ليس كل ما تتمناه دول من حروبها سوف ينفعها، بل أحيانا تصبح لعنة أو فخا. سوريا مثال، والحروب عليها، وقبلها الحرب الإسرائيلية على حزب الله، وقبل القبل حرب يونيو 1967، وربما اجتياح لبنان في جزئه اللبناني…
من الصعب أن يفكر أي عاقل في أي حكم بحرب مهما كان سببها .. قد تكون استفتاء كردستان شهية للبعض، لكن التورط فيها مشكلة، سيعلق أي فيها، مثلما علق الأميركي في العراق فذاق الويل .. وخصوصا عندما يحارب على أرض الغير، في كل أرض تسكن روح قاهرة يصعب إذلالها أو القضاء عليها.
قوة الإسكندر الكبير لم تستطع احتلال مدينة صور الصغيرة جدا، ظلت تقاومه شهورا، سقط كبرياؤه قبل أن يسقط جيشه، إذ لم يعد مهما إن دخلها بعدها، لا قيمة لذلك .. ومثله القائد الفارسي ارتحششتا الذي حاصر صيدا ولم تسلم له فحرقت نفسها كي لا تسقط أسيرة، أجمل النار هي التي تأكل أجسادا بدل أن يأكلها الوحش البشري.
ثم إذا وسعنا الفكرة سوف نذهب إلى حروب أكبر كالحرب العالمية الثانية التي أدت أغراضا منها نقص المناعة عند الجيش النازي الذي ربح في البداية لكن مناعته أفقدتها أرض الآخر .. من هنا كان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد يردد أن ما يسمى بالانتصار في الحروب فخ للمنتصر .. بل ذهب المفكر العثماني عزمي مورلي إلى القول غداة الانتصار الإسرائيلي في حرب يونيو 67 أنها أول مسمار دق في نعش إسرائيل المنتصرة آنذاك.. ولهذا كان الشعار الذي رفعه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أن لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف له علاقة بالأرض التي انتزعت والتي ليست صحراء سيناء والجولان فقط، بل تشمل النكبة الفلسطينية الأولى أيضا (الأرض)، هناك سر في الأرض لا يفهمه إلا صاحبها.
تبدأ الحروب على أسس وخطط واضحة، وكلما طال وقتها تدخل في حيثيات غير محسوبة، وغير المحسوب عادة هو الذي يقلق صاحب الحرب ومفجرها، بل يأخذه إلى التوهان وإلى البحث عن مخارج، يستعين بها من كبار أو يرسل وفوده بطريقة غير مباشرة إلى من يقاتله.
لذلك إياكم التفكير بحرب ضد الأكراد وعلى أرضهم، افعلوا ما تشاؤون لكن لا تسيروا جيوشكم .. صدام حسين اجتاح عشرات آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي الإيرانية، ثم وصل به المطاف إلى الانسحاب، بل احتل الإيرانيون أرضا عراقية .. وحين قيل له إنه ربح الحرب، اكتشف أن الخسائر التي مني بها على كل الصعد، تحولت إلى كارثة وطنية، لم يكن أمامه سوى ارتكاب الفحشاء بالذهاب إلى الكويت مرغما.
ليس مبالغة ما تقوله أغنية سيد مكاوي من أن “الأرض بتتكلم عربي” .. صورة رمزية لكنها تعبير حي عن ما هو أبعد من الحس، قد يصل إلى حد لمسه.
حتى “داعش” وبقية التنظيمات الطارئة على أرض ليست لها، ها هي تمسك بمساحات شاسعة ثم تخسرها بالتقسيط وأحيانا دفعة واحدة.
فمن قال إن إسرائيل مشروع ثابت على أرض ليست لها .. هي مرحلة كثيرا ما عبرت في التاريخ ثم تغيرت وتبدلت. لا يمكن للإسرائيلي وخصوصا القيادي إلا وفي داخله شعور الخوف من هذه النقطة بالذات، لذلك هو محارب كي يحاول الخلاص منها، لكنه كلما فعلها حربا تورط فيها أكثر وصار توقيت رحيله مسألة وقت فقط.
السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017
حروب منتصرة مهزومة
زهير ماجد
السبت 30 أيلول (سبتمبر) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
44 /
2342227
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
36 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 37