها عن ظهر قلب .. إضافة إلى غياب مماثل للأغنية الوطنية من كثير من الإعلام العربي، ومن المؤسف أن هذا النوع من الغناء المطلوب، كان أساس مرحلة، كان فيها عمالقة كبار من شعراء وملحنين وموسيقيين ومغنين ألهبوا جيلا بكامله بأناشيد وأغنيات لم تكن تهدأ على مدار الساعة. ثمة من يكتب أو يقول، إن هذا النوع من الفن لم يؤدِّ إلى نتيجة، بل هو كان كالمخدر الذي أدى إلى تلك السقطات والهزائم العربية. والحقيقة، أن الأغنية الوطنية تؤصل مرحلة دون أن يعني أنها تربح معركة أو حربا، هي مساهمة ضرورية في أوقات المصير الوطني لإبقاء الشعب متأهبا من أجل بلاده ومدافعا عنها ومستعدا للموت من أجلها. وجود هذا الغناء ضرورة لا بد منها وبشكل خاص عندما تكون هنالك قضية كبرى كقضية فلسطين يجري العمل من أجلها بطرق مختلفة .


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 5

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28