ثمة نظرية تقول إنه إذا انتهت الحرب بين إسرائيل ومن ما زالوا يقاتلونها من العرب، فإن حربا أهلية قد تندلع في داخلها .. ما يدفع إسرائيل إلى التوحد بحجة وجود “عدو” عربي في مواجهتها يؤدي دائما إلى شحن عاطفي لكل إسرائيلي باتجاه فهمه لوحدة إسرائيل والحفاظ عليها..
وليس الأمر يختص بإسرائيل فقط، هنالك ما هو نظري الأبعاد يؤكد أن التنظيمات التي لم يعد يواجهها عدو تقود إلى قتال بعضها البعض..
يوم تعددت التنظيمات في بيروت إبان الحرب اللبنانية، عاشت تحت كونترول خارجي مما أبقاها هادئة بدون صادات في ما بينها، لكنها سرعان ما تقاتلت وقامت بتصفية نفوذ بعضها حين لم يعد ثمة وصاية عليها أو وجود عدو لها.
التنظيمات الإرهابية المسلحة الحالية عانت مشكلة وجودها في مساحة واحدة، فيما لم يجمعها أي جامع بل تكاره وعلاقات غير سوية .. بل إن قتالا شرسا بينها أدى أحيانا إلى تصفية تنظيم بكامله .. كانت الصورة تقول إن التنظيم الكبير يريد أن يأكل التنظيم الصغير، بل إن هذا الكبير الذي يتمتع “بأفكار” تختلف عن الصغير أو المجموعات الأخرى، سرعان ما يجد نفسه من أجل أن يبث أفكاره في محيطه ليوجد شعبية له، أن يقوم بتصفية الآخر الذي ينافسه في هذه المهمة.
المعلومات الواردة من إدلب مثلا، أن لا تعايش بين التنظيمات المتعددة التي تكره بعضها، لكن الدفاع عن الوجود، يجعلها أمام أمر واقع لا سبيل سوى خوضه وهو محاولة التفاهم مع الآخر. لكن الأمر قد لا يستمر على هذا المنوال، فقد ينفجر الوضع في ما بين تلك التنظيمات بلحظات، وقتالهم عادة يكون شرسا، لأن عامل تصفية الواحد للآخر هو الدافع.
تحاول تركيا التي ترعى جميع التنظيمات هناك، منع أية محاولة قتال بينهم. ليقوم تفاهم على الحد الأدنى من الأفكار.. فماذا يمنع تنظيما كبيرا وقويا وله بعد تنظيمي قديم مثل جبهة “النصرة” أن تقترب من تنظيمات صغيرة تكونت أثناء الحرب على سوريا وتستمد كل وجودها من مال يأتيها إضافة إلى السلاح ومشتقاته. لعلنا نتذكر مثلا، قتال “داعش” و”النصرة” وآلاف القتلى من الطرفين، قوتان كبيرتان لا يمكن تجانسهما أو توحدهما، يجب تصفية أحدهما من قبل الآخر، يظل كل منهما خائفا من خصمه الذي يعتبره بالفعل خصما إلى حد العداوة.
في المحصلة، إذا انتفى “العدو” بين التنظيمات في إدلب تحديدا، فسنرى العجب العجاب بينهم، وستكون هنالك قتالات متداخلة لن يتمكن أحد من إيقافها. لا تعايش كما قلنا بين المتوحشين، وبين الإرهاب والإرهاب الآخر، سر العداوة بينهما كامن في تطلع كل منهما إلى ريادة اللعبة العسكرية لتحقيق ريادة سياسية. لا بد في هذه الحالة أن تأكل النار نفسها.
باعتقادي إن تركت التنظيمات في إدلب للتعفن، لن يطول بها الوقت إلى الصدام الحتمي حتى لو كان هنالك من ينظم أمورها ويراقبها على مدار الساعة. صحيح أنها تتعايش الآن مع فكرة وجود مراقبين لوقف النار أو خفض التوتر، لكن ذلك قد يزيد في حمى التنافس، وسيسعى كل منها إلى استرضاء أو مخاصمة فعل الرقابة كي يؤكد ذاته كلاعب كبير في أية تسوية يتم الاتجاه إليها. لكنه يبقى الدم الفاسد الواحد.
الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017
الدم الفاسد الواحد
زهير ماجد
الجمعة 22 أيلول (سبتمبر) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
67 /
2351349
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
18 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 19