] الاخبار ملف: غزة تكسر العدوّ مجدّداً - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 7 أيار (مايو) 2019

الاخبار ملف: غزة تكسر العدوّ مجدّداً

الثلاثاء 7 أيار (مايو) 2019

كان متوقعاً منذ التجربة الثانية لتطبيق التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية والعدو الإسرائيلي أن الأخير لن يقدم شيئاً إلا تحت الضغط. وإذا ما ضُبطت المواجهة الجارية ولم تتحوّل إلى حرب، وعُقد اتفاق جديد على تطبيق الاتفاق الثالث، فستكون هذه هي المرة الرابعة التي تختبر فيها غزة السيناريو نفسه: اتفاق على الهدوء، تنصّل تدريجي، مواجهة متصاعدة. الجديد هذه المرة أن «الساعات القتالية» تطوّرت إلى «أيام قتالية» مع زخم أكبر وتكتيك جديد لدى المقاومة التي أصّرت على إيقاع «خسائر مدروسة» في الجانب الإسرائيلي. وبينما وصلت الصواريخ حتى أمس إلى حدود 60 كلم، وأظهرت فصائل المقاومة تناغماً منقطع النظير في الأداء الميداني، تبيّن فراغ بنك الأهداف الإسرائيلية سوى من قصف الكوادر الميدانيين والاستهداف الأوسع للمباني السكنية والمدنيين. وتتصادف هذه الجولة مع وجود وفدين رفيعي المستوى من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» إلى القاهرة، وهو ما يعني أن تحصيل ثمار المواجهة التي انكسرت فيها إسرائيل أمام غزة مجدداً ووجدت نفسها مرة أخرى أمام «اللاحرب» و«اللاتهدئة من طرف واحد»، منوط بطريقة إدارة قيادة الحركتين المفاوضات من هناك

- المقاومة ترفض «الهدوء مقابل الهدوء»: إسرائيل تنكسر مجدداً أمام غزة

فلسطين هاني إبراهيم الإثنين 6 أيار 2019

المقاومة ترفض «الهدوء مقابل الهدوء»: إسرائيل تنكسر مجدداً أمام غزة
لم تلقَ الشائعات الإسرائيلية صدى لدى الغزيين الذين أظهروا صموداً وثقة بالمقاومة (أ ف ب )

غزة | لم تقبل المقاومة الفلسطينية فرض معادلات جديدة عليها بعد المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ تفاهمات التهدئة، إذ ردّت بقوة كبيرة على الاعتداءات التي بدأت مساء الجمعة الماضي بقنص جيش العدو عدداً من المتظاهرين في «مسيرات العودة»، عبر الرد فوراً بقنص ضابط وجندية، ليغتال العدو عنصرين من المقاومة، وتنطلق في اليومين الماضيين الردود وردود الفعل بين الطرفين. وحتى الساعة الأخيرة من أمس، بدا واضحاً أن التصعيد مستمر، وخاصة أن قيادة المقاومة الموجود جزء كبير منها حالياً في العاصمة المصرية القاهرة، أصرت على تطبيق تفاهمات التهدئة السابقة دون شروط، رافضة مقترحاً إسرائيلياً تحت عنوان «الهدوء مقابل الهدوء» مثل المرات السابقة، دون ضمان لتطبيق التفاهمات، وهو ما سيدفع غالباً نحو يوم جديد من القتال إذا لم يتنازل العدو ويقبل شرط المقاومة حتى الصباح.

وبينما بدا جلياً قدرة المقاومة على التفاوض بالنار، وعلى إحداث إرباك في الساحة الإسرائيلية وجعل خيار الحرب مكلفاً، أشعل العدو حرب شائعات حول عملية عسكرية كبيرة، لكن ذلك لم يلقَ صدى لدى الغزيين، بل اتضحت المعنويات العالية لديهم وثقتهم بالمقاومة بمواصلتهم حياتهم بصورة طبيعية إلى حد ما. وميدانياً، أسفر العدوان عن استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين، فيما استطاعت المقاومة قتل 5 إسرائيليين وإصابة أكثر من مئة عبر القصف الصاروخي المكثف واستهداف مركبات عسكرية بصواريخ موجهة. وفي الحصيلة أيضاً، دمرت الطائرات الإسرائيلية 15 عمارة سكنية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، النقطة التي كانت منطلقاً لتصعيد رد المقاومة. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفع مساء أمس عدد الشهداء إلى 26، منهم ثلاث سيدات مع جنينين، إضافة إلى رضيعين وطفل، فيما أصيب 154 مواطناً بجراح مختلفة.
وللمرة الأولى منذ 2014، عاد العدو إلى تنفيذ عدد من عمليات الاغتيال بحق عناصر المقاومة في مناطق مختلفة، ما أدى إلى عدد من الشهداء، لكن النسبة الكبرى كانت من المدنيين جراء استهداف المنازل، ومنهم عائلتان شمال القطاع، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية مأهولة في منطقة الشيخ زايد، ما أدى إلى استشهاد أحد كوادر «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» طلال أبو الجديان وزوجته وطفلته الرضيعة، كما استشهد أربعة آخرون، بينهم امرأة وجنينها في استهداف طاول عائلة المدهون في بيت لاهيا (شمال). وبينما نعت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس» اثنين من عناصرها على الأقل، نعت «سرايا القدس» سبعة من عناصرها. ووفق حصيلة شبه رسمية، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 200 غارة، إضافة إلى استهداف المدفعية والبوارج البحرية أكثر من 100 موقع، بينها بنايات سكنية تضم مؤسسات إعلامية، إضافة إلى قصف وتدمير أراضٍ ودفيئات زراعية، علماً بأن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه هاجم ما لا يقل عن 320 هدفاً منذ السبت.

أعلنت «سرايا القدس» إدخالها صاروخ «بدر 3» برأس متفجر 250 كلغ

في المقابل، كبّدت المقاومة الفلسطينية العدو الإسرائيلي خسائر في الأرواح والممتلكات خلال تصديها للاعتداءات. ورغم فرض الرقابة العسكرية حظراً على المعلومات، أقرّ الإعلام العبري بمقتل 5 مستوطنين منذ صباح السبت الماضي وإصابة أكثر من مئة، فيما نقلت الإذاعة العبرية أن أكثر من 600 صاروخ أطلقت من غزة خلال اليومين الماضيين. وكشف العدو مساء أمس أن صاروخاً أصاب منزل رئيس «لجنة الخارجية والأمن» في الكنيست ورئيس «الشاباك» الأسبق، آفي ديختر، في عسقلان صباحاً، كما نقل مسؤول كبير في سلاح الجو الإسرائيلي أن مستوطنات «غلاف غزة» والجنوب تعرضت لـ«هجوم غير مسبوق» بالصواريخ. وذكرت مصادر طبية إسرائيلية أن الجولة الحالية حصدت حتى الآن حياة 3 إسرائيليين، اثنان منهم في عسقلان، وثالث في استهداف مركبته بصاروخ موجه شمال شرق القطاع، فيما أصيب 131 إسرائيلياً بجراح مختلفة، خمسة منهم في حال الخطر (اثنان في حال الموت السريري) على الأقل، كما تضررت عشرات المباني وخاصة في عسقلان. ولاحقاً، أعلن الإعلام العبري مقتل حاخام متأثراً بإصابته بشظايا صاروخ سقط في أسدود، فيما كشفت المصادر العبرية عن مقتل مستوطنة أخرى بعد استهداف المركبة التي كانت تستقلها بصاروخ «كورنت» موجه بخلاف المستوطن الآخر الذي أعلن مقتله في الاستهداف نفسه.
عدد الشهداء حتى مساء أمس 26، منهم ثلاث سيدات مع جنينَين، ورضيعان وطفل، فيما أصيب 154 مواطناً بجراح مختلفة

وكانت «كتائب القسام» قد نشرت مقطعاً مصوراً يظهر عملية استهداف مركبة عسكرية شمال القطاع بصاروخ موجه، لكن يظهر في المقطع قطار بالإضافة إلى حافلة وكلاهما غير محصن، في إشارة إلى القدرة على إيقاع أعداد كبيرة من القتلى من غير العسكريين. كذلك، أعلنت «غرفة العمليات المشتركة» لفصائل المقاومة إطلاق مئات الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية، وبثت فيديو مشتركاً لاستهداف ناقلة جند إسرائيلية بصاروخ «كورنت» شرق القطاع. وفي وقت متأخر، أعلنت السرايا أنها أدخلت صاروخ «بدر 3» في هذه الجولة، وأن رأسه المتفجر يزن 250 كلغ.
أمام هذه المعطيات، أمر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، جيشه بـ«مواصلة هجماته بقوة»، وبتعزيز وحدات من أسلحة المدرعات والمدفعية والمشاة للتعامل مع أي تطور، محملاً «حماس المسؤولية عن هجماتها وعن تلك التي تنفذها الجهاد الإسلامي»، واعداً سكان الجنوب بـ«العمل لاستعادة الهدوء والأمان». وبالتزامن مع الحديث الإسرائيلي عن التحشيد، نقلت القناة العبرية الثانية نبأ يفيد بوجود «وساطات دولية لإعادة الهدوء»، فيما أكدت مصادر في المقاومة أنه لا هدوء دون ضمان تطبيق ما تم الاتفاق عليه أخيراً. وفي هذا الإطار، قال المنسق الخاص للأمم المتحدة لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أمس، إن «الأمم المتحدة تعمل مع جميع الأطراف لتهدئة الوضع في غزة»، مضيفاً: «أدعو إلى وقف التصعيد الفوري والعودة إلى تفاهمات الأشهر القليلة الماضية... أولئك الذين يسعون إلى تدميرها (التفاهمات) سيتحملون مسؤولية الصراع الذي ستكون له عواقب وخيمة على الجميع». كذلك، أدان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الهجوم الإسرائيلي على غزة، وطالب بوقف العمليات العسكرية.

- استراتيجية المقاومة: التدرّج في استخدام القوة

فلسطين هاني إبراهيم الإثنين 6 أيار 2019

0

على رغم عودة العدو الإسرائيلي إلى سياسة الاغتيال المباشر ضد المقاومين الفلسطينيين لأول مرة منذ الحرب الأخيرة عام 2014، باغتياله الشهيد حامد الخضري (34 عاماً) المتهم بالمساهمة في نقل أموال من إيران إلى غزة، وهو من أكبر الصرّافين في القطاع، بدا واضحاً تجنب الجيش الإسرائيلي إحداث مجازر كبيرة بين المدنيين مثلما كان يحدث في الحروب الماضية، خشية رد فعل المقاومة التي أظهرت قدرتها على إصابة الجنود والمستوطنين في الجولة الجارية.

فمنذ بداية المواجهة، أول من أمس، اعتمدت المقاومة تكتيكات جديدة، ولا سيما في الصواريخ التي باتت تطلَق بأعداد أكبر في وقت متزامن، مع التركيز على مدينة واحدة، وهو ما أدى إلى إحداث أضرار كبيرة ووقوع قتلى وعشرات الإصابات. الأخطر على العدو في هذا الأسلوب أنه يجري بصورة مشتركة وجماعية بين الفصائل كافة، وبخاصة «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، و«سرايا القدس» الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي»، وهو ما لم يتعامل معه بهذه الصورة من قبل، ويناقض محاولاته منذ بداية المواجهة بثّ رسائل فرقة بين الحركتين عبر تركيز المستويات السياسية والإعلامية الإسرائيلية على «الجهاد».
مجدّداً، أخفقت «القبّة الحديدية» في التصدّي لصواريخ المقاومة الكثيفة (أ ف ب )

ومجدداً، استعملت المقاومة التدرج في الاستهداف، وتوسيع البقعة التي تصل إليها الصواريخ تناسباً مع الاعتداءات الإسرائيلية، إذ بدأت باستهداف مستوطنات «غلاف غزة» برشقات صواريخ على نحو متفرق، لكنها سرعان ما اتجهت إلى إطلاق الصواريخ بكثافة أكبر وتركيز جغرافي محدد بعدما عمد العدو إلى قصف المباني، في رسالة من المقاومة بقدرتها على تهجير مدن بأكملها وإحداث أضرار كبيرة فيها، وهو ما أشار إلى بوادره الإعلام العبري عندما ذكر أن نحو 35% من سكان المستوطنات القريبة من القطاع تركوا منازلهم. أيضاً، تأكد ــــ كما في الجولتين القتاليتين الأخيرتين خلال الشهور الماضية ــــ أن صواريخ المقاومة صارت ذات دقة أفضل وقدرة تدميرية لافتة، وباتت تحمل رؤوساً متفجرة أفضل مما كانت عليه.

الأساليب المستخدمة تهدف إلى رسم خطوط حمر يكون ثمن تجاوزها كبيراً

من جهة ثانية، حمل استهداف ناقلة جند وجيبين عسكريين بصواريخ «كورنت» موجّهة شرق القطاع، رسائل بقدرة استخبارية عالية لدى المقاومة، وإمكانية توجيه ضربات مؤلمة إلى الجيش في منطقة «غلاف غزة»، وأيضاً الرد على عودة سياسة اغتيال المقاومين بضربات نوعية تهز المنظومتين الأمنية والعسكرية، مثلما أظهر مقطع مصور باسم «غرفة العمليات المشتركة» لعملية استهداف حدودية، علماً بأن إحدى ضربات أمس أدت إلى مقتل جندي واحد على الأقل.
وعلى رغم أن هذه التكتيكات ميدانية، إلا أن الخلفية التفاوضية مع الاحتلال واضحة، لأن الأساليب المستخدمة كانت تهدف إلى رسم معادلة وخطوط حمر أمام العدو يكون ثمن تجاوزها كبيراً، مع إدراكها (المقاومة) أن هناك سوء تقدير لدى الاحتلال نابعاً من إحساسه بخشية الفصائل من تدهور الأوضاع ودخول مواجهة شاملة، وهو ما ثبت أنه غير صحيح، بعدما نفذت الأذرع العسكرية ضربات ضاغطة أظهرت أنها غير آبهة بإمكانية حدوث حرب، الأمر الذي أكده المتحدث باسم «الجهاد الإسلامي» مصعب البريم، عندما قال إن «المقاومة على عتبات مرحلة جديدة في جولة صدّ العدوان ربما تفضي إلى حرب مفتوحة».
عموماً، يمكن وصف طريقة عمل المقاومة خلال هذه الجولة بالاتزان وممارسة الضغط على الاحتلال بقدرة عالية، كونها تدرك أن الخيارات ضيقة لدى العدو الذي يريد إنهاء المواجهة في أقصر وقت، وهو يضغط في سبيل ذلك عبر عودة الاغتيالات واستهداف المنازل والأبراج من أجل إنهاء الجولة من دون الالتزام بشيء، الأمر الذي شرحه المحلل العسكري أمير بوخبوط في موقع «والا» العبري، بالقول: «إسرائيل في هذه اللحظات أصبحت في حالة جنون، وخاصة أنها كانت تبني على أن ينتهي التصعيد مع قدوم رمضان، لكن توقعاتها فشلت، لذلك لجأت في الساعات الأخيرة إلى استهداف منازل ومبانٍ وربما تتطور الى أبراج في الساعات المقبلة، وذلك من أجل دفع الفصائل الفلسطينية الى طلب وقف إطلاق النار، الأمر الذي لم يحدث». وأضاف بوخبوط: «بما أن الثمن الذي تدفعه إسرائيل بدا من اللحظات والأيام الأولى للتصعيد باهظاً، فإن (بنيامين) نتنياهو والجيش يخاف من عملية برية لا يريدها، ولذلك يطلق الجيش والإعلام شائعات تستهدف الفلسطينيين في غزة».

من ملف : غزة تكسر العدوّ مجدّداً

- تصعيد إسرائيلي مضبوط: لا للتورّط... لا للتنازل

فلسطين علي حيدر الإثنين 6 أيار 2019

0

ليس مفاجئاً أن تشهد الساحتان الفلسطينية والإسرائيلية تصعيداً في السياق العام للمواجهة، خصوصاً في ظلّ استمرار سياسة التنكيل التي يعتمدها العدو، وتخلّي غالبية المحيط العربي عن الفلسطينيين، والذي لم يثبّطهم عن خيار المقاومة والتصدي للعدوان الذي يستهدف تهويد فلسطين وفرض الاستسلام على أبنائها. أما في السياق الخاص، فإن التصعيد الأخير يأتي نتيجة إصرار الاحتلال على خنق قطاع غزة والضغط على سكانه لإخضاعهم.

هذه الجولة، التي وصفها رئيس أركان جيش العدو آفيف كوخافي بـ«الأيام القتالية»، باتت واقعة بعدما أظهرت إسرائيل تصميماً على عرقلة التسهيلات في المعابر، وإجراءات زيادة تزويد القطاع بالكهرباء، امتداداً إلى بقية جوانب الحصار، إلى جانب محاولات العدو المتكررة فرض معادلات ردع تطلق يده في مواجهة غزة. في المقابل، تهدف المقاومة إلى إسقاط هذه المساعي، ومنع العدو من التمادي في استهداف شعبها، وإفشال سياسة الابتزاز التي ترتكز على محاولة وضع حق المقاومة وسلاحها مقابل السماح بمقومات الحياة من غذاء ودواء وغيرهما.
مع ذلك، يواجه رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، وضعاً معقداً؛ فلا هو مستعد لتقديم تنازلات بمستوى رفع الحصار أو ما يقرب من ذلك، لحسابات تتصل بمعادلات الصراع مع المقاومة وأخرى داخلية، ولا هو مستعد لاتخاذ قرارات تورّط إسرائيل في مواجهة مفتوحة مع غزة. إرباكٌ ولّده إخفاق جيش العدو في إخضاع المقاومة وردعها عن الرد، وثنيها عن خيار الدفاع عن شعبها والسعي إلى رفع الحصار. وقد حضر هذا التعقيد لدى العديد من المراقبين الإسرائيليين، فمنهم من قال إن «حماس تعرف أن نتنياهو غير معني بحرب ستكون بلا طائل، لكن رئيس الحكومة يرفض أيضاً اتخاذ قرار قيادي. خياراته واضحة أكثر من أي وقت مضى. يقول له كل قادة الأجهزة الأمنية من الممكن التوصل إلى اتفاق طويل مع غزة، ولكن يكمن في ذلك ثمن مؤلم». ويؤكد آخر أنه «ليس لدى نتنياهو أي حل لغزة، وليس لديه مفهوم حول ما يفعل مع غزة، والأمر الوحيد الذي يريده هو تخليد الوضع القائم».
وفرض تعثّر محاولات التوصل إلى تهدئة في الساعات الأولى، على الطرفين، الارتقاء في مستوى الرسائل المتضادة. بالنسبة إلى مؤسسة القرار في تل أبيب، بدا التصعيد ضرورياً من أجل رفع مستوى الضغوط، أملاً في استعادة الهدوء، وذلك استناداً إلى تقدير مفاده أن مصلحة الطرف المقابل هي عدم التدحرج نحو مواجهة مفتوحة، وأن ما يريده في هذه المرحلة رفع الحصار أو على الأقل التخفيف منه. وهو ما تجلّى في حديث نتنياهو ضمناً عن استعداده للتوصل إلى اتفاق ما يعيد الهدوء، عندما قال: «نعمل وسنواصل العمل من أجل إعادة الهدوء والأمن إلى سكان الجنوب»، الأمر الذي يعني أن تصعيده يبقى محصوراً في محاولة تعزيز أوراقه في المفاوضات التي يقودها الطرف المصري. وعلى رغم محاولته الظهور بمظهر المبادر بإعلانه أمام الحكومة توجيهاته إلى الجيش بـ«مواصلة الهجمات المكثفة» ضد القطاع وحشد قوات المدرعات والمدفعية وسلاح المشاة حوله، إلا أن نتنياهو لم يستطع أن يخفي حجم القيود التي تكبّل عملية صناعة القرار الإسرائيلي.
من جهة أخرى، ومع أن التقارير الإسرائيلية تشير إلى أن تل أبيب تتهم حركة «الجهاد الإسلامي» بالتسبب في جولة القتال الحالية، عبر قنص أحد مقاتليها ضابطاً وجندية، رداً على اعتداءات جيش العدو ضد المتظاهرين الفلسطينيين، إلا أن الكيان يركز في خطابه واعتداءاته على «حماس». وفي ترجمة لذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن «استهداف مقرّ كتائب القسام كان بقرار من الأعلى، وليس نتيجة ردّ فعل فوري من طرف القيادة في منطقة غزّة». وفي الإطار نفسه، يندرج حديث نتنياهو أمام الحكومة عن أن «حماس تتحمل المسؤولية ليس فقط عن الهجمات والنشاطات التي تقوم بها، بل أيضاً عن نشاطات الجهاد الإسلامي، وهي تدفع ثمناً مؤلماً جداً لذلك»، في محاولة لإحداث شرخ بين قوى المقاومة.
وفيما رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن «مستوى التنسيق بين حماس والجهاد ليس واضحاً تماماً: هل قادت حركة الجهاد التصعيد الأخير منفردة أم أن حماس تستعين بالجهاد لإرسال رسائل لإسرائيل من دون تحمّل مسؤولية عن ذلك»، اعتبر المعلق العسكري في صحيفة «معاريف»، طال ليف رام، أن «الجهاد الإسلامي وحماس يعملان معاً بتنسيق غير مسبوق في جولات تصعيد سابقة»، وأن هذا الأمر يجعل ادعاءات الجيش «موضع شك». وأضاف ليف رام أن «جاهزية حماس للانتقال بسرعة إلى شن هجوم وخوضه مع قيادة الجهاد ينبغي أن تضع مرة أخرى تحدياً أمام تقدير الوضع لدينا، الذي استند بالأساس إلى أن الجهاد تسعى إلى حرب لا تريدها حماس».
الانطباع العام المتبلور في الساحة الإسرائيلية هو أن جولة التصعيد الحالية ستنتهي قريباً. ويستند هذا التقدير إلى مجموعة قيود تفرض نفسها على مؤسسة القرار السياسي والأمني، على رأسها إخفاق العدو في ردع فصائل المقاومة، وإدراكه محدودية خياراته. ويتعزز هذا التقدير مع اقتراب موعد احتفالات إسرائيل بيوم «استقلالها»، في إشارة إلى يوم إعلان «دولة» إسرائيل، وانطلاق مسابقة «اليوروفيجن» الأسبوع المقبل. في كل الأحوال، يبقى هاجس صواريخ المقاومة المنتشرة في غزة، والقادرة على استهداف وسط إسرائيل والمدن الرئيسية، الأكثر حضوراً في وعي القيادة الإسرائيلية وحساباتها.

من ملف : غزة تكسر العدوّ مجدّداً

- مماطلة العدو تفجّر حدود غزة: المقاومة مستعدة لكل الاحتمالات

فلسطين الحدث هاني إبراهيم السبت 4 أيار 2019

0

مماطلة العدو تفجّر حدود غزة: المقاومة مستعدة لكل الاحتمالات
برر الجيش الإسرائيلي قصف غزة بأنّ عملية القنص «حادث خطير» (أ ف ب )

بينما كان وفدا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يباشران جولة جديدة، وإن كانت متأخرة، من المباحثات مع المخابرات المصرية، عاد الوضع الميداني في غزة إلى الشحن والتحشيد، مسفراً عن أربعة شهداء بعد عملية قنص لجنديين إسرائيليين، في وقت شهدت فيه «مسيرات العودة» تصعيداً بالاستهداف المباشر للمتظاهرين

غزة | مرة أخرى، تعود غزة إلى دائرة المواجهة. تطور كان متوقعاً في ظلّ المماطلة الإسرائيلية الممتدة منذ أكثر من سنة في تنفيذ المطالب التي تتوسط القاهرة في شأنها. فعلى رغم الزيارات واللقاءات الأممية والقطرية في القطاع وخارجه، مضى نحو شهر، منذ التفاهمات الأخيرة التي سبقت الانتخابات الإسرائيلية، ولم يحدث إلا القليل مما تطالب به فصائل المقاومة.

وفي الوقت الذي كانت تتجه فيه الأنظار إلى العاصمة المصرية لمتابعة ما ستتمخض عنه لقاءات وفدَي حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» مع قيادة جهاز «المخابرات العامة» حول التفاهمات، اشتعل الميدان من جديد بعد استشهاد مقاومين استهدفهم العدو داخل موقع عسكري تابع لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس» وسط القطاع، إضافة إلى شاب كان يشارك في «مسيرات العودة» أمس. وفي هذا الإطار، برر المتحدث باسم جيش العدو اغتيال المقاومين بالقول إن «عملية إطلاق النار من غزة باتجاه قوة عسكرية إسرائيلية حادثة خطيرة، كانت تهدف إلى قتل جنود»، وفق بيان نقلته الإذاعة العبرية. وفي الوقت نفسه، أعاد العدو إعلان تعزيز قواته على الحدود خلال الأسبوعين المقبلين.

أعاد الاحتلال إعلان تعزيز قواته على الحدود خلال الأسبوعين المقبلين

إثر التصعيد الإسرائيلي، استنفرت فصائل المقاومة، معلنة في بيانات منفصلة استعدادها للمواجهة بعد دعوة «القسام» «جميع المقاتلين والأجنحة العسكرية لرفع الجهوزية والاستعداد للرد على جرائم العدو». ونعت الكتائب الشهدين علاء علي البوبلي (29 عاماً، من المغازي) وعبد الله إبراهيم أبو ملوح (33 عاماً، من النصيرات)، مشيرةً إلى أن أبو ملوح قيادي ميداني. وقالت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد الاسلامي»، في تصريح أمس، إن «مقاومتنا مستمرة لهذا العدو، ونؤكد أن مقاتلينا مستعدون لكافة السيناريوات».
في الوقت نفسه، أعلنت الصحة الفلسطينية استشهاد رائد خليل أبو طير (19 عاماً) متأثراً بجراحه التي أصيب بها شرق خان يونس مساء أمس، والشهيد رمزي روحي عبدو (31 عاماً) متأثراً بجراحه التي أصيب بها شرق البريج وسط قطاع غزة، وأصيب أيضاً 50 مواطناً بجروح مختلفة، بينهم 10 أطفال وامرأتان و3 مسعفين وصحافية. وجراء التصعيد، طلبت «الهيئة العليا لمسيرات العودة» من المشاركين في جمعة «الجولان عربية سورية» إخلاء جميع المخيمات خشية تجدد القصف وتعمد استهداف الاحتلال للمشاركين، إذ كانت مقررة مشاركة الآلاف في المسيرات رفضاً للقرار الأميركي بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل.
وطوال الأسبوع الماضي، بدا جلياً أن العدو عاد إلى التملص من التفاهمات، وهو ما دفع الفصائل الفلسطينية إلى البعث برسائل تفيد باستعدادها للعودة إلى التصعيد على الحدود، فيما هددت «الجهاد الإسلامي» بقصف المدن الكبرى في فلسطين المحتلة. جراء ذلك، وصف التلفزيون الإسرائيلي «كان» الوضع في غزة بأنه «خطير جداً» بعد التطورات الميدانية، مشيراً إلى أن «لدى حماس مصلحة في تصعيد الوضع خلال هذه الفترة مع اقتراب إعلان الخطة الأميركية (صفقة القرن)»، ولافتاً إلى إمكانية حدوث رد صاروخي من الفصائل.
ورغم التصعيد الجاري والتهديدات بالرد، كشف مبعوث «السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ميلادينوف، عن اجتماعه أمس مع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبحث تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بغزة، مشيراً إلى أن الاجتماع كان «مثمراً حول تنفيذ اتفاقات لجنة الاتصال للمانحين الدوليين (AHLC) بشأن الإغاثة الإنسانية في غزة ودعم الحكومة الفلسطينية».


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6304 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة دولية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28