] إيكونوميست: نمو اقتصادي بطيء في السعودية ومنافسة قوية من تركيا وماليزيا في سوق “السياحة الحلال” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021

إيكونوميست: نمو اقتصادي بطيء في السعودية ومنافسة قوية من تركيا وماليزيا في سوق “السياحة الحلال”

السبت 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن محاولات إعادة خلق الاقتصاد السعودي البطيئة أكثر من المتوقع وتحت عنوان “ممنوع السائح لمكة” قالت فيه إن المملكة ليس لديها غير النفط الكثير من نقاط التسويق الفريدة.

وقالت في تقريرها من مدينة أبها “لولا الصور الموجودة في كل مكان للعائلة المالكة لنسي زوار أبها أنهم في السعودية”، مشيرة لانتشار أشجار العرعر على الجبال الخضراء والضباب الذي يخيم على الوديان حيث يربي المزارعون النحل ويأخذون العسل في الحقول المدرجة. وتصطف أفواج من قرود البابون على الطرقات باحثة عن الطعام وأحيانا تسرق أكياس الطعام من الزوار المطمئنين.

وطالما تدفق السعوديون إلى هذه المدينة التي تبعد 870 كيلو مترا عن العاصمة الرياض للهروب من حر الصيف. وسيكتشفها الأجانب قريبا، فقد خصصت هيئة الاستثمار العام 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار) لبناء فندق من 2.700 غرفة وعدد من الأماكن الجاذبة للسياح. ويأمل القائمون على المشروع أن تجذب المدينة بحلول 2030 مليوني سائح في السنة.

تعتبر السياحة جزءا مهما من رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد السعودي عام 2016 بهدف تخفيف اعتماد السعودية عن النفط

وتعتبر السياحة جزءا مهما من رؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد السعودي عام 2016 بهدف تخفيف اعتماد السعودية عن النفط. وتتوقع الحكومة أن تكون السياحة المصدر الأهم الموفر للوظائف الجديدة في القطاع الخاص، وبنسبة 10% من التوظيف والناتج المحلي العام. وقال وزير السياحة أحمد الخطيب “تعتبر الصناعة على رأس أجندة 2030”. ويأمل الوزير برؤية 100 مليون زائر محلي وأجنبي في العقد المقبل.

وتعلق المجلة أن السعودية لديها إمكانيات عدة غير مستغلة، مع أنها لم تبدأ بمنح تأشيرات سياحة إلا في عام 2019، ولكن المسؤولين يجدون صعوبة في الحديث عن السبب الذي يجعل 50 مليون سائح أجنبي يختارون المملكة على بقية الوجهات السياحية في كل عام. وهذا يؤشر لمشكلة أكبر تحوم حول جهد الإصلاح الاقتصادي.

فمن أجل تحقيق أهدافها على المملكة أن تجذب المستثمرين والشركات الأجانب. لكن المسؤولين يجدون صعوبة في تقديم المبرر الذي سيدفع هذه الشركات اختيار السعودية. وسيتم الحكم على محمد بن سلمان من خلال قدرته على خلق وظائف عمل جيدة لـ 21 مليون مواطن سعودي، ثلثيهم تحت سن الـ 35 عاما. فقد دفع وباء كورونا معدلات البطالة في الربع الثاني من 2020 إلى 15.4%. ثم انخفضت في الربع الثاني من 2021 إلى 11.3% وهي الأدنى منذ عقد. وهذا لأن السكان المحليين يعملون في مهن ذات مهارات متدنية والتي كانت العمالة الوافدة تقوم بها. ويعمل السعوديون اليوم في المتاجر ويصنعون القهوة، وهي مظاهر لم تكن معروفة منذ عقد. وخرجت المرأة للعمل أيضا، ويشكلن 28% من قطاع العمل السعودي أي بزيادة 16% عن الخمسة الأعوام الماضية. وترى المجلة أن انخفاض معدلات البطالة يأتي من معدل المشاركة المتدنية والتي انخفضت بنسبة 1.8% خلال النصف الأول من عام 2021.

فعلى الطرف الأعلى لسوق العمل لا توجد هناك وظائف كافية للمتعلمين السعوديين. ونصف العاطلين عن العمل في السعودية يحملون شهادة جامعية. أما في الطرف الأخر من السوق فالعمل الشاق يتولاه الوافدون الذين يتلقون أجورا متدنية. ولا تزال نسبة المواطنين في قوة العمل بالمبيعات لا تتعدى 24% و20% في قطاع الضيافة والخدمات. ونسبة 85% من العاملين في قطاع الإنشاءات وهو القطاع الذي يوفر الوظائف هم من الأجانب. ومع زيادة النمو في الاقتصاد ينمو سوق العمل معه. إلا أن الإستثمار الأجنبي المباشر الضروري للنمو لا يزال بطيئا. وبحلول عام 2020 أملت المملكة بأن تجذب 10 مليارات دولار من الاستثمار المباشرـ لكنه انخفض إلى 5.5 مليار العام الماضي. وفي الشهر الماضي أعلن الأمير محمد عن استراتيجية استثمار جديدة وعد فيها 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنويا وبحلول 2030.

وهذه مشكلة تعاني منها الحكومة، ففي العادة يقوم الوزراء بوضع أهداف طموحة ثم يفشلون بتحقيقها، ثم بعد ذلك يضعون أهدافا أعلى. وقال مستشار لشركة متعددة الجنسيات “ولي العهد لا تقدم له معلومات عن ردود الفعل والنتائج” وكل ما في الأمر “هناك الكثير من الرجال المطيعين”.

وفي الأحاديث الخاصة قد يعبر مستثمر عن قلقه من المناخ التجاري في بلد يحكمه رجل واحد. وشعر معظم المستثمرين بالخوف عندما احتجز الأمير عام 2017 عددا من رجال الأعمال الذين اشترى بعضهم حريته بالتخلي عن أرصدة تابعة له. وكانت الضريبة هي القلق الأكبر في مبادرة استثمار المستقبل الذي عقد هذا العام. وقدمت الحكومة لعدد من الشركات بمن فيها أوبر (وفرعها كريم في الشرق الأوسط) فواتير ضخمة عن ضرائب غير مدفوعة. ويخشى عدد من المدراء إن كان هذا ينذر بعملية ابتزاز للقطاع الخاص. وطلب من الشركات المتعددة الجنسيات أن تنقل مراكزها إلى المملكة بحلول 2024 أو خسارة عقود عمل مربحة مع الدولة. وأعلنت الحكومة في الشهر الماضي أن 44 شركة ومن ضمنها سيمنز ويونيليفر ستفتح مكاتبها في الرياض. وأثار التحرك لتذمر بين المدراء التنفيذيين العاملين في أماكن أخرى مثل دبي التي تتسم بمناخ أقل محافظة وتقدم وسائل خدمات أفضل.

وتواصل السعودية تخفيف القيود الاجتماعية المتشددة، فنهاية الأسبوع التي سبقت احتفالات الهالوين ازدحم الشباب السعودي في المحلات التي توفر المواد للاحتفال من أقنعة الشريرين والشياطين ولباس الممرضة المثير. وكانت هذه البضائع ممنوعة وإن وجدت فستكون محلا لزيارة الشرطة الدينية وقال صاحب المحل “لا سلطة لديهم علينا”، مع أن قلقه الأكبر هو اكتشاف أقاربه مصدر رزقه.

تواصل السعودية تخفيف القيود الاجتماعية المتشددة، فنهاية الأسبوع التي سبقت احتفالات الهالوين ازدحم الشباب السعودي في المحلات التي توفر المواد للاحتفال من أقنعة الشريرين والشياطين ولباس الممرضة المثير

ولم تعد الجدران الفاصلة بين الذكور والإناث موجودة في المطاعم الراقية ويتدفق الشباب لمشاهدة فيلم “ديون”(تل الرمال) الذي يتحدث عن أمير مرشح لزعامة مملكة صحراوية غنية. وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر تدفق مئات الألاف إلى الرياض لحضور حفلة غنائية لبيتبول.

وتأمل الحكومة أن تكون المتعة والترفيه مصدرا للربح. فالسعوديون يقضون معظم عطلاتهم في الخارج نظرا لعدم وجود وسائل الترفيه في بلادهم. وقدم الوباء صورة عن الكيفية التي يهرب فيها المال السعودي إلى لندن ودبي. ففي الربع الثاني من هذا العام زادت نسبة الحجز في الفنادق السعودية بنسبة 7% عن نفس الفترة في 2019، مع أن المملكة كانت مغلقة بشكل كامل للزوار. لكن لن يكون لدى السعوديين الكثير لينفقوه لأنهم يعملون في وظائف بأجور متدنية وقطعت الحكومة الدعم السخي عن الخدمات. فقد زادت أسعار البترول بنسبة الضعفين عن 2015، كما وأعلنت الحكومة عن بدء العمل بضريبة القيمة المضافة عام 2018 وزادتها من 5% إلى 15% العام الماضي.

وتقول المجلة إن صناعة السياحة تحتاج إلى استثمارات أجنبية. وخلافا لأبها فالسياح قد يأتون للتمتع بالشاطئ الطويل على البحر الأحمر أو آثار النبطيين في العلا. ولا يمكن لأحد أن يتهم مدراء السياحة بخلوهم من الأفكار الجديدة. ففي تشرين الأول/أكتوبر أعلنت هيئة الاستثمار العام عن مشروع سياحي جديد “ذا ريغ”(الحفارة) بهدف تحويل منصات التنقيب عن النفط إلى منتج سياحي. والمسؤولون مبتهجون حول كيفية تنافس هذا المشروع وغيره مع الوجهات السياحية الجديدة. وستفتح الفنادق الأولى على البحر الأحمر من تلك الفارهة، كما أنهم خجلون عندما يتعلق الأمر بالسماح بتناول الكحول، ويقول مسؤول “نعرف أن علينا التنافس في كل شيء”، وحتى لو فعلوا هذا فقد يؤجل السياح خططهم لقضاء عطلة مشمسة وعلى شواطئ البحر في بلد محافظ.

وفي مجال “السياحة الحلال” فستجد السعودية منافسة قوية من تركيا وماليزيا. ونفس الأمر ينسحب على الاقتصاد بشكل عام، فتخفيض الدعم والضرائب المرتفعة والعمالة المرتفعة الأجر أدت لتآكل نقاط التسويق التقليدية لسوق العمل السعودي التي كانت تجلب الشركات. وفي أبها كان السكان حتى حظر الحكومة لهم يقطعون أشجار العرعر للدفء عليها في الشتاء. وتخطط الحكومة كجزء من مشروع السياحة المحلية تشجير مليون شجرة وزراعة الأحراش في الجبال. وستكون مهمة طويلة، فالأشجار تنمو 5 سنتيمتر كل عام في المناطق الجافة. ورغم كل الحديث عن التغيير السريع فإن النمو البطئ لشجر العرعر قد يعطي صورة أو لمحة عن مستقبل الاقتصاد السعودي.

- 

إبراهيم درويش


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة دولية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

39 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28