] يوم أن وقف العرب .. وقفة الرجال - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2018

يوم أن وقف العرب .. وقفة الرجال

بقلم: فوزي رمضان
الجمعة 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2018

لايساوي حبة طماطم، هكذا وصف خبير قسم الابحاث في المخابرات الإسرائيلية أنور السادات قائد نصر اكتوبر، وهكذا قالوا إن المصريين والسوريين لن يجرؤوا على الحرب الرابعة ضد اسرائيل، قالوا سنحيل قناة السويس الى جحيم لو فكر المصريون العبور الى شرقها، وروجوا انهم الجيش الذى لايقهر، وقالوا سحقا للعرب مالهم الا الذل والمهانة.
الحال هكذا منذ 45 عاما ، دعاية صهيونية تحبط معنويات الجيوش العربية قبل شعوبها، تحصينات مدرعة على جبهة الجولان السورية، خط بارليف يخرج لسانه للجنود المصريين ويشعرهم بالعجز، فكيف العبور لحصن منيع يرتفع بساتر ترابى على ارتفاع 20 مترا بعمق 12 كم، ويمتد بطول 170 كم، يحوى 81 موقعا حصينا ودشما للدبابات، بنفس الطول تمتد انابيب تحوى مادة النابالم سريعة الاشتعال، والكفيلة بحرق اى هدف متحرك يعبر القناة.
الجنود المصريون ولدواعى التمويه، يرقصون ويلعبون على شاطئ القناة، هكذا خيل لهم انها امة مريضة لاهية، وان العرب عجزة ومستسلمون للمرارة والذل، ولم يعرف الموساد اقوى اجهزة مخابرات العالم، ان العرب امة ممكن ان تهزم لكن مستحيل ان تموت، لم يعرفوا ان العزم عقد برد الاعتبار، وان الارادة العربية قررت الثأر والانتقام ، لم يدر الموساد ان العمق العسكرى اللوجيستى امتد الى العمق الليبى، بتدريب الطيارين المصريين في القواعد الليبية على طائرات الميراج، وان الكلية الحربية المصرية نقلت الى العمق السودانى ، بعيدا عن مدى الطيران الاسرائيلى، من وراء عيون الموساد استوردت مصر، مضخات مياه ألمانية الصنع لصالح الدفاع المدنى، وهي في الاساس لصالح الخدمات الهندسية للجيش المصرى.
وحانت ساعة الصفر عندما قررت، القيادة المشتركة المصرية والسورية لضربة رد الاعتبار، في الساعة السادسة عصر السادس من اكتوبر، وتم تقديم الموعد الى الثانية ظهر نفس اليوم، بعدما علمت اسرائيل بالموعد ومع ذلك شلت عن فعل اى شيء، انه عيد غفرانهم الذى تتعطل فيه كل الخدمات حتى الطيران، ولعلمها استحالة قيام العرب بحرب في نهار رمضان، وهو شهر صومهم او حتى فى غيره.
اجتمع العرب جميعا لاول مرة في تاريخهم، وتم ارسال قوات عسكرية بكافة العتاد، مع المساعدات المالية لدول المواجهة، عنما وقف العرب وقفة الرجال، وضعت العراق كل الوحدات العسكرية تحت امرة القيادة السورية والمصرية، عندما حركت الجزائر ايضا الفوج الثامن للمشاة الميكانيكية،الذى يضم 3 الاف جندى وضابط الى حيث جبهة القتال في الجولان وقناة السويس، وحركت ليبيا لواء مدرعا بكافة عتاده الى الجبهة المصرية، ولاول مرة في التاريخ تقرر دول الخليج مجتمعة، وقف تصدير البترول الى الولايات المتحدة الاميركية، التي قامت بمساعدة اسرائيل بمبلغ 2.2 مليار دولار، لصد الهجوم الكاسح للقوات المصرية.
لاول مرة في تاريخ الحروب يستخدم النفط والارصدة المالية كسلاح فعال ،اجبر اميركا والجيش الاسرائيلى على وقف اطلاق النار، ومن ثم التفاوض، بعدما اصبحت الحرب مباشرة بين المصريين والقوات الاميركية التى اقامت جسرا جويا امد اسرائيل، بحوالى 28 الف طن من المعدات العسكرية، التى وصلت للجبهة الاسرائيلية رأسا من المصانع الاميركية، هنا كانت الضربة العربية القاتلة لاميركا، باصابة الشارع الاميركى بالشلل حيث النقص الحاد في الوقود.
لذا وبكل المقايس تعتبر حرب اكتوبر، من اعظم الانتصارات العربية في التاريخ الحديث، فقد ادار العرب حربهم باقتدار سياسى فعال ومؤثر، على كافة الاصعدة الدولية، اماعسكريا كان التخطيط العسكرى العبقرى للقيادة المصرية، فإن كان حاييم بارييف قائد سلاح المدرعات، ابان العدوان الثلاثى قد انشأ خط بارليف الشهير، فإن مهندسا مصريا مجندا كضابط احتياط، كان صاحب الفضل في هدمه، باستخدام مضخات المياه، في اختراق الساتر الترابى تمهيدا لعبور القوات، مع استغلال حركة المد والجزر واتجاه اشعة الشمس، وتم ازالة 3 ملايين متر مكعب من الاتربة، باستخدام تلك المضخات ذات الضغط العالي.
وفي عزف سيمفوني رائع نجحت قوات الضفادع البشرية، في واحدة من اعظم العمليات العسكرية، اغلاق مواسير النابالم قبل العبور بيوم واحد، وعندما حانت ساعة الصفر، اقلعت 220 طائرة بارتفاع منخفض جدا، لتفادى الرادارات الاسرائيلية، استهدفت مراكز السيطرة والنقاط الحصينة لخط بارليف، لتعود جميعا ماعدا 5 طائرات، تنطلق بعدها بخمس دقائق ،زخات 2000 مدفع على طول جبهة القتال، يتحرك تحت نيرانها 1600 قارب مطاطي، يحمل 80000 جندي كموجة اولى لعبور القناة.
مع نفس الاداء والعزف، يتحرك سلاح المهندسين بمد رؤوس الكباري، لتعبر كافة القوات بعدها، الى عمق 30 كيلومترا داخل سيناء، كذلك تتوغل القوات السورية الى عمق الجولان حتى بحيرة طبرية، وعندما فاق العدو الاسرائيلى من وهل الصدمة، ونتيجة لبعض الاخطاء، رد القوات السورية واحتل الجولان مرة اخرى، وعمل التفاف وتطويق للجيش الثالت الميدانى على الجبهة المصرية، ليتم بعد ذلك وقف النيران والتفاوض على الارض والسلام، وقد نجحت مصر استعادة اراضيها المغتصبة الى سيادتها، لكن لم تكتمل عصبة العرب بل انفرط عقدهم، وباتوا في صراع مع انفسهم، فلم تنس اميركا الموقف العربى في 73، فخططت ونفذت وجردت العرب من كل اسلحتهم، نفطهم وارصدتهم بل ووحدتهم، وبعد 45 عاما مضت مازال العرب يدفعون ثمن رجولتهم ووحدتهم في حرب اكتوبر.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 10

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28