] “قدوتنا رئيسنا” إغلاق محكم لصفقة القرن؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 12 أيار (مايو) 2019

“قدوتنا رئيسنا” إغلاق محكم لصفقة القرن؟

الأحد 12 أيار (مايو) 2019 par نادية عصام حرحش

ما يجري يبدو أكثر من كونه تأثير حمى الصيام والشهر الكريم على معشر الفلسطينيين. فتبدو الأمور وكأنها مزحة رمضانية، كتلك التي يقوم بها رامز جلال، ولكن مزاحنا الفلسطيني لا يوجد في آخره رامز يخلع فيها وجه الغوريلا كما في موسمه الحالي من مزاحه الثقيل.
بدأ الموسم الرمضاني بتحليل ونقل لما جاءت به إحدى الصحف الإسرائيلية من تسريب لما يسمى بصفقة القرن، من قبل اعلامي بارز في السلطة الفلسطينية. ثم نقل الموقع الإعلامي التابع لنفس الإعلامي البارز ما يشبه التغطية الإعلامية لاحتفال “إسرائيل” بعيد استقلالها.
بكل جدية، شعرت وكأنني أعيش داخل مزحة ثقيلة، ولا اعرف ان كان تأثير المسلسلات الرمضانية على عقلي هو السبب. فلبعض اللحظات فكرت ان الامر لا يتعدى نصف ساعة من مشاهدة مسلسل سيء يقوم بدور البطولة فيه نجوم صار من الواجب مشاهدتهم، لنستطيع ان نفهم ما يجري حولنا من ترميز و”تأليه” للشخوص.
كانت الضربة القاسمة تلك التي أتت من جهة وزارة التربية والتعليم. كذبة ام مزحة او مجرد إشاعات مغرضة، تمنيت من كل قلبي ان تكون. فلقد جاء الوزير الحالي ليعطينا بعض الامل في تصليح ما قام به سابقه من تغييرات كانت شكلية مرتكزة في معظمها على شخصه، وتغيير أقرب الى التشويه في المناهج سيؤثر بلا شك على شكل مفاهيم الأجيال القادمة من حيث مفاهيم الهوية الوطنية وشكلها وابعادها. لا يفهم أحد حتى اللحظة من اين خرج الكتيب الذي اثار مواقع التواصل الاجتماعي، وجعل الشعب الفلسطيني بكافة اختلافاته يتوقف كثيرا امامه، بين سخرية وشجب وهلع وتحذير.
“قدوتنا رئيسنا” عبارة عن كتيب أطلقته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ضمن مبادرة “لأجل فلسطين نتعلم” حيث يستلهم اقتباسات من كتب لرئيس دولة فلسطين محمود عباس، حسب ما نقل عن وكالة وفا.
في فيديو نقل عن عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لفتح اثناء حفل إطلاق الكتيب، عبر فيه عن غبطة الرئيس بالكتيب الذي جعله “فرحا” على مدار يومين واراد إعادة طباعته ( هل كان الكتيب موجود من قبل) وتعميمه على كافة المؤسسات التعليمية…يومين وهو يعيش في جو لقائه معكم، …كم أعجب …” كان كلام عزام الأحمد، الذي رأى ان بمثل هكذا مبادرات (الكتيب) لن ترى كلمة موشيه ديان، النور بنسيان الجيل الفلسطيني القادم قضيته! تكلم الأحمد عن أهمية رفع مستوى الوعي الوطني، ولم أستطع الا ان أفكر، هل كان جديا؟ هل يسمع هؤلاء ما تنطق به أفواههم؟
لن اتوقف كثيرا امام “كلمته” التي حاول فيها تأكيد لقائه بالرئيس و”تشهيد” من كانوا بكلامه لتأكيد صدقه، ولكن لا يمكن العبور عن اشارته “لإحداهن” بأن الرئيس قال لها انها قد تكون الرئيس القادم. ذاك التعبير “الشوفيني” الذكوري وكأن وجود المرأة امر استثنائي وعجيب وخارج عن الطبيعي يستدعي حتى دهشة القيادي العظيم!
عن أي تعليم وعن أي وعي نتكلم، في وقت صار فيه الرئيس هو الوطن، وحتى امرأة ممكن ان تكون في يوم ما رئيس (مع استغراب)؟
الا يتعظ هؤلاء من تجارب دول الجوار التي لا تزال المنطقة تحترق في لهيبها، بسبب الرئيس الواحد والاوحد. ألا يخافون او يتعظون من نهاية لرئيس يصير بأيديهم وافواههم ليكون هو الوطن لأجيال لا نعرف ان كانت ستعرف من فلسطين حتى خريطة؟ في وقت نسمع فيه عن ” فلسطين الجديدة”، هل مشروع الرئيس قدوتنا هو ما سنكون عليه كفلسطينيين جدد؟
هل سيكون كتيب “قدوتنا رئيسنا” اسوة بالكتاب الأخضر للرئيس الراحل معمر القذافي؟ وهل سيكون الغلاف اصفر لتأكيد فلسطين الجديدة بعلم الحزب الواحد كذلك؟
لا اعرف ولا يمكن لعقلي استيعاب كيف يمكن لوزير التربية والتعليم الذي عقدت الآمال عليه لإصلاح ما خربه سابقه بأن يبدأ بهكذا خطوة تؤكد على تدمير الوعي الفلسطيني وهدمه واسقاطه لأجيال قادمة.
لا نزال نعول على هذا الجيل القادم ليلملم ما خربه الدهر ربما، وها هي وزارة التربية والتعليم تأخذ دور الريادة في تدعيم التشويه الموجه نحو الشخص الواحد والحزب الواحد.
الشعب الفلسطيني لا يسمع من الرئيس الا أقوال تعتبر مأثورة للاحتلال وشعبه، الذي لا يصدقه ولا يعير كلامه قيمة او أهمية. فلقد رأينا نتيجة الانتخابات الإسرائيلية وتأثير مقولات الرئيس وتنازلاته الشهيرة على محطات التلفزة المختلفة. فأنا كفلسطينية إذا ما اذكر للرئيس مأثورات اقوال، لا اذكر الا: “التنسيق الأمني المقدس”، ” وهمه بشر”، و”مجندة ابنة الثماني عشر تتحكم بمروري أو عدمه عن معبر”. آنا كفلسطينية ترن في اذني تأكيدات الرئيس اته لا يريد العودة الى صفد الا زائرا.
فماذا هناك من مأثورات اقتباسات لأقوال رئيس مهما كتب، فإن افعاله واقواله التي سحبتنا الي القعر لا تنسى.
ما الذي يريدون مسحه من الذاكرة الجمعية للفلسطينيين؟ الا يكفي ما يعيشه ابناؤنا من كذب وخديعة وانحطاط صرنا نرى فيها حرب الشوارع بدل المقاومة.
ما الذي يريدونه من أجيال صارت ترى العلم الفلسطيني بلون حزب، وصارت المقاومة فيها زراعة تفاح وزيتون؟
ما الذي يريدونه من شعب لم يعد البحر أحد حدود وطنه، وصارت رام الله فيه العاصمة، والقدس إسرائيلية وغزة هناك تتبع لحماس.
ما الذي يريدونه من أجيال تتربى على إطلاق النار في الاعراس والانتخابات البلدية واغاني لوزراء ومسابقات باسم وزير وكتيب قدوتنا رئيسنا.
سواء كان هذا الكتيب “زلة” غير مدروسة لوزير التربية والتعليم، ام كان من نتاج سالفيه من وزارات ووزراء، لا يمكن اعتبار الامر سقطة او غلطة، لأن الحديث عن التعليم لا يمكن تجاوز الأخطاء الشخصية فيه. فزلة قلم او لسان تحفر في عقول الملايين من الأبناء.
فإذا ما فرض هذا الكتيب على وزير التربية والتعليم، فمن الاجدى له ان يستقيل احتراما لما يحمله اسمه وشخصه من احترام الكثيرين.
ارحمونا وارحموا ما تبقى فينا من وطن…
حتى رمضان لم يعد كريم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 80 / 2331039

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 21

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28