] رسائل «خيام العودة» للمجلس الوطني الفلسطيني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 4 أيار (مايو) 2018

رسائل «خيام العودة» للمجلس الوطني الفلسطيني

محمد السعيد ادريس
الجمعة 4 أيار (مايو) 2018

من يتأمل جلسات المجلس الوطني الفلسطينية التي بدأت في رام الله مساء الاثنين الماضي والتي اختتمت أمس الخميس، وما سبقها من سجال حاد بين العديد من الفصائل الفلسطينية ورئاسة السلطة، سواء حول ضرورة أو عدم ضرورة انعقاد المجلس، في ظل الانشقاق والانقسام الفلسطيني الحاد، أو حول مكان الانعقاد الذي يمنع مشاركة الكثيرين من أعضاء المجلس في جلساته، ويقارنها بالحالة الشعبية المتصاعدة في قطاع غزة، على وجه الخصوص، منذ إحياء الفلسطينيين ذكرى يوم الأرض (30 مارس/ آذار الفائت)، والإصرار الشعبي كل يوم جمعة على استمرار تظاهرات «مسيرة العودة»، واقتراب «خيام العودة» المنصوبة على طول خط الحدود مع الكيان أكثر وأكثر من تلك الحدود، استعداداً ليوم «الزحف والعودة» مع احتفالات دويلة الاحتلال بعيد تأسيسها السبعيني يوم 14 مايو/ أيار الجاري، من يقارن ويتأمل هذا كله في مقدوره أن يستنتج ببساطة أن الفجوة تتسع يوماً بعد يوم بين موقف القيادة الفلسطينية في السلطة وفي المنظمات الفلسطينية المتناحرة، وبين الحالة الشعبية المتطلعة للعودة والمستعدة لكسر طوق الحدود المفروض على الوطن المحتل.
لم تقدّم قيادة المنظمة إجابات مقنعة لإصرارها على انعقاد دورة المجلس الوطني الفلسطيني المتغيب عن الانعقاد منذ 22 عاماً (آخر جلسة عقدت كانت عام 1996)، في ظل الانقسام الوطني الحاد الذي أفشل جلسات المصالحة الوطنية والذي تنكشف جذريته يوماً بعد يوم، بسبب تناقض الرؤى والسياسات ذات العلاقة بالمصير الفلسطيني في ظل ما يحدث الآن من تصفية للقضية بإجراءات أمريكية - «إسرائيلية»، ستبلغ ذروتها بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في منتصف الشهر الحالي. ولم تقدّم قيادة المنظمة أي تفسير لإصرارها على عقد هذه الدورة للمجلس الوطني الفلسطيني، الذي يُعدّ بمثابة برلمان في الداخل والشتات، في رام الله التي يتعذر على كثير من أعضاء المجلس الدخول إليها، ولم تكترث قيادة المنظمة بقرار الجبهة الشعبية مقاطعة المشاركة في هذه الدورة وحيثيات هذا القرار التي تتضمن رؤى عميقة لسبل النهوض بمنظمة التحرير الفلسطينية، ولم تكترث قيادة المنظمة بقرار حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مقاطعة هذه الدورة، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبياً في قوة أية قرارات تصدر عن هذه الدورة، رغم إدراك الكثيرين أن هذه الدورة لن تقدّم جديداً بالنسبة للقضية الفلسطينية والتحديات التي تواجهها، وأن كل ما يمكن أن تحققه هو إضافة عضوية جديدة للمجلس الوطني لتحل محل عضوية أعضاء كثيرين تقرر إبعادهم أو قرروا هم الابتعاد، إما لكبر السن أو للمرض وتعذر مشاركتهم، وأن الدورة الحالية للمجلس الوطني لن تقدّم رؤى وسياسات جديدة يكون في مقدورها إفشال «المخططات الأمريكية والإسرائيلية».
هذا الاستنتاج دفع الكثيرين إلى التأكيد بأن دورة المجلس الوطني الفلسطيني التي أصرّ الرئيس محمود عباس على انعقادها في التوقيت الذي أراده وفي المكان الذي حدده، ستؤدي إلى مزيد من تعزيز التفرد بالقرار الوطني، وتمرير سياسات تتساوق مع الأفكار والسياسات الأمريكية - «الإسرائيلية»، وإحداث المزيد من الانقسام الوطني الفلسطيني، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار إصرار أبو مازن، كشرط للمصالحة الوطنية مع حركة «حماس»، «أن تقدّم الحركة كل شيء فوق الأرض وتحت الأرض» للسلطة.
رئاسة السلطة تريد بذلك إفراغ القطاع من مقومات المقاومة على غرار ما فعلت «بمنهجية مدروسة» مع سلطات الاحتلال في الضفة الغربية، وأن إصرار الرئيس الفلسطيني على انعقاد دورة المجلس الوطني بغياب كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، يستهدف التفرد بسياسات بعيدة كليّة عن خيار المقاومة الذي أخذ يفرض نفسه على المستوى الشعبي مع اقتراب «خيام العودة» من الحدود على طول خط الحدود مع الوطن المحتل، الأمر الذي أخذ يعيد إلى أذهان قادة «إسرائيل» كابوساً ظلوا يتخوفون منه، يجسد في اقتحام مئات الآلاف من الفلسطينيين تلك الحدود غير عابئين بسقوطهم شهداء، ليؤكدوا للعالم كله أن فلسطين هي وطنهم ولن تكون أبداً لغيرهم. وعندها ستكتشف قيادة المنظمة ورئاسة السلطة مدى انعزالها عن شعبها ومدى عبثية مقرراتها مقارنة بالإرادة الشعبية الفلسطينية، التي سيكون في مقدورها فرض ولادة خيارات فلسطينية أخرى بديلة عن كل الخيارات العاجزة والمفروضة على القضية الفلسطينية، خيارات جديدة تتجسد معالمها في كل ما يموج داخل «خيام العودة» المنصوبة على طول خط الحدود من رؤى وأفكار من شأنها أن تبلور مشروعاً وطنياً جديداً يستعيد الوطن المحتل.. تأمل أن تصل رسائله إلى القيادة الفلسطينية قبل العدو.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 22

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28