] حين يغيب “ربيع الاحتلال” عن الإعلام - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 8 تموز (يوليو) 2019

حين يغيب “ربيع الاحتلال” عن الإعلام

الاثنين 8 تموز (يوليو) 2019 par خميس التوبي

المواجهات التي يشهدها كيان الاحتلال الإسرائيلي على خلفية عنصرية مقيتة تمثلت في قيام شرطي محتل بقتل الشاب سالومون تاكا (18 عامًا) من أصول إثيوبية، تذكرنا بالمواجهات التي شهدتها ولايات أميركية وتحديدًا لويزيانا ومينيسوتا أثناء ولاية الرئيس باراك أوباما جراء قيام الشرطة الأميركية بقتل رجلين أسودين، ما يكشف مدى تجذر التفرقة العنصرية في النظام الديمقراطي الذي تتباهى به الولايات المتحدة وحليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي لا تزال واشنطن تلمِّع صورته البشعة، وتعمل على إضافة مساحيق التجميل لوجهه القبيح وتقدمه إلى المنطقة خاصة والعالم عامة على أنه الكيان الأوحد الذي يتمتع بنظام ديمقراطي في الشرق الأوسط.
الصور المريعة التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي ـ التي كان لافتًا توقف خدماتها عند ذروة احتدام المواجهات داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي ـ والتي تظهر إلى أي حد وصل إليه تفشي العنصرية، سواء في الولايات المتحدة أو في كيان الاحتلال الإسرائيلي تلفت الانتباه إلى النظرة الدونية إلى اللون الأسود، وتؤكد أن العنصرية حاضرة بقوة في النظام الديمقراطي في كل من أميركا والكيان المحتل.
إن مثل هذه الأحداث كفيلة بكشف حقائق الأنظمة والنهج السياسي المتبع، والمستوى الثقافي السائد، فمثلما تؤكد طبيعة التصرفات التي تتبعها السلطات الأميركية مع المواطنين السود وخصوصًا السود الذين ينحدرون من أصل إفريقي أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة والرابعة، وربما (بدون) من حيث المعاملة، تؤكد طبيعة الممارسات التي تتبعها سلطات كيان الاحتلال الإسرائيلي مع اليهود من أصول إفريقية وتحديدًا اليهود المعروفين بيهود “الفلاشا” الذين ينحدرون من أصول إثيوبية، مدى تحكم الطبقية والعنصرية. فبجانب الممارسات العنيفة التي اتبعتها الشرطة الأميركية تجاه المواطنين السود، لا تزال الذاكرة تختزن تلك الصور المثيرة أثناء إعصار كاترينا الذي ضرب ولاية لويزيانا وتكساس وميسيسيبي، حيث أثارت الحقائق المؤكدة بأن الأميركيين من أصل إفريقي هم الأكثر تضررًا بالكارثة المدمرة، الشبهات بأن السلطات تمارس التفرقة العنصرية في استجابتها لعملية إنقاذ ضحايا الإعصار. وقد قال عضو الكونجرس عن ولاية لويزيانا وليام جفرسون آنذاك: “لو لم يكن هؤلاء الأشخاص فقراء وسودًا لما تُركوا يواجهون المأساة وحدهم في نيو أورليانز”، مؤكدًا أن معظم الضحايا لم يتمكنوا من الفرار من وجه الإعصار لأنهم لم يكونوا يملكون سيارات أو أموالًا يدفعونها للفنادق”.
المشهد العنصري الذي تتوالى أحداثه المريعة وصوره المثيرة في كيان الاحتلال الإسرائيلي يكشف عن العقلية النازية الجديدة ومدى تغلغلها في المجتمع الإسرائيلي، ويبرهن على حقيقة كيان الاحتلال الإسرائيلي بأنه كيان عنصري إرهابي احتلالي، وأنه عبارة عن عصابات إجرامية إرهابية عنصرية غير منسجمة مع بعضها بعضًا، لا تجمعها أسس إنسانية ومبادئ وقيم وخير وعدل، وإنما ما يجمعها هو التوحش والعنصرية والإجرام والإرهاب وسفك الدماء، والاستيلاء على الحقوق، والنظرة الاستعلائية للون الأبيض والنظرة الدونية إلى ما عداها، على النحو الذي يبرز بصورة لافتة من خلال الممارسات الإجرامية العنصرية ضد اليهود من أصول إثيوبية الذين يواصلون احتجاجاتهم، مع ما يرافقها من عمليات تكسير واسعة النطاق.
اللافت للنظر أن المواجهات بين سلطات كيان الاحتلال الإسرائيلي واليهود من أصول إثيوبية رغم احتدامها وعنفوانها، لم تحظَ بتغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام العربية تحديدًا والغربية عامة، وعدم مواكبتها للحدث بما يليق به، على الأقل من حيث إبراز التعاطف مع طبقة من البشر تعيش أقسى أنواع التهميش، وأفظع ألوان التعامل، وبما يعكس الصورة الحقيقية لطبيعة كيان الاحتلال الإسرائيلي القائمة على العنصرية والإرهاب والإجرام والتسلط والسرقة والنهب واغتصاب حقوق الآخرين، على عكس الدور الذي لا تزال تقوم به وسائل إعلام عربية من تغطية واسعة وفرد مساحات شاسعة للتغطية والتحليل واستضافة المأجورين، والمفتين في إطار مواكبتها لما دأبت على تسميته بـ”الربيع العربي”، في تناقض يتخم بطون الكلاب، في حين كان المرتجى أن تتحول وسائل الإعلام هذه إلى الضفة الأخرى لتبعد الشبهات عنها، وتبيِّض صفحتها مع المشاهدين، وتغيِّر الصورة الذهنية المنطبعة بأنها ليست سوى وسائل إعلام مأجورة وعميلة وتابعة لسياسات دول استعمارية تقود مشروع التدمير والتخريب في المنطقة ودولها بشعار خادع وكاذب وهو “الربيع العربي”. لأن تغطية الحدث داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي في جانب منه يمثل دعمًا للشعب الفلسطيني بتعرية الكيان الغاصب وإظهار حقيقته العنصرية الإرهابية.
ومما لا تزال الذاكرة تحتفظ به في خضم متابعة تغطيات بعض وسائل الإعلام المأجورة والمشبوهة والموجهة لغسل أدمغة الناس في المنطقة، والسيطرة على عقولهم وأفكارهم وغرس شعارات وأفكار وآراء مختلفة تتساوق مع ما يريده الامبرياليون والمستعمرون والمحتلون، كيف لعبت قنوات عربية مشبوهة في توجيه الرأي العام العربي نحو أجندة استعمارية تدميرية وتخريبية، وكذلك توجيه من تسميهم هذه القنوات بـ”الثوار” في الدول العربية المستهدفة، وتزويدهم بالإحداثيات، مع رفع معنوياتهم وشحنها باستضافة من تسميهم أيضًا خبراء عسكريين ومحللين سياسيين، ومفتين. فعلى سبيل المثال لا يزال ذلك المشهد حاضرًا في الذهن والذاكرة كيف ضاعفت تلك القنوات المأجورة والمشبوهة جهدها من أجل تحديد مكان الزعيم الليبي معمر القذافي من خلال استضافة من قد يكونون لديهم معلومات عن أماكن اختبائه، وتوجيه من تسميهم بـ”الثوار”، وكيف يردد المذيع المعلومات بصورة لافتة التي يحصل عليها ممن استضافتهم القناة.. وطبعًا هذا غيض من فيض.
السؤال الذي يطرح ذاته هو: أين هذه القنوات مما يجري اليوم في كيان الاحتلال الإسرائيلي؟ ألا يمكن تسميته بـ”الربيع الإسرائيلي”؟ وألا يمكن إطلاق تسمية “ثوار” ليهود الفلاشا الذين ينحدرون من أصول إثيوبية؟ ولماذا تهضم حقوقهم وينظر إليهم نظرة احتقار ودونية؟ أليس كيان الاحتلال الإسرائيلي كيانًا ديكتاتوريًّا عنصريًّا إرهابيًّا يقمع مواطنيه ويسلبهم حقوقهم؟ أين العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع الإسرائيليين؟ أوليس نتنياهو ديكتاتورًا وسفاحًا وقاتلًا؟ أوليست الشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي يقتلان شعبهما؟ ثم ألا يحق للدول العربية المكتوية بنار تدخلات كيان الاحتلال الإسرائيلي في شؤونها ومؤامراته ضدها أن ترد وتدعم المحتجين بالمال والسلاح؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4678 / 2339748

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

54 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 55

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28