] حقيقة الاحتلال العنصرية على الحواجز - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 19 كانون الثاني (يناير) 2019

حقيقة الاحتلال العنصرية على الحواجز

السبت 19 كانون الثاني (يناير) 2019 par نادية عصام حرحش

لا زلت أتمسك بكلمة حاجز بديلا لكلمة معبر، رافضة أن يكون الفاصل بين قلنديا وبيت حنينا معبر سيصبح دوليا على حسب ما تبدو الإعدادات له.
أو بالأحرى على حسب الواقع، بوابات إلكترونية وتفتيش شخصي وماكينات وإبراز وثائق. الفرق أنه بالمعابر الدولية هناك صبغة تبدو أكثر إنسانية من.
حواجز على نفس المنوال تحولت إلى معابر ونحن لا حول لنا ولا قوة. كل ما نحاول فعله هو المرور. حق بديهي لا يفكر فيه الإنسان الطبيعي. ولكن في حالنا هذا علينا أن نمر بهذا الوضع يوميا ليكون العبور إلى الجهة المقابلة من حياتنا اليومية أمراً كونيا في كل مرة.
منذ أيّام وأنا أحارب أمراً أزعجني في كم اللا اهتمام واللا مبالاة بموضوع افتتاح متجر صهيوني بقلب الأحياء الفلسطينية في القدس بإحدى المغتصبات من ناحية، والدفاع عن فتح المتجر وكأنه تحصيل حاصل بما هو عادي. فكان لسان حال الرد الذي يشيد بالاحتلال وخدماته المتوفرة، مقابل غياب السلطة وفسادها.
هؤلاء من المستحيل أن يكونوا من الشعب الذي يعبر الحاجز مشيا يوميا من أجل لقمة العيش أو لأي أمر. لأنه من المستحيل أن يكون هناك إنسانا عاقلا يعيش ما يجري من ذل ينخر بجلدك وأنفاسك وكأنك حيوان حقير متوحش معدي يجب لجمه والابتعاد عنه. قاذورات من كل الاتجاهات، لا يأبهون حتى لاستخدام خدمات التنظيف التي يتغنى بها محبي الاحتلال من فروقات بيننا وبينهم. ذكرني المشهد برحلات جسر الملك حسين. ذاك المعبر! نعبره عند السفر والحاجة. هذا المعبر يشكل جزء طبيعيا من يومنا. اَي إن هناك أناس يستخدمونه مرتين يوميا على أقل تقدير. كيف يمكن أن يصبح هذا عاديا.
المداخل المختلفة مشكلة من دهاليز حديدية جعلتني أفكر بأنه إذا ما زاد وزني بضع كيلوغرامات اخرى فلن أستطيع المرور. كل شيء عنصري في هذا المشهد حتى مسالة الجندر. أنت تدخل حرفيا وفعليا بقفص. شباك مكون من أسلاك فوقك تعلوك بعض السنتمترات إذا ما كان طولك ١٨٠ سنتمتر. الشباك الحديدية تبدو متهالكة مليئة بالقاذورات التي ترمى ربما بينما يلهو الجنود في فترات الاستراحة من التنكيل.
بين كل دهليز ودهليز يفصلك عن نهاية النفق هذا بوابات إلكترونية بلا شك مصنوعة عن قصد للأحجام الصغيرة. وكأنك تدخل في مفرمة لحوم. أو كالدجاج في المسالخ على الماكينات الكهربائية للسلخ والفرم.
مئات من الناس يقفون بالدور للخروج من هذه الدهاليز المقيتة وجندي أو اثنان في غرفة محكمة. كاميرات متعددة بكل زاوية تضرب إليها عينك. أوساخ في كل الاتجاهات…
شعرت بالذعر من ناحية ثم تذكرت أنني في حضن الاحتلال الجميل، فتذكرت من يتغنون بمزايا الحياة تحت الاحتلال وصرت أتساءل عن النظافة، الكل في داخله بلا شك يلوم الآخر العربي منا، ماسحا من ذهنه أننا نقع في داخل منطقة قابعة للاحتلال وعليه فإن مسالة التنظيف تقع عليهم. يخلو المكان من كل شيء إنساني إلا البشري الفلسطيني الذي يفقد شيئا من إنسانيته في كل لحظة عبور. ثم يتساءل العالم كيف يصبح الفلسطيني إرهابي؟ لماذا يطعن أحدهم جندي ينكل فيه بعد كل نقير الماكنة تجعله يصل لمرحلة يضطر فيها إلى خلع سرواله. برد ورياح. امرأة محجبة أو أما مع طفل رضيع. لا يهم … عليك الدخول إلى المفرمة على حسب الوصفة والتعليمات المحكمة الإتباع.
ثم تجلس في رحاب غرف الداخلية، لتدخل عالما حضاريا جديد. الخارج متقن الصنع في جهلك تعيش مئة عام إلى الوراء. هؤلاء لا يزالون في حقبة النازية. عقدة الغيتو تطارد ممارساتهم الاضطهادية.
دخلت حديثا بيزنطيا مع بعض النساء، تجمعنا في تلك اللحظات انتظار الدور لمكتب الداخلية. لا يمكن أن يكون الإنسان الغلبان الذي يتم الحديث عنه في موضوع رامي ليفي هو نفسه الإنسان الغلبان الذي يمر من هذا الحاجز كل يوم. قلت محاولة لجس النبض. كان الرد لطيفا ومحايدا عندما بدأت شرعية رامي ليفي بالوجود. دفاع وتباهي جعلني أفهم معنى أن يتأصل بداخلك الاحتلال فتفقد الشعور. تفقد الشعور بمعنى الإنسانية الحقيقية وتبيت شبه إنسان مستهلك جل ما تريده من هذه الحياة هو ما يوفره لك هذا الاحتلال. وكان الاضطهاد يصبح السبيل لاستنشاقه للهواء الذي تراه طبيعيا.
هؤلاء هم المتسوقون…. هم نفسهم المتسلقون على حبال وهم الحياة …. يعيشون باستهلاك هو كل حياتهم …. استهلاك تحت احتلال…. هذا هو الفلسطيني المعاصر


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

30 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 29

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28