] “إلياس” و”سراج” طفلا الشهيدة داليا السمودي يبحثان عن والدتهما في وجوه المعزيات - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 9 آب (أغسطس) 2020

“إلياس” و”سراج” طفلا الشهيدة داليا السمودي يبحثان عن والدتهما في وجوه المعزيات

الأحد 9 آب (أغسطس) 2020

لا يزال طفلا السيدة داليا السمودي ينظران في وجه النساء المعزيات، على أمل أن يجدوا وجه أمهم التي غيبتها رصاصة إسرائيلية إلى الأبد، وأسكنتها تحت الثرى، تاركة أحدهما رضيعا، لا يعرف للحياة معنى بدون الأم وحنانها.

وإن كان هول الصدمة شديدا على كبار العائلة، وخاصة الزوج والأب والأخوة والأخوات، فإن آثار الصدمة في قادم الأيام بفقدان الأم، سيكون أشد ألما على أطفالها.

وداليا السمودي لم تكن المواطنة هي الأولى التي تقتل بدم بارد على أيدي جنود الاحتلال، وفي عملية “إعدام ميداني” متعمد، لكن حكايتها وظروف أسرتها هي أصل حكاية الألم الفلسطينية الجديدة.

فطفلها الصغير “إلياس” ابن الأشهر الستة لا يزال ينشد حنان الأم وأحضانها، ولبنها الذي لم يفطم عنه بعد، فيما شقيقه “سراج”، وعمره ثلاث سنوات، لم يع بعد حجم ما ألم به من مصيبه، ستلازمه طوال العمر، فهو لا يزال يسأل عن والدته دون مجيب.

ويقول زوجها باسم لـ”القدس العربي” إن نجله الأكبر “سراج” يبحث كثيرا عن والدته، فيجيبونه بأن والدته أصبحت الآن في الجنة، لكنه يقول إن الطفل لم يستوعب بعد مسألة رحيل الوالدة، ولا يعرف معنى الجنة، خاصة وأنه لم يبلغ بوفاتها، كونه أيضا لا يعرف معنى الموت، فيما الطفل الرضيع “إلياس” تتولاه حاليا نساء العائلة.

وتبدأ حكاية الألم الجديدة، كما يقول باسم، حين قام وزوجته بإغلاق نوافذ المنزل، بعد إطلاق جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع، في حي الجابريات بمدينة جنين، ويشير لـ”القدس العربي” إلى أنه بعد أن أغلق أولى النوافذ، فيما كانت زوجته تغلق الأخرى، خشية على حياة أطفالهم من الغاز السام، صرخت بأنها قد أصيبت برصاصة، قبل أن تضرج بدمائها، وتصرخ ألما، من تلك الرصاصة التي مزقت صدرها، وأخرى ألما على حال أطفالها من بعدها، حين أدركت خطورة الإصابة التي فارقتها الحياة بعد ساعات من نقلها إلى أحد المشافي، وخضوعها لعدة عمليات جراحية، فشلت في إنقاذ حياتها.

فتلك الرصاصة الغادرة التي أطلقها جنود الاحتلال اخترقت جسد داليا، فمزقت الكبد والبنكرياس والشريان الأبهري أيضا، ما أدى إلى استشهادها.

وقد استفاقت تلك السيدة لحظة اقتحام جنود الاحتلال للحي، لتحمي أطفالها، ولتحضر “رضعة” لطفلها الصغير “إلياس”، بعد أن عج الحي بأصوات الرصاص الذي أطلقه جنود الاحتلال بكثافة، وأصوات قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وهي أصوات مرعبة أفاقت الأطفال، فاختارت الأم أن تشبع طفلها بعد حمايته، لتزيل خوفه، وتعيده لنومه، لكن جنود الاحتلال حرموها من ذلك، وحرموا طفلا من طعامه، باستهدافها بالرصاصة القاتلة.

كذلك يقول معزون شاركوا في جنازة تشييع داليا ظهر الجمعة الماضية، إن مشاعر حزن شديدة كانت تنتاب العائلة والجيران، خاصة حين شاهدوا الأطفال “سراج” و”إلياس” وقد تركوا وحيدين، لا يعرفان ما ألم بهما، ويوضح أحد المعزين أن دموع الحزن انهمرت من دموع غالبية المشيعين عند مشاهدتهم الأطفال، ويقول لـ”القدس العربي” إن عائلة تلك السيدة لم تكن قد صدقت حتى عند خروج الجثمان من المنزل بعد إلقاء نظرة الوداع، أن داليا قد فارقت الحياة، فيما كان أطفالها ينظرون شمالا ويمينا علهم يرون والدتهم بين المعزيات.

ويقول والد الشهيدة داليا، أحمد استيتي، وهو أسير محرر، لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، إنه رزق بابنته الشهيدة حينما كان أسيرا في سجون الاحتلال عام 1996، وقال إنه سماها بهذا الاسم “تعبيرا عن انتمائي وعشقي لفلسطين، ولأرضها وعنبها”، مؤكدا أن ابنته قضت بـ”عملية الإعدام بدم بارد”، لافتا إلى أن هذه العملية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، باعتبار ما تقوم به قوات الاحتلال “سياسة ممنهجة، بحق نسائنا، وأطفالنا، وشيوخنا، وهم آمنون داخل منازلهم، دون رادع حقيقي يوقف هذه المأساة التي تتكرر بشكل متواصل”، وأكد أن ابنته الشهيدة لم تكن تشكل خطرا على الاحتلال.

يذكر أن قوات الاحتلال التي نفذت عملية الإعدام بحق المواطنة السمودي، حاولت تعطيل إسعافها عند إصابتها، فأطلقت النار صوب مركبة الإسعاف التي كانت متوجهة لإنقاذ حياتها، وأصابتها برصاصتين.

وتعمدت قوات الاحتلال خلال السنوات الخمس الماضية، ارتكاب العديد من عمليات “الإعدام الميداني” لمواطنين فلسطينيين على الحواجز العسكرية وفي الشوارع، دون أن يشكلوا أي خطر على جنودها، ومن بين من قضوا سيدات، وقد وثقت كاميرات هواتف نقالة كيف ترك جنود الاحتلال الضحايا ينزفون، حتى فارقوا الحياة، مانعا عنهم أي مساعدة طبية لإنقاذ حياتهم.

في السياق، كانت وزاره الخارجية الفلسطينية أعلنت أنها تتابع جريمة إعدام المواطنة السمودي، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، مع محكمة الجنايات الدولية، وأشارت في بيان صادر عنها إلى أنها تقوم بإعداد التحضيرات اللازمة لرفع ملف هذه الجريمة وتفاصيلها الى الجنائية الدولية، مطالبة المحكمة بسرعة إعلان قرارها بشأن انطباق صلاحياتها على أرض دولة فلسطين، وفتح تحقيق رسمي بجرائم الاحتلال ومحاسبة عناصره ومسؤوليه.

وطالبت المجتمع الدولي بـ “الخروج عن صمته والتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية لشعبنا”، وأدانت كذلك بأشد العبارات جريمة الإعدام الميداني التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق المواطنة داليا سمودي، وهي داخل منزلها تحاول حماية أطفالها من همجية الاحتلال، في جريمة جديدة يندى لها جبين الإنسانية، وتضاف الى سلسلة طويلة من الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا وأرضه وممتلكاته ومقدساته.

وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة التي وصفتها بـ”النكراء والبشعة”، واعتبرت أن الاحتلال يتمادى في ارتكاب مثل هذه الجرائم “تحت مظلة الدعم الأمريكي الكامل للاحتلال ومشاريعه والحماية التي توفرها إدارة ترامب لقادة ومسؤولي الاحتلال”.

في السياق، قالت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح دلال سلامة، في تعقيبها على الحادثة: “إن جرائم الاحتلال لن تتوقف دون وجود رادع يرتكز على القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان وحق تقرير المصير”، وأضافت: “هذه الجريمة تضاف إلى سجل جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني التي يتوجب إحالتها للجنائية الدولية”.

وأوضحت سلامة أن المرأة الفلسطينية سطرت أروع آيات الصمود والتحدي والنضال في مواجهة الاحتلال، مشددة على أن هذه التضحيات ستتوج بتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع اخترنا لكم  متابعة نشاط الموقع انتقاء التحرير   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 34

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28