] زينب حيدر تكتب: تهديدات العدو باقتحام رفح مستمرة.. فهل جيشه جاهز؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 23 آذار (مارس) 2024

زينب حيدر تكتب: تهديدات العدو باقتحام رفح مستمرة.. فهل جيشه جاهز؟

السبت 23 آذار (مارس) 2024

على صدى تآكل المعنويات والتردّد، يطل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على منبر الكذب والتضليل والتوحش ليتحدث عن استغراق العملية العسكرية في رفح لبضعة أسابيع، علمًا أن جنوده ما يزالون يذوقون الويلات في مدينة خان يونس منذ مدة طويلة، عدا عن أولئك الذين سُحبوا.. متجاهلًا أرض الواقع والميدان، يتحدث عن أهدافٍ ليست جديدة، لم يحقق منها أي شيء من الأيام الأولى للحرب على قطاع غزّة وحتّى الآن، فلم يحرّر أسيرًا من أيدي المقاومين، ولم يقضِ على المقاومة في غزّة، وخاصة حركة حماس.

تكرار الحديث عن شن هجومٍ على رفح أو تحقيق الانتصارات فيها، لا يتلاءم مع رؤى المراقبين والخبراء، فقد صرح اللواء في احتياط جيش الكيان إسحاق بريك أن “من يضغط للهجوم على رفح وحزب الله لا يدرك بتاتًا الكارثة التي يمكن أن تسببها هذه الهجمات على إسرائيل”. مع كلّ هذا؛ نجد أن بعض مسؤولي الكيان يصرون على استكمال الحرب واقتحام رفح، بالرغم من الخسائر التي يدفعون أثمناها وخاصة الجيش الذي يعاني الكثير. ليس هذا فحسب؛ بل إن صفوف جيش العدوّ هذا مختلة من الرأس حتّى آخر جنديّ، ولا قدرة لديهم على احتمال خسائر جديدة لا في أرواحهم ولا في مستقبلهم. ومع هذا، ينوي الجيش المثقل والمهزوم الدخول إلى رفح في بحثٍ عن المجهول في أرضٍ قد تبتلع كلّ غاصبٍ يضع أقدامه عليها. فما إمكاناته لتنفيذ العملية العسكرية في رفح؟ ولماذا هذا الإصرار على اقتحامها؟

الجيش الإسرائيلي بين الإمكانات والقابليات وواقع الجنود

بالنظر إلى استمرار الدعم الأميركي للعدو، فهو قادرٌ من ناحية الإمكانات العسكرية المقدمة له على أن يدخل إلى رفح. والحديث عن خلافات بين أميركا والطفل المدلل لا يعني أن لا اتفاق على الأهداف بينهما، فكلا الطرفين يطمحان بالقضاء على المقاومة في غزّة، لكن أميركا تطلب من حكومة كيان العدوّ تغيير الطريقة التي ينوي الجيش تنفيذ المهمّة عبرها.

في هذا الإطار، يكشف المتخصص في شؤون العدوّ الصهيوني حسن حجازي، في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنه على الرغم من إعلان العدو عن إقرار مخطّط لدخول رفح لكن “المسألة تتعلق أيضًا بجهوزية خطط الجيش، والجيش يقول إن الخطط لديه غير جاهزة”، ويضيف حجازي: “الأميركي أيضًا يطالب الإسرائيلي بأن يفكر بطريقة مختلفة، فهو لا يستطيع أن يقوم بهذه العملية وفقًا للظروف الحالية؛ لأن هناك أعدادًا كبرى من النازحين وهذه ستكون مجزرة كبيرة، والأميركي يواجه ضغطًا ووضعًا صعبًا، وعلى مستوى الرأي العام غير قادر على تغطية عملية من هذا النوع”. ويشير حجازي أيضًا إلى أن العملية العسكرية في رفح قد تكون ورقة ضغط في المفاوضات لإجبار المقاومة على تقديم التنازلات.

ويؤكد حجازي أن “نتنياهو يجيد توجيه الخطابات المراوِغة والمخادِعة، والمدة التي ستسمر فيها العملية غير معروفة، فهم استغرقوا في خان يونس حتّى الآن قرابة أربعة أشهر، وما يزالون يقولون لم نستكمل العملية في خان يونس، أما على صعيد الأهداف من العملية، فقد كانوا يتحدثون عن الوصول لقيادة حماس وتحرير أسراهم، وحتّى الآن هذه الأهداف لم تتحقق. وأيضًا في هذا الموضوع يمارس الاحتلال نوعًا من عملية التهويل والحرب النفسية، وغير معروف إلى أي مدى يمكن أن يكون قادرًا على الذهاب باتّجاه عملية من هذا النوع، كما قلنا ستكون مكلفة جدًّا”.

لكن من ناحيةٍ أخرى، حال جيش العدوّ يعكسه تعب الجنود العميق، وهذا ما أكده الخبير العسكري عمر معربوني لموقع “العهد” الإخباري “بالتأكيد أن العدوّ الآن يحاول الاستراحة على المستوى العسكري، كون هذا العدوّ وصل إلى مرحلة يمكن فيها توصيف جيشه بالجيش المنهك غير القادر الآن على تنفيذ مهام، بدليل أن المقاومة ما تزال تقاتل في مناطق قال جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ مدة طويلة إنه سيطر عليها”.

وبالحديث عن جيشٍ متعب، يُطرَح استفسارٌ عن تداعيات العملية العسكرية التي أعلن عنها العدوّ على هذا الجيش، وهنا يقول معربوني: “بالتأكيد هذا الجيش المنهك الآن سيعاني في منطقة رفح، لكن هناك تداعيات أعتقد ستنعكس عليه سلبًا عبر مراكمة المواقف الشاجبة، لأن أي عملية في رفح سيكون لها بالتأكيد نتائج مريعة على مستوى الإصابات، على مستوى القتل، على مستوى التدمير”. في هذا المجال، يضيف حجازي لـ“العهد” إن العملية: “تحتاج إلى إعادة شحن طاقة الجيش واستدعاء احتياط ربما، وهذه القضية أيضًا يمكن أن تكون جزءًا من الأمور التي يتحدث عنها رئيس الأركان هرتسي هليفي بأن الجيش غير جاهز، ولم يعد يخطط، من الممكن أنه يريد تجنيب الجيش الدخول في هذه المعركة، لأنها ستزيد من إنهاكه خصوصًا ما ستكلفه من خسائر بشرية كبيرة، من هذا المنطلق قد يكون الجيش غير جاهز حاليَّا لهذه العملية”.

ترجمة حديث العدو.. مشاكل جوهرية تعصف بجيشهم

هذا الكلام يؤكده المسؤولون والمحللون الصهاينة أنفسهم، فهم يعلمون جيّدًا أن تكلفة توسيع رقعة المواجهة باهظة الثمن. فقد صرّح المحلل العسكري ألون بن ديفيد بأنّ “كبار ضباط الجيش الإسرائيلي يبحثون عن اللحظة المناسبة التي يمكنهم فيها ترك المفاتيح والتقاعد بحثًا عن الشرف، ولا يدركون أن هذه اللحظة قد حانت بالفعل”. كما قال اللواء في الاحتياط إسحاق بريك “كلام نتنياهو فارغ؛ لأنه حتّى لو دخلنا اليوم إلى رفح ونجحنا، يوجد عشرات الآلاف من مقاتلي حماس داخل الأنفاق”. وهذا لا يدل فقط على إدراكهم النتائج القاسية بل على تشكيكهم في أصل النجاح بالدخول إلى رفح.

ويرى معربوني، في قراءته لهذه التصريحات، أنها تعكس في الحقيقة عجز الجيش الذي فشل في تحقيق أهداف ولو بسيطة وصغيرة لمواجهة مقاومة محدودة الإمكانات ومحاصرة في قطاع غزّة. ويعقّب: “على العموم؛ هذا أمر مهم جدًّا ستكون له تبعات على احتمالية أو قدرة الجيش على الاستمرار في القيام بتنفيذ مهام عسكرية، سواء في فلسطين أو حتّى في مواجهة المقاومة في لبنان”.

في هذا السياق، يشرح حجازي جانبًا من حال العدوّ: “طبعًا هناك مشكلة ومعضلة جوهرية، سواء بعد كلام قائد فرقة 98 بالجيش أم بعد كلام الكثير من المعلقين العسكريين والخبراء الذين هم على صلة وعلى معرفة بما يجري في الجيش. هناك إرباك كبير في صفوف الجيش، هناك مشكلة كبيرة على مستوى الجهوزية، على مستوى كفاءة. هذه القيادات التي أخفقت في الأساس في 7 أكتوبر وأخفقت في تحقيق انتصار، ولديها أسئلة كبيرة حول مسار العمليات وأهدافها وكم ستستمر، وماذا قد تحقق؟ هذا الجيش مرهق، الاحتلال اضطرّ لإيقاف الحرب وسط شمال قطاع غزّة، وسرّح الكثير من قوات الاحتياط ليريح مجموعات أو ألوية النخبة مثل غفعاتي والمظليين وغولاني من أجل التخفيف عنهم. هناك الآلاف ربما عشرات الآلاف من الجنود الذين أصيبوا، أصيبوا بصدمات حرب، وعدد كبير منهم معوقون ويحتاجون إلى الاستراحة الطويلة”.

بالرغم من الحال الصعبة التي يعيشها الكيان، إلا أن إصرار بعض القيادات العسكرية على خطوةٍ كهذه تعود إلى محاولات لمحو الماضي، خاصة أولئك الذين كانوا ضمن المسؤولين عن الإخفاقات في الـ 7 من أكتوبر. أما نتنياهو فهو يسعى إلى إشغال ساحة كيانه في قتالٍ دائم من أجل عدم اقتياده إلى المحاسبة والسجن، وهذا حتّى من أسباب عدم قبوله النقاش في “اليوم التالي ما بعد رفح”.

لكن هذه الحال لن تبقى كما هي، فالعدو في نهاية المطاف لن يحقق هدفه في القضاء على المقاومة. يؤكد معربوني أن المقاومة ليست جيشًا كلاسيكيًّا كي تُدمّر بناها التحتية وقدراتها، ثمّ القضاء على عدد من مجاهديها حتّى يُقضى عليها. هي تعمل من ضمن بيئة حاضنة، وهي مسألة فكر، هي مسألة ارتباط بقضية عادلة.
فمتى تقرّر قيادات العدوّ أن ترحم جنودها قبل فوات الأوان؟


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2331039

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات وقضايا   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 27

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28