] ملف اجتماع الكونفرنس بيروت- رام الله - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 9 أيلول (سبتمبر) 2020

ملف اجتماع الكونفرنس بيروت- رام الله

الأربعاء 9 أيلول (سبتمبر) 2020

على هامش لقاء الفصائل الفلسطينية

- منير شفيق

ماذا فهمت من خطاب الرئيس محمود عباس في اللقاء الذي جمع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الأوسلوية سابقا في رام الله، والمقاومة والمعارضة في بيروت؟

بكلمة واحدة: الرئيس “عند حطة إيدك”، عدا ما أبداه من انفتاح على الأمناء العامين كافة، وعدا إعلان خيبة أمله في أمريكا مع إبقاء التأكيد على جلوسه في مربع التسوية، ومنه يمد يد التعاون مع الأمناء العامين في بيروت لخوض مقاومة شعبية (على قياسه حتى الآن) ضد الضم وضد “صفقة العصر”.

أما كيف يقوِّم تجربة اتفاق أوسلو الكارثي، فكاد يقول بملء الفم إنه كان دوما على صواب، والمشكلة في تعنّت نتنياهو، وما جاء به دونالد ترامب من “حل” لم يبق له فيه شيئا. بل كاد يقول، لولا المناسبة، إنكم أنتم يا أمناء الفصائل كنتم على خطأ.

وبكلمة أيضا، لولا بقاء بصيص أمل (بصيص تعني حدا أدنى) في أن تأتي الخطوة الثانية بعد هذا اللقاء (الذي لا يخلو من حرج) باتجاه تصعيد المقاومة الشعبية إلى عصيان مدني، ومواجهة شعبية في الشوارع مع الاحتلال والمستوطنين، على غير قياس محمود عباس في المقاومة الشعبية، لما استحق هذا اللقاء أن يُرحب به، أو أن يقوّم بإيجابية، ولا سيما بعد إشارته بالحفاظ على الأمن ومنع فوضى السلاح (جرعة مخففة من “التنسيق الأمني”).

المشكلة في خطاب الرئيس محمود عباس أنه يريد من وحدة الفصائل أن تحشر “المشروع الوطني الفلسطيني” في مربع القرارات الدولية، والمسماة زورا بالشرعية الدولية

المشكلة في خطاب الرئيس محمود عباس أنه يريد من وحدة الفصائل أن تحشر “المشروع الوطني الفلسطيني” في مربع القرارات الدولية، والمسماة زورا بالشرعية الدولية، وكلها تعترف، بشكل أو بآخر، بشرعية الكيان الصهيوني، وذلك ابتداء من القرار رقم 181 لعام 1947، والذي تخلت عنه القرارات اللاحقة بعد 1967، لتعترف بما حصل من نتائج حرب 1948: نكبة فلسطين واحتلال 78 في المئة من أرض فلسطين بزيادة 24 في المئة مما أعطاه قرار 181 للكيان الصهيوني، وإقامة ما سمي بدولة “إسرائيل”، وتهجير ما يقارب من ثلثي الشعب الفلسطيني (اقتلاعه وتهجيره بقوة السلاح وبإرهاب المجازر). ثم يأتي الشرح هنا:

أولا: يجب التفريق بين قرارات صادرة عن هيئة الأمم وبعضها مخالف لميثاقها مثلا القرار 181 لعام 1947، إذ ليس من حقها أن تقسم فلسطين من جهة، وبين القانون الدولي الذي لا يعترف بكل ما أحدثه الانتداب البريطاني (1917-1948) من تغيير سكاني أو جغرافي في فلسطين (أي الهجرة اليهودية والاستيطان)، ويحصر حق تقرير المصير بالشعب الفلسطيني الذي كان يسكن فلسطين عام 1917 عام حلول الاستعمار من جهة أخرى.

ثانيا: الكيان الصهيوني لم يعترف، ولا يعترف بما يسميه محمود عباس “الشرعية الدولية”، أما الدول الكبرى التي كانت وراء قرارات الشرعية الدولية فتعترف بها لفظا، ولا تسعى لتطبيقها، ولا تطالب بها. بل تخلت عنها عمليا عندما اعتبرت أن “حل الدولتين” يقرره التفاوض المباشر، وهي تعلم أن الطرف الصهيوني لا يعتبر القرارات الدولية مرجعية، أو أساسا للتفاوض، مما يعني أن الدول الكبرى أيضا لم تعد متمسكة بهذه الشرعية إلاّ شكلا.

الكيان الصهيوني لم يعترف، ولا يعترف بما يسميه محمود عباس “الشرعية الدولية”، أما الدول الكبرى التي كانت وراء قرارات الشرعية الدولية فتعترف بها لفظا، ولا تسعى لتطبيقها

ومن ثم بأي منطق يريد محمود عباس أن يجر كل الفصائل إلى التورط في دخول مربع “الشرعية الدولية”؟ وهو ما لا يحق لأي منها أن تدخل فيه. لأن مَنْ دخلوه، أول مرة، حاولوا تغطية هذا الخطأ الاستراتيجي بحجة “دعونا نجرّب لعل وعسى”. أما اليوم فلا يحق لمحمود عباس أن يجرب المجرّب، ويصر عليه. ثم ما هو حال من يجربه من جديد حتى لو كان عقله مخربا؟

لقد آن الأوان، على ضوء التجربة التاريخية لمنظمة التحرير الفلسطينية من قرارات المجلس الوطني لعام 1974 حتى اليوم، أن تخرج حركة التحرير الوطني الفلسطينية من مربع ما يسمى بالشرعية الدولية ومربع البحث عن حلّ للقضية الفلسطينية غير حلّ ميثاقيْ “م.ت.ف” 1964 و1968؛ باعتباره الحلّ العادل للقضية الفلسطينية من جهة، وباعتبار كل التجربة التاريخية لإيجاد حل كانت فاشلة وغير واقعية ابتداء من قرارات هيئة الأمم، مرورا بالحلول التي طرحت على اختلافها، وفي الصدارة حلّ الدولتين من خلال “اتفاق أوسلو”، وصولا إلى الحل الذي طرحته “صفقة القرن” والردود الدولية والعربية عليها، ثم ما بين هذا كله حل الدولة الواحدة الوهمي، أو حل تفكيك نظام الأبارتايد الأكثر وهمية، من جهة أخرى.

باختصار، لا حل للقضية الفلسطينية غير حل ميثاقيْ 1964- 1968، أي حل تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. وإذا قيل إن هذا الحل غير ممكن الآن، حسناً إذن لنعترف بأنه لا حلّ الآن للقضية الفلسطينية. ولماذا نريد حلا غيره؟

هذا يعني أن نتعايش مع اللا حلّ كما تعايشنا معه منذ وعد بلفور والانتداب البريطاني حتى اليوم، وكما سيكون الحال لأمد طويل، أو متوسط القرب أو البعد. نعم نتعايش على صفيح ساخن، وضمن ما تقرره موازين القوى، ويُفرض من حروب، ومن هدن، ومن اعتداءات، وأشكال مقاومة. هذا ولدينا الحال الراهن في قطاع غزة والقدس والضفة الغربية ومناطق الـ48، وحيث اللجوء والهجرة.

الحلّ الوحيد الذي حمله ويحمله المشروع الصهيوني منذ نشأته حتى اليوم والغد، هو اقتلاع كل الشعب الفلسطيني، وإحلال المستوطنين اليهود والصهاينة في كل فلسطين، بزعمٍ مزوّر بأنها “أرض إسرائيل”. ومن يفكر في غير هذا فهو واهم، ولم يعرقله، أو يحدده، أو يتحكم بزمانه، إلاّ قانون موازين القوى والقدرة على التنفيذ وإمكان ذلك.

وهذا القانون الأخير هو الذي ينطبق على حلّ ميثاقيْ 1964-1968. وهو الذي ينطبق على مجريات الصراع وحال التعايش على الصفيح الساخن كذلك. ولا يستطيع أحد من دون فهم المشروع الصهيوني أن يفسر لماذا فشل حلّ الدولتين مع كل ما قدمه محمود عباس من تنازلات؛ ابتدأت بالاعتراف بالكيان الصهيوني على 78 في المئة من فلسطين، وما استتبعه من تنازلات في عهده حتى بلغ السيل الزبى بحلّ “صفقة القرن”.

لهذا ما ينبغي لمحمود عباس أن يسعى ليأخذ معه فصائل المقاومة إلى مربع التسوية و“الشرعية الدولية”. ويكفي أن يؤخذ من كل خطابه بند واحد هو لجنة تطوير المقاومة الشعبية باتجاه الانتفاضة والعصيان المدني طويلي الأمد، إلى أن يفرض على الاحتلال أن يرحل وتفكك المستوطنات

لهذا ما ينبغي لمحمود عباس أن يسعى ليأخذ معه فصائل المقاومة إلى مربع التسوية و“الشرعية الدولية”. ويكفي أن يؤخذ من كل خطابه بند واحد هو لجنة تطوير المقاومة الشعبية باتجاه الانتفاضة والعصيان المدني طويلي الأمد، إلى أن يفرض على الاحتلال أن يرحل وتفكك المستوطنات من الضفة والقدس وبلا قيد أو شرط، ليقوم “تعايش” جديد على صفيح ساخن في ظل موازين القوى الجديدة التي تتسّم بـ:

(1) ضعف عام أمريكي- غربي في ميزان القوى العالمي.

(2) تعدد قطبية عالمية في حالة تشيه الحرب الباردة.

(3) هزائم الجيش الصهيوني في أربع حروب، وانسحابه من جنوبي لبنان وقطاع غزة بلا قيدٍ أو شرط.

(4) انهيار دور النظام العربي (للأسف)، ولكن مع سمتين مهمتين:

أ- عدم القدرة على التحكم بالقرار الفلسطيني.

ب- هرولة بعض الدول للتطبيع يضعفها، ولا يقوي الكيان الصهيوني.

(5) الوحدة الوطنية الفلسطينية ضد الضم وصفقة القرن، والأمل في التحوّل إلى الانتفاضة، بما قد يفرض دحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات.

(6) محور المقاومة الذي أفقد الكيان الصهيوني سيطرته العسكرية، ونقل الصراع معه ومع أمريكا إلى مرحلة شبه التوازن الاستراتيجي، أو شبه توازن الردع الاستراتيجي.

من هنا، وعلى الضد مما توحي به “صفقة القرن” وهرولة بعض الدول باتجاه التطبيع كأن القضية الفلسطينية في طريق التصفية، فإن ما شهده لقاء رام الله- بيروت من توجه فلسطيني نحو الوحدة ضد “صفقة القرن” وضد الضم، يمكنه أن يُطوّر إلى انتفاضة شاملة موجهة ضد الاحتلال والاستيطان تُحدث تغييرا في ميزان القوى، وتجعل الأرض تميد تحت أقدام نتنياهو- ترامب.

اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية.. مسافات مملوءة بالخطابة!

- ساري عرابي

المسافة بين خطاب يتمسك بالمبادرة العربية، ويدعو لعقد مؤتمر دوليّ للسلام، أي يتمسك بالمسار الذي أفضى إلى الواقع الذي يفترض بأن اجتماع الأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية انعقد لمجابهته، وبين خطاب يدعو للقطيعة مع اتفاقية أوسلو، وتفعيل أشكال المقاومة كافّة ومنها العسكرية، هي مسافة بعيدة، نظريّا وواقعيّا، بيد أنّه والحال مرتبك، وظهر الفلسطينيين مكشوف، والأزمة مستحكمة، يفترض أن تقلّص توصيات المجتمعين من تلك المسافة.

قرّر المجتمعون أنّ المقاومة الشعبية هي الخيار الأنسب للمرحلة، في إطار التأكيد على حقّ الفلسطينيين في ممارسة الأشكال النضاليّة كافّة، وتشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة هذه المقاومة الشعبيّة الشاملة، وتشكيل لجنة أخرى لتقديم رؤية لإنهاء الانقسام، خلال خمسة أسابيع، ليناقشها المجلس المركزي لمنظمة التحرير بحضور جميع الأمناء العامّين.

وإذا كان قد مرّ وقت طويل دون ظهور إشارات على إطلاق مقاومة شعبيّة محدودة، فضلاً عن أن تكون شاملة، فإنّ الوقت غير بعيد لاكتشاف جدّية إنهاء الانقسام، على ضوء توصيات اللجنة، ومن خلال جلسة المجلس المركزي بحضور أمناء الفصائل التي لا تضمّها منظمة التحرير.

الوقت غير بعيد لاكتشاف جدّية إنهاء الانقسام، على ضوء توصيات اللجنة، ومن خلال جلسة المجلس المركزي بحضور أمناء الفصائل التي لا تضمّها منظمة التحرير

الخطاب الأول، لا يقرّ بخطأ المسار، وإنما يحمّل المسؤولية للوسيط غير النزيه، أي للولايات المتحدة، وهذا في حدّ ذاته أسوأ من الإصرار على المسار لأسباب أخرى، كالتورّط المعقّد فيه بما يجعل الخروج منه صعبا، ومصالح النخبة المستفيدة والطبقة الحاكمة. فالقناعة بسلامة المسار، تضيف أسبابا أخرى لترجيح أنّ التحوّل عنه مستبعد.

صاحب الخطاب الثاني، أي خطاب المقاومة وفي صدارتها العسكرية، والتخلّص من أوسلو، محتاج لصاحب الخطاب الأول. فالتخلّص من أوسلو هو قرار صنّاعه أوّلا، ولا يمكن ذلك، ولا تحمّل تبعاته، دون موقف وطنيّ واحد، يشترك الجميع في التخطيط له ودفع أثمانه. وأمّا المقاومة والظهر الفلسطيني مكشوف عربيّا، فأقلّ الممكن إزاءها إسنادها إلى تراصّ وطنيّ، إلا أنّ مجرد إطلاقها يحتاج مقدّمات، أهمّها إدراك الناس بوجود تغيّر حقيقيّ في قناعات صنّاع أوسلو، ثم في توجّهاتهم. وهذه الخطوة الأولى، التي ينبغي أن تتبعها أخرى من التعبئة وتغيير السياسات المتعددة التي انتُهجت منذ نهاية انتفاضة الأقصى، وتعزّزت بعد الانقسام الفلسطيني، وأفضت إلى كبح حركة الجماهير، وإغراقها في ما يتناقض مع واجبها التاريخي.

ثمّة من يقول إنه لا يجوز لقيادة مشروع التسوية التراجع عن المسار، لأنّ الخيارات السياسية لا تكون موسمية. المغالطة المكشوفة هنا، تُظهر عدم الاعتبار بكارثية المسار ومآلاته، فالتمسك بالتسوية بدأ نظريّا والتمهيد له منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأخذت مصاديقه تتبيّن في الواقع مع توقيع اتفاقية أوسلو، أي منذ ثلاثين عاما تقريبا، فإعادة النظر في المسار، بعد هذه العقود الطويلة، لا يمكن أن يوصف بالموسمية.

المقاومة والظهر الفلسطيني مكشوف عربيّا، فأقلّ الممكن إزاءها إسنادها إلى تراصّ وطنيّ، إلا أنّ مجرد إطلاقها يحتاج مقدّمات، أهمّها إدراك الناس بوجود تغيّر حقيقيّ في قناعات صنّاع أوسلو، ثم في توجّهاتهم

في المقابل تبدو الدعوة لإطلاق مقاومة شاملة، في طليعتها العسكرية، دعوة خطابية، هي بدورها لم تنظر في الشروط الموضوعية لإنجاح مقاومة كهذه، تضمن لها الانطلاقة الفاعلة، والاستمرارية المعقولة، والقدرة على امتلاك متطلبات تعزيز صمود الفلسطينيين في ظلّ مواجهة من هذا النوع؛ مع أزمات الفصائل المستعصية، وعجزها (الفصائل والسلطة) خلال العقد المنصرم، عن تعزيز صمود الفلسطينيين، لا سيما وأنّ ظهر الفلسطينيين اليوم منكشف أكثر من أي وقت مضى.

في المسافة الفاصلة بين الموقفين، اللذين ينطوي كلّ منهما على مشكلاته، تأتي مقرّرات المجتمعين لتقليص المسافات، بما يراعي مخاوف الطرف الأوّل، طرف السلطة، وتردّده، وأزمة خياراته، في مركّبها، من استمرار الإرادة على المسار نفسه، والخشية من المواجهة، بما تتضمّنه بالضرورة من خسارة المكاسب الضيقة للنخبة، وتعقيد واقع السلطة داخل إكراهات الاحتلال، ويراعي ضعف ممكنات الطرف الثاني (أي المقاومة) في ساحة الضفّة الغربيّة تحديدا.

المقرّرات لا تفعل شيئا بمجرّدها، لكنها في أحسن أحوالها قد تقود إلى تقدم بطيء في التقريب بين أصحاب الخطابين، وفي تعديل مسارات صنّاع أوسلو. وهذا وإن لم يكن أقصى المأمول، إلا أنّه ليس سيّئا مع انكشاف الظهر، وضعف الممكنات الذاتية، وحذر قيادة السلطة وترددها وارتباكها، وتفاقم أزماتها، وانحشار المقاومة في غزة داخل قيود من الحصار والحسابات الدقيقة.

المقرّرات لا تفعل شيئا بمجرّدها، لكنها في أحسن أحوالها قد تقود إلى تقدم بطيء في التقريب بين أصحاب الخطابين، وفي تعديل مسارات صنّاع أوسلو. وهذا وإن لم يكن أقصى المأمول، إلا أنّه ليس سيّئا مع انكشاف الظهر، وضعف الممكنات الذاتية

تُشترط حينئذ بدايات عملية لا خطابية، وإذا كان لا بد من انتظار نتائج توصيات اللجنة المنوط بها وضع رؤية لإنهاء الانقسام، وقرار المجلس المركزي بشأنها، ثم تنفيذ هذه القرارات، فإنّ الخطوات العملية، التي يمكن الانطلاق منها للبدء في مقاومة شاملة، والتمهيد نحو المصالحة الوطنية كثيرة، هي تلك الخطوات التي ما تزال مفقودة، إلا في سياق الخطاب الإعلامي.

اقتراب الانتخابات الأمريكية يُرَجِّح أنها ستبقى مفقودة، لأنّ استراتيجية قيادة السلطة حينئذ هي الانتظار، وفي الأثناء فراغ سياسيّ لا بد من تعبئته بشيء ما، هو هذه المرّة الحوارات والاجتماعات والخطابة. وعلى أيّ حال، فالاجتماع، ودفء الخطاب، خير من علوّ صوت الخصومة في ظرف خطير كهذا.

حول اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية

- ابراهيم ابراش

كلام مكرر في زمن متغير
ردود الفعل العربية والدولية شبه غائبة عن اجتماع الفصائل الفلسطينية
لأول مرة بعد الانقسام ينعقد لقاء بين الفصائل بدون وساطة أو رعاية خارجية
لم يتم اتخاذ أي قرار أو إجراء حول اي من القضايا الاساسية العالقة منذ سنوات

تابعنا بانتباه كلمات قادة الفصائل الفلسطينية في اللقاء الذي جرى ما بين بيروت ورام الله كما تابعنا ردود الفعل الشعبية والدولية على الاجتماع، وكما هي العادة تفاوتت المواقف الشعبية ما بين متفائل ومتشائم وإن كانت نغمة التشاؤم أكبر، ليس من المؤتمر بحد ذاته أو من كلمات القادة، بل لتجارب سابقة من الاجتماعات والتفاهمات وتوقيع اتفاقات مصالحة وتبادل قبلات التهنئة وإطلاق الرصاص وتوزيع الحلوى ابتهاجاً بالمصالحة وكانت النتيجة العودة لمربع الانقسام والخصومة بشكل أشد.

أما ردود الفعل العربية والدولية فكانت شبه غائبة وكأن العالم أيضاً لم يعد يثق بمثل هكذا لقاءات وينتظر ممارسات فعلية على الأرض يقتنع من خلالها أن هناك تحولاً في مواقف وسياسات الفلسطينيين. وجزء من التجاهل العربي الرسمي يعود لأن هناك مخططاً يتم إعداده لتجاوز القيادة الفلسطينية وهو ما يتبدى من خلال رفض طلب فلسطيني لاجتماع الجامعة العربية لبحث ما يجري من تطبيع ومجمل التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية.

لا يمكن أن نجزم بأهمية اللقاء والزعم بأنه تاريخي كما يذهب المتفائلون إلا من خلال النتائج التطبيقية لقراراته كما قال محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل في كلمته في المؤتمر. صحيح أنه سادت في كلمات الوفود نغمة تصالحية وودية حيث كانت كلمة الرئيس أبو مازن وطنية وواضحة وشاملة وأكدت على التمسك بالحد الأدنى المتفق عليه وطنياً وهو الدولة في الضفة وغزة وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين كما أكدت على رفض صفقة القرن وسياسة الضم والتطبيع أيضاً لهجته التصالحية تجاه حركة حماس والجهاد الإسلامي ودعوته لهما بالانضواء في منظمة التحرير. كما كانت كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية تصالحية حاول فيها تبديد الشكوك فيما يتعلق بالاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني أيضاً في تأكيده على رفض حركة حماس إقامة دولة في غزة بالرغم من الإغراءات التي عُرضت عليها. وعلى نفس المنوال كانت كلمات قادة الفصائل، ومع ذلك وحتى لا يكون اللقاء مجرد هوجة انفعالية سيتلاشى مفعولها بعد أيام في دهاليز التفاصيل واللجان التي تم تشكيلها نبدي الملاحظات التالية:

لأول مرة بعد الانقسام ينعقد لقاء بين الفصائل بدون وساطة أو رعاية خارجية وهو ما أشار إليه أحمد مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في كلمته في المؤتمر، وهذا يعني إمكانية تكرار اللقاء سواء من بيروت أو غيرها.
تجاوز الوساطة العربية قد يعود لأن من كان يرعى المصالحة أصبح جزءاً من المحاور المتصارعة في المنطقة سواء تعلق الأمر بمصر أو بقطر، كما أن القيادة أصبحت تخشى على استقلالية القرار الوطني في ظل حالة الاستقطاب هذه.
مشاهدتنا لقادة الفصائل واستماعنا لكلماتهم يؤكد على ضرورة تجديد وتشبيب النخب القيادية، كما تؤكد أن وجود بعض الفصائل في منظمة التحرير زيادة عددية فقط وتعبير عن حالة وفاء لمرحلة تاريخية.
لم يتم اتخاذ أي قرار أو إجراء عملي حول كل القضايا الاساسية العالقة مع انها موجودة منذ سنوات، والإجراء العملي الوحيد هو إرسال مساعدات لقطاع غزة وهو في حد ذاته يُظهر وكأن مشكلة غزة مشكلة إنسانية حلها بمساعدات عينية ورواتب فقط!
غاب عن كلمات غالبية المتحدثين وخصوصاً الرئيس أبو مازن ورئيس حركة حماس أي ذكر للانتخابات وهي في رأيي قضية مركزية ومطلب جماهيري ولا يمكن استنهاض النظام السياسي بدون الانتخابات، أما التوافق كبديل عن الانتخابات كما ذكر أحمد مجدلاني فهو لا يمثل مخرجاً الآن – كان يمكنه ذلك قبل سنوات وقد يكون مفيداً حول بعض القضايا فقط – لأن كل الأحزاب الآن مأزومة وتفتقر للشرعية وتوافق المأزومين لا يمكن المراهنة عليه، كما أن التوافق لا يؤدي لتجديد النخبة السياسية بل يكرس هيمنتها ويعيد توزيع المنافع بينها ويقطع الطريق على قوى جديدة للمشاركة في الحياة السياسية.
كان الرئيس واضحاً في تعقيبه على أحد المتكلمين بأن المجتمعين لا يمثلون كل الشعب الفلسطيني ومطلوب التواصل مع الشعب ومشاركة فئات وشخصيات وطنية في المشاورات واللجان التي سيتم تشكيلها.
الإحالة للجان يُضعف من أهمية اللقاء لأن الشعب تعود أن يسمع عن لجان دون أن تؤدي لمخرجات عملية وفي هذا السياق كانت كلمتا الأمين العام لحزب الشعب بسام الصالحي ومصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية واضحتين في التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية.
كان يجب أن تكون هناك كلمة لحركة فتح لأن الرئيس أبو مازن رئيس كل الشعب الفلسطيني ويجب أن يبقى فوق الأحزاب وكلمته تعبر عن الكل الفلسطيني وليس عن رأي حركة فتح، وأن يلقي جبريل الرجوب البيان الختامي ليس حلاً للمشكلة.
مع تنويهنا باللقاء إلا أننا نتساءل إن كانت حالة التقارب الفصائلي وخصوصاً بين طرفي المعادلة الفلسطينية حركتي فتح وحماس يعود لقناعات حقيقية بالمصالحة وانهاء الانقسام ومواجهة الخطر الصهيوني وصفقة القرن أم أنه يعود لوجود مخطط أميركي إسرائيلي وبعض الأنظمة العربية لخلق قيادة فلسطينية جديدة تحل محل الحركتين وسلطتيهما في غزة والضفة؟
بالرغم من اللهجة التصالحية في كلمات قادة الفصائل كما أشرنا إلا أنه ما زال هناك تباعد في بعض المواقف وفي هذا السياق نبدي الملاحظات التالية:

الرئيس أبو مازن طالب بوجود قيادة موحدة لمقاومة شعبية سلمية بينما أكد إسماعيل هنية على كل أشكال المقاومة وعلى رأسها المسلحة كما تحدث عن مراكمة القدرات العسكرية لحركة حماس ونفس الأمر ورد في كلمة الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النحالة.
نتمنى أن تكون هذه فجوة شكلية وخصوصاً أن الرئيس لم يدن أو يستنكر العمل المسلح كما أنه أكد على وقف التنسيق الأمني الذي كان يقف في وجه المقاومة المسلحة كما كانت تزعم فصائل المقاومة، كما أن حديث إسماعيل هنية عن المقاومة يجب أن يؤخذ في سياق ما آلت إليه المقاومة حيث أصبحت مقاومة دفاعية مقتصرة على قطاع غزة في حالة أي اعتداء إسرائيلي على القطاع وعلى حركة حماس.
في كلمته أعاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية التأكيد بأن حركة حماس لا تعترف بإسرائيل وطالب بالخروج من اتفاقية أوسلو ونهجها، بينما منظمة التحرير ما زالت تعترف بإسرائيل ولم تعلن موقفاً رسمياً بالخروج من أوسلو والتزاماتها بالرغم من الحديث بأن المنظمة في حل من الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، لأن هذه الصيغة مبهمة، وهذا يحتاج لمزيد من التوافقات التي تأخذ بعين الاعتبار المواقف الأخيرة للمنظمة والسلطة وما جاء أيضاً في الميثاق الجديد لحركة حماس عام 2017 “وثيقة المبادئ والسياسات العامة” التي حلت محل الميثاق الأساسي للحركة.
أشار رئيس حركة حماس إلى محور المقاومة وأشاد به وهذا يتعارض مع استقلالية القرار الوطني كما قد يثير تحفظات وانتقادات المحاور الأخرى، ويتعارض مع موقف وسياسة الرئيس ومنظمة التحرير.
حديث السيد هنية عن رفض قيام كيان في قطاع غزة لا ينسجم مع ما يدور على أرض الواقع من رعاية قطرية لمفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل لتثبيت هدنة بين حركة حماس وإسرائيل تكرس سلطة حماس والوضع القائم في القطاع.

وفي الختام ولأن هناك مخاطر وتخوفات حقيقية لم تبدأ فقط مع التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بل موجودة قبل ذلك مع الاحتلال والاستيطان المتواصل منذ عام 1967 ثم صفقة القرن وسياسة الضم، والانقسام الفلسطيني الذي يتم توظيفه لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية كما كتبنا أكثر من مرة في مقالاتنا السابقة وهو ما أكد عليه قادة الفصائل أيضاً، لكل ذلك يجب مواصلة الجهود من الجميع وعدم الاكتفاء باجتماع الأمناء العامين للفصائل أو انتظار مخرجات اللجان التي سيتم تشكيلها، بل يتطلب الأمر حراك شعبي مساند بل وضغوط شعبية ومن المجتمع المدني لإجراء انتخابات عامة وهي ممكنة في سياق الانتخابات بالقائمة النسبية كما قال محمد بركة ولتكن معركة الانتخابات جزءاً من المعركة الشاملة مع الكيان الصهيوني.

لقاء فلسطيني خارج التاريخ

- خيرالله خيرالله

هناك لقاء خارج التاريخ، عقده ما يسمّى قادة الفصائل الفلسطينية عبر شبكة إلكترونية مغلقة ربطت بين بيروت ورام الله. إذا كان هذا اللقاء دلّ على شيء، فهو دلّ على العجز عن التعاطي مع الواقع ومع التطورات التي طرأت على القضيّة الفلسطينية في السنوات الأخيرة، خصوصا منذ سقوط العراق في العام 2003 وظهور المشروع التوسعي الإيراني على حقيقته ثمّ بدء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتباع سياسة أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها من النوع المغامر.

تتاجر إيران وتركيا بفلسطين. تزايدان على العرب وعلى الفلسطينيين أنفسهم. مَن مِن بين الفلسطينيين الذين يدعون أنّهم يتحملون مسؤولية معينة كشف هذا الوضع؟ من هو المسؤول الفلسطيني الذي تحدث صراحة عن الدورين الإيراني والتركي الفارغين من أي مضمون!

ترافق ذلك كلّه مع توجه المجتمع الإسرائيلي أكثر إلى اليمين في ظلّ إدارة أميركية مستعدّة لتغطية كلّ ما يقوم به بنيامين نتانياهو. ثمّة دليل في غاية الوضوح على ذلك يتمثّل في نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتراف أميركا بالقدس الموحّدة عاصمة لإسرائيل.

لم يوجد بين الذين التقوا بين رام الله وبيروت من يطرح سؤالا واحدا من نوع لماذا مرّ ضمّ القدس الشرقية مرور الكرام؟ أين إيران من ذلك كلّه؟ خصصت “الجمهورية الإسلامية” يوما للقدس هو آخر يوم جمعة من شهر رمضان. هل ساعدت إيران في تحرير بناية من أبنية القدس أو معلما من معالمها؟ أين المزايدات الأردوغانية وما الذي آلت إليه محاولات الرئيس التركي فكّ الحصار عن غزّة في العام 2010؟

أثبت اللقاء الفلسطيني أنّ هناك قيادة لم تعد علاقة لها بالقضية من قريب أو بعيد، هناك قيادة تبحث عن كيفية المحافظة على موقعها في السلطة ولا شيء آخر غير ذلك. في المقابل، تبحث “حماس” عن مصالح محدّدة خاصة بها. تتلخّص هذه المصالح في المحافظة على “الإمارة الإسلامية” التي أقامتهاجماعة الإخوان المسلمين الفلسطينية في القطاع بهدف جعل أهله يعيشون في سجن كبير في الهواء الطلق. ما الذي يمكن قوله، غير ذلك، عن حال غزّة التي كان فيها مطار باسم ياسر عرفات في مرحلة معيّنة… كما كان فيها معبر حدودي لائق إلى مصر يشارك في الإشراف عليه مراقبون من الاتحاد الأوروبي؟ الأكيد أنّ “حماس” التي نفّذت انقلابها في منتصف العام 2007 ترفض أن تتذكّر ذلك، مثلما ترفض ان تتذكّر الجرائم المشينة التي ارتكبتها في حق عناصر من “فتح”…

بدل الكلام اللائق الصادر عن إسماعيل هنيّة في مخاطبته لـ”أبومازن”، لماذا لا يطرح رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” مشروعا سياسيا واقعيا يستهدف استعادة الوحدة الفلسطينية بدل ترسيخ الشرخ بين الضفّة الغربية والقطاع وتعميقه أكثر فأكثر؟ هل خدمة إسرائيل وسياستها تمنعه من ذلك؟

أمّا قادة الفصائل الأخرى وممثلوها، فقد أصبحوا خارج التاريخ والجغرافيا. لم تحصل “الجبهة الشعبية” و”الجبهة الديمقراطية”، التي تعيش على سرقة مصرف في بيروت في العام 1976، على أكثر من واحد في المئة من أصوات الفلسطينيين في الانتخابات التشريعية التي أجريت في الضفّة الغربية وغزّة مطلع العام 2006. هل من فضيحة فلسطينية أكبر من هذه الفضيحة؟

في رام الله، كان الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس وفي بيروت كان إسماعيل هنيّة، الذي يبدو انّه فضّل العاصمة اللبنانية على إسطنبول أو طهران حيث مصدر الدعم الحقيقي لحركته التي لا تزال خارج منظمة التحرير الفلسطينية. كان في العاصمة اللبنانية آخرون من ممثلي الفصائل الفلسطينية التافهة وقادتها الذين حضروا من دمشق، بما في ذلك ممثل لـ”الجبهة الشعبية – القيادة العامة” التي يتزعمّها أحمد جبريل، والتي ليست سوى فرع لأحد الأجهزة الأمنية السورية. كيف يمكن لممثلي الفصائل الفلسطينية الموجودين في دمشق تمثيل الشعب الفلسطيني بأيّ شكل من الأشكال ما داموا لم يتمكنوا من حماية مخيّم اليرموك الذي شرّد النظام أهله؟

كلام كثير قيل في اللقاء الذي يبقى أهمّ ما فيه تبادل الكلام المهذّب بين “أبومازن”، في حين بقي الخلاف بين “حماس” والسلطة الوطنية الفلسطينية، أي حركة “فتح”، على حاله. كان اللقاء فضيحة فلسطينية أخرى. كشف أن ليس لدى ما يسمّى قادة الفصائل سوى الشعارات ومواضيع الإنشاء. لا يشبه كلام هؤلاء سوى ذلك الكلام الذي كان يلقى في مهرجانات خطابية في بيروت في سبعينات القرن الماضي وأوائل الثمانينات منه.

تعيش القيادة الفلسطينية وتعيش الفصائل الفلسطينية في الماضي البعيد. ليس ما يشير إلى أن أحدا تعلّم من تجربة الأردن أو تجربة لبنان أو تجربة تونس أو تجربة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو. بين العيش في الماضي وفي ظلّ الشعارات، هناك مخرج من الوضع الراهن. لماذا لا تقدم القيادة الفلسطينية على خطوة تاريخية في اتجاه إجراء انتخابات رئاسية وأخرى تشريعية.

مثل هذه الانتخابات ستؤمن انتقال السلطة إلى جيل جديد من دون عقد قادر على التعاطي مع مستجدات القرن الواحد والعشرين. هناك شعب فلسطيني يمتلك هويّة وطنية راسخة. بات هذا الشعب يعرف ماذا تعني التراجعات التي تعرّضت لها القضيّة الفلسطينية في ظلّ أوضاع إقليمية في غاية التعقيد.

هذا الشعب الفلسطيني، الذي لا يزال نحو سبعة ملايين من أفراده على أرض فلسطين، يعرف كيف يتدبّر أموره والتكيف مع التغييرات إن في إطار دولة واحدة أو دولتين أو كونفيدرالية مع الأردن. هذا الشعب يعرف أن إسرائيل تمتلك هدفا واضحا يتمثل في الاستيلاء على اكبر جزء من الضفّة الغربية وأنّ عليه مواجهتها بغير أسلوب الشعارات والتهديدات التي تطلقها السلطة الوطنية بين حين وآخر.

لا تدلّ هذه التهديدات سوى على رغبة مستمرّة في الهروب إلى الأمام لا أكثر. كيف يمكن لشخص مثل “أبومازن” أو غير “أبومازن” تهديد إسرائيل، وهو يعرف أنّ الخروج من رام الله إلى عمّان في حاجة إلى إذن إسرائيلي؟

الأمل الوحيد الباقي، هو الشعب الفلسطيني. لماذا لا تساعد السلطة الوطنية في خدمة هذا الشعب عبر السماح له بانتخاب قيادة جديدة تواجه الاحتلال بلغة مختلفة. مثل هذه الانتخابات هي الخدمة الوحيدة التي لا تزال السلطة الوطنية قادرة على تقديمها للفلسطينيين…

بيان الأمناء العامين طعنة جديدة في ظهر الشعب الفلسطيني

- عبدالستار قاسم

صدر بيان الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، ولم يبتعد عما توقعناه من تعبيرات مجترة تقليدية فارغة المحتوى وخاوية المضمون. وكيف يكون الأمر مختلفا عما عهدناه إذا كان اجتماعهم برئاسة من يعترف بالكيان الصهيوني وما زال يصر على الاستمرار في مفاوضات عبثية استنزفت الشعب الفلسطيني وأهانت مكانة القضية الفلسطينية على كافة المستويات.
تحدث عباس وهو الرئيس غير الشرعي للسلطة الفلسطينية، واستمعوا له وهم يعلمون أنه غير شرعي ولا يمثل أحدا، وكالعادة باستماعهم يضفون عليه شرعية مزيفة ومضللة. في كلمته، عباس ما زال يتمسك بدور أمريكي ليس وحيدا في البحث عن حل للقضية الفلسطينية. وما دام يتمسك بالحضور الأمريكي فإن ذلك يعني أنه ما زال يتمسك بالمفاوضات،. جميع الأمناء العامين يدركون تماما الأضرار الجسيمة التي لحقت بالقصية والشعب جراء هذه المفاوضات واتفاقية أوسلو، لكنهم صادقوا على بيان ختامي إنشائي مجتر.
تحدث بعض الأمناء العامين وكان في حديثهم ما دعا إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة تقييم مختلف الأمور والبحث عن انطلاقة فلسطينية جديدة تعيد الحياة للشعب الفلسطيني. تحدث هنية والنخالة عن مقاومة فاعلة في مواجهة الاحتلال، لكن أبو أحمد فؤاد كان الأكثر وضوحا في طرح الأزمات الفلسطينية وضرورة وضع حلول لها. بالرغم من اختلاف كلمات بعض الأمناء العامين مع ما قاله عباس، إلا أن رؤية أهل أوسلو سيطرت على جوهر البيان الختامي.
تمسك الأمناء العامون بما عرف وثيقة الوفاق الوطني، وهي وثيقة شكرنا الذين طرحوها على جهودهم، لكنها لا تصلح لجمع الكلمة الفلسطينية بسبب ما تحويه من تناقضات. إنها وثيقة ترضي كل الفصائل لكنها لا تؤدي إلى وحدة موقف، وهي لا تعرف المصطلحات وتبقيها عائمة. وتمسك الأمناء العامون بقرار الجمعية العامة رقم 194، وهو قرار بحاجة إلى تعديل لأنه يضع حق العودة بعهدة الإرادة الصهيونية. الصهاينة هم الذين يقررون، وفق القرار، الوقت المناسب لفتح بابل العودة. والأمناء العامون صمتوا إزاء ما يسمى بالمقاومة الشعبية. حتى الآن لم يعرف أصحاب المقاومة الشعبية معنى هذه المقاومة ومتطلباتها ومستلزماتها والخطوات التي يجب اتباعها. وقد سبق لي أن عرفتها وحددتها في مقال طويل نشرته عدة مرات.
وفد تجاهل الأمناء العامون اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان الصهيوني، وتجاهلوا تطبيع السلطة الفلسطينية والمنظمة مع الصهاينة. فكيف يحلون إشكالية إدانة الإمارات دون أن يدينوا ما مارسته مؤسسات فلسطينية على مدى سنوات طويلة؟ لا تنه عن خلق وتأتي مثله، عار عليك إذا فعلت عظيم.
الشعب ليس بحاجة إلى بيان هزيل تصدره أهل أوسلو. الشعب بحاجة إلى الدخول في مرحلة جديدة، وهي تتطلب بالتأكيد سياسات واستراتيجيات جديدة مختلفة عما مارسناه عبر سبع وعشرين سنة سالفة،. نحن بحاجة أولا إلى كتابة ميثاق وطني جديد يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني، وبحاجة بعد ذلك إلى إعادة بناء منظمة التحرير بطريقة متناسبة مع الميثاق الجديد. والخروج من أوسلو يتطلب معايير اجتماعية واقتصادية وثقافية وتربوية وأمنية وعسكرية جديدة. الترتيبات السائدة حاليا تصلح فقط للاستسلام وخراب بيوت الشعب الفلسطيني. وإذا توافقنا على ميثاق فلسطيني وأعدنا بناء منظمة التحرير، ووافقنا على المقاومة النشطة الفاعلة التي يفهمها الاحتلال، فإن علينا نقل منظمة التحرير إلى مكان آمن ما أمكن، وإقامة غرفة عمليات مشتركة في مكان ما قد يكون غزة بسبب ظرفها الخاص أو دولة تستطيع الدفاع عن نفسها وقت الشدة. لا يمكن لقيادة فلسطينية أن تكون فاعلة وهي في قفص الاحتلال كما هو عليه الحال الآن.
تبادل الأمناء العامون القبل وعبارات المجاملة والتبجيل، وعبارات الأخوة، لكن الشعب الفلسطيني ليس مهتما بهذه، وإنما الشعب مهتم بسياسات جديدة تتم ترجمتها ميدانيا، ويتطلع إلى وحدة وطنية حقيقية لا تخضع لمنافسات فئوية تفتت ولا توحد. ويخطرني هنا عبارة إقامة دولة ديمقراطية الواردة في البيان. مشكلتنا نحن أولا هي العودة. التركيز على عودة ملايين الفلسطينيين أولى من البحث عن دولة تائهة لا يمكن أن تقوم وفق إجراءات الصهاينة التي تفرض أمرا واقعا معبرا عن تطلعاتهم. ثم كيف يريد عباس دولة ديمقراطية وهو يغتصب السلطة منذ عام 2009؟. وقطعا هز الأمناء العامون رؤوسهم بالموافقة.
يعني أنكم جزء من المشكلة.

برسم اجتماع الإطار
القياديّ المؤقت

- رامز مصطفى

رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، وبعد طول انتظار ومطالبات، استجاب أخيراً ودعا إلى اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي سيُعقد (اليوم) الخميس 3 أيلول الحالي في كلّ من بيروت ورام الله. وهو الإطار المُكوّن من الأمناء العامين للفصائل التي وقعت على اتفاق تطوير وتفعيل المنظمة في آذار 2005 في القاهرة، والذي كان قد سبقه اجتماع في القاهرة 2003.

اجتماع بيروت الذي يتطلّع إليه الكثيرون في الفصائل والنخب والمراقبين، وقبلهم أبناء شعبنا في الوطن المحتلّ والشتات، ارتياح مشوب بكثير من الحذر والتوجّس استناداَ إلى التجارب المريرة والعقيمة التي انتهت إليها كافة الاتفاقات السابقة، من خلال تمترس كلّ من حركتي حماس وفتح عند مواقفهما في ترجمة تلك الاتفاقات، وترافق ذلك مع عجز واضح من قبل باقي الفصائل إزاء اتخاذها المواقف الضاغطة على كلا الطرفين لتنفيذ تلك الاتفاقات، مكتفية بتوصيف الحالة، المشفوعة بمزيج من المطالبات والتمنيات عليهما ليس إلا.

وطالما أنّ الدعوة قد تمّت، وسيُعقد الاجتماع، من حق الجميع أن يطرح مجموعة من الأسئلة، ليست من باب التشكيك، بل لأنّ المجتمعين سيقرّرون جملة من المواقف والخطوات التي ستترك أثرها سواء الإيجاب أو السلب على جموع الشعب الفلسطيني، والتي نتمنّى أن تكون في مجموعها إيجابية! الأسئلة المطروحة لا تخصّ طرفاً دون آخر، بل هي موجهة لكافة الأمناء العامين وبما يمثلون، وفي مقدّمتهم رئيس السلطة السيد أبو مازن:

ـ لماذا اليوم أفرج السيد رئيس السلطة عن الاجتماع من دون التوصل إلى إنهاء الانقسام، وعودة قطاع غزة بالكامل إلى حضن السلطة؟

ـ إذا كان الاجتماع منطلقه الردّ على «صفقة القرن» وما تضمّنته، فإنّ الكلّ الفلسطيني الرسمي والشعبي قد أعلن صراحة رفضه لها قبل الإعلان الرسمي عنها من قبل الرئيس الأميركي ترامب في كانون الثاني 2020. وإذا كان المطلوب من المجتمعين في بيروت ورام الله مواقف في مواجهة خطوة الضّم، فإنّ المواقف قد اتخذت ولا داعي للتأكيد عليها، سوى اللهمّ خريطة طريق متفق عليها من أجل مواجهتها وإسقاطها. إذاً ما الذي تغيّر ليوافق أبو مازن على عقد الاجتماع وبهذه السرعة، هل الاتفاق الإماراتي مع كيان الاحتلال الصهيوني؟

ـ هل الاجتماع في أحد أبعاده استقواء بالفصائل للردّ على ما يُسرّب في وسائل الإعلام العبرية وغيرها، أنّ هناك خطة إقصاء ومن الإطاحة بالسيد رئيس السلطة واستبداله بمحمد دحلان؟ وخشية المحيطين برئيس السلطة من تلك الخطوة، التي بتقديري لن تجد طريقاً لها، خصوصاً بعد الاتفاق الإماراتي مع الكيان.

ـ هل عقد الاجتماع ينطلق من خلفية الطرفين العاملين على إنضاج عقد هذا الاجتماع، لحسابات تخصّ كلّ واحد منهما، أم من خلفية ما يتراكم من تحديات متعاظمة في وجه القضية الفلسطينية بعناوينها الوطنية كافة؟

ـ هل سيقود الاجتماع إلى خطوات عملية تنهي الانقسام السياسي والجغرافي؟ وهل بات الطرفان فتح وحماس على قناعة بأهمية التخلص من هذا الانقسام، بعد أن تبيّن للقاصي والداني ما استجلبه من كوارث بالمعنى السياسي والوطني على القضية والشعب الفلسطيني، بسبب توظيف حكومة العدو الصهيوني له على مختلف الصعد والمستويات؟ وعليه، هل حماس ستسلم القطاع وتنهي إدارتها له؟ وهل فتح ومن خلفها السلطة ستقبل بفتح الضفة أمام حرية عمل الآخرين من الفصائل، في إطار شراكة وطنية جامعة، وفق برنامج سياسي قائم على أساس التخلص من اتفاقات «أوسلو» ببعديها الاقتصادي والأمني (بروتوكول باريس والتنسيق الأمني)، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني وخيار شعبنا في المقاومة وبكلّ أشكالها؟

ـ جدول أعمال الاجتماع، هل سيتضمّن مناقشة كافة العناوين، وتحديداً التنظيمية المتعلقة بتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه في آذار 2005، لجهة تطوير وتفعيل منظمة التحرير؟ وما هي آليات التطوير والتفعيل؟ خصوصاً أنّ مجلس رام الله في نيسان 2018، كان قد نقل صلاحياته إلى المجلس المركزي. وعليه الموضوع المُلحّ والمستعجل هو إعادة تشكيل مجلس وطنيّ توحيديّ، بما يضمن مشاركة الكلّ الفلسطيني من دون فرض الفيتو على مشاركة أحد، وفق ما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع الفصائل في بيروت برئاسة الأخ سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني في الأول من كانون الثاني 2017.

ـ وهل هناك إرادة لدى بقية الفصائل من خارج حماس وفتح، أن تصيغ رؤية تنظيمية على أساس ائتلافي في ما بينها؟ في حال أنّ الاجتماع لم يقُد إلى المرجو منه، وخصوصاً إنهاء الانقسام، والتحلل من الاحتلال والاتفاقات الموقعة معه؟

حجم المأمول كبير، وحجم التفاؤل ضئيل، استناداً إلى تجارب الماضي الذي راكم كمّاً هائلاً من الإحباط واليأس عند جموع شعبنا، من قدرة المرجعيات الفلسطينية على تجاوز خلافاتها وانقسامها. وهنا لا بدّ من التأكيد على أنّ فشل هذا الاجتماع ستكون له عواقب كارثية على قضيتنا وعناوينها الوطنية، وستدفعون شعبنا إلى مزيدٍ من اليأس والإحباط، وسمته الكفر بسائر مرجعياته…

رسالة مفتوحة الى القوى الفلسطينية المجتمعة

- كمال خلف

بذات الوقت الذي تنشر فيه هذه السطور تكون الوفود الفلسطينية التي وصلت منذ الامس الى بيروت تستعد للتوجه الى مقر السفارة الفلسطينية لعقد اجتماعها لبحث مصير القضية الفلسطينية وما الت اليه الحالة الفلسطينية من بؤس . وانطلاقا من هذه اللحظة المصيرية في مسار قضيتنا لابد من اطلاق هذه الصرخة لعلها تجد مكانا لها في اذان من يمثلون شعب من اعظم شعوب هذه المنطقة وقضية من انبل قضايا البشرية .
ايها السادة الافاضل انكم الان امام مسؤولية تاريخية لقضية وشعب اكبر منكم جميعا ، وعليكم ان تدركوا وانتم تاخذون مقاعدكم لطرح افكاركم وتصوراتكم حول تحديات المرحلة انكم امام سؤال المصير “اما ان نكون او لا نكون ” . وان يكون لديكم كامل القناعة ان غالبية شعبكم غير مهتم بالخطب الرنانة والمبارزات اللفظية والمطولات البلاغية والكلام الحماسي والشعارات الحنجورية التي اعتاد على سماعها على مدى عقود ، بينما تستمر الماساة ويتغول الاحتلال وتنهب الارض ويذل الانسان وتهدم البيوت ويهاجر الاجئين الى اوروبا من ظلم ذوي القربى وبؤس المخيمات ، وان الغالبية الساحقة تعرف ادق تفاصيل الماساة التي وصلت اليها القضية فلا داعي لاعادة اجترارها امامه .
يا قادة الشعب الفلسطيني المجتمعين في بيروت .. لعل جلكم يعرف حق المعرفة بان غالبية شعبنا قرف من الحالة الفصائلية المنقسمة والمتشرذمة ولم يعد لديه ترف متابعة خلافاتكم واختلافكم فانتم اكثر من 15 فصيل بالداخل والخارج والكل ينادي بتحرير الارض واقامة دولة حرة مستقلة وانهاء الاحتلال ؛ هذا هو الهدف المشترك فليكن هو البرنامج لتحقيق الاهداف، بالمقاومة المسلحة حقا مشروعا لا يجب ان يدان اويتم اسقاطه باي حجة كانت او من اجل ارضاء اي طرف كان مهما كانت حجم الضغوط والحسابات ، وبالمفاوضات العنيدة لانتزاع الحقوق اسوة بكل الشعوب التي نالت استقلالها وحريتها فلا يلغي خيار الاخر بل تتكامل كل الجهود والخيارت لتحقيق الهدف .
ايها السادة هناك حقيقة يجب ان تكون التجربة والتاريخ قد ثبتها بشكل لا لبس فيه وهي ان لا احد في هذا العالم يعطيك شئيا ليس لديك القدرة على انتزاعه . بل ان العالم لا يحترم الضعفاء والخانعين والعجزة ، فانتم بقوة الشعب الذي يجب عليكم تفعيله والاستفادة من طاقاته وقدراته في كل اماكن تواجده في الداخل والخارج والشتات في المخيمات وفي اوروبا وامريكا والدول العربية قادرين على فرض انفسكم على العالم عنوة وليس بالاستجداء او استجرار التعاطف الدولي او تلاوة البيانات . لن يسمع احد صوت صراخنا ولو ذبحنا كلنا عن بكرة ابينا ، العالم يسمعنا عندما نقرر ان نكون قوة فاعلة متحركة على كل صعيد تضع اسرائيل ومن معها في مازق حقيقي لا ان نبقى وحدنا في هذا المازق وهذا يحتاج الى قرار شجاع ورجال تتحمل مسؤولية القرارات الصعبة في الزمن الصعب . فنحن لسنا افضل من مئات الاف الشهداء الذي ذهبوا الى الموت من اجل قضيتنا ، ولسنا افضل من عشرات الالف الاسرى في سجون الاحتلال والحياة وقفة عز .
ايها القادة نامل ان لايكون اجتماعكم ردة فعل على تهافت انظمة عربية للتطبيع مع اسرائيل وان لا تكون مناسبة لشتم تلك الانظمة واتهامها بالخيانة ، فهذا لن يكون مجديا ، فعلينا البحث في الاسباب الحقيقة التي دفعت البيئة السياسية العربية الى مثل هذا الحال المؤسف. ولعل بعض الاسباب تكمن في وقعنا نحن . فعندما خاض شعبنا الانتفاضة الاولى و الثانية لحق بنا كل العرب شعوبا وانظمة . وعندما اطلقتم الثورة الفلسطينية المعاصرة قبل ذلك عام 65 كانت الانظمة العربية تتباهى بدعمها ،وهذا يثبت حقيقة اننا نحن المعيار عندما نضعف ونتراخى ونعجز يفتح الباب لعقد الصفقات مع اسرائيل وبالعكس. ان باب التطبيع يغلق تماما عندما نكون متحدين فصائل وسلطة وشعب ونخب ولدينا قرار واحد ومشروع واحد نفرضه على العالم.
ايها السادة باختصار شديد ننتظر افعالا لا اقوال.. استراتيجية لا تكتيكات مصلحية مؤقته.. قرار وطني لا انا فصائلي متضخم. مشروع وطني لا ايديولوجيات. والاهم اشراك الشعب والنخب الفلسطينية المنتشرة في كل اصقاع الارض. فلتكن مؤتمرات شعبية تاسيسية في الوطن والمخيمات تطرح فيها برامج تحركات شعبية وتصورات لحالة فلسطينية جديدة تواكب التحديات فلتكن اجتماعات مفتوحة وقرارات عملية واليات واقعية لا اجتماع تعودون بعده الى ضرب كوع وشرب الشاي. انتم اليوم مسؤولون امام الشعب والله والتاريخ عما تفعلون فكونوا على قدر خطورة المرحلة ونحن بانتظار ما سيفضي اليه اجتماعكم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع اخترنا لكم  متابعة نشاط الموقع انتقاء التحرير   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28