قالت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية، إن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وبعد أن فوجئت عند بداية الحرب في غزة بهجوم حركة حماس المباغت غير المسبوق، فإنها تواجه الآن مشاكل الانضباط وانعدام الثقة المتزايد في الجيش تجاه القادة السياسيين.
وأضافت الصحيفة أنه من المفترض أن يكون الجيش الإسرائيلي “الأبكم الأكبر” أمام أوامر الحكومة، إلا أنه يُظهر علامات خطيرة على عدم الانضباط على أعلى المستويات. فالارتباك كبير داخل الجيش لدرجة أن رئيس الأركان، الجنرال هرتسي هليفي، اضطر إلى دعوة قواته إلى العودة إلى النظام في إعلان رسمي مساء الأحد على شاشة التلفزيون. كما دافع عن صلاحياته بعد هجمات شخصية من بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية اليميني المتطرف، الذي حرمه من حقه في إجراء سلسلة من التعيينات لكبار الضباط من خلال تقديمه كمسؤول عن “الفشل الفادح” في هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر في جنوب إسرائيل.
بطاقات صفراء
وتابعت “ليزيكو” القول إنه في غضون أسبوع، اضطر هرتسي هليفي إلى إبراز بطاقات صفراء في مواجهة جنرالين قدمتهما وسائل الإعلام على أنهما بطلين أثبتا نفسيهما على أرض الملعب. الأول، باراك حيرام، الذي تم توبيخه لأنه بادر، دون استشارة رؤسائه، إلى تدمير الجامعة الفلسطينية في غزة بالمتفجرات.
والثاني، دان غولدفوس، الذي شن هجوماً على الزعماء السياسيين من خلال دعوتهم إلى “الارتقاء لمستوى التضحيات التي قدمها المقاتلون” خلال خطاب عام وافقت الدولة على محتواه، لكنه أضاف إليه في نهاية المطاف في اللحظة الأخيرة بضع جمل قصيرة تشير إلى تورط الحكومة. وقد تلقى هو أيضا توبيخا من رئيس الأركان، الذي قال: “يجب الحفاظ على الانضباط، بما في ذلك من قبل الضباط الذين أظهروا البطولة خلال الحرب”. وأضاف: “لا يمكننا القتال عندما تكون مبادئنا وانضباطنا غير واضحة ولا يتم اتباعها”، وتقول الصحيفة إنه من الصعب معرفة ما إذا كان سيتم الاستماع إلى هذا النداء العاجل.
عدم الثقة
ومضت الصحيفة موضحة أن الأمر المؤكد الوحيد، هو أن الرأي العام الإسرائيلي وكتاب الافتتاحيات منقسمون. فمن ناحية، أولئك الذين يدعمون الجنرالين من خلال التأكيد على أنهما يعبران فقط عن عدم الثقة تجاه السياسيين الذي يشعر به العديد من الإسرائيليين أيضا. ومن ناحية أخرى، أولئك الذين ينتقدون عصيان الجنود الذين من المفترض أن يطيعوا أوامر الحكومة دون شكوى.
ثم تعمق الشعور بعدم الارتياح بعد الهجوم الذي أطلقه بتسلئيل سموتريتش. وبحسب هذا الوزير، فإن الجنود “فقدوا الثقة في هيئة الأركان العامة التي لم تعد قادرة على تحمل مسؤولية تعيين الضباط الذين سيشكلون الجيل القادم من جيش الدفاع الإسرائيلي”، قائلاً إنه “باختصار، ينبغي على هرتسي هليفي أن يكتفي بإدارة الحرب الحالية، لأنه ليس لدينا خيار”. في انتظار استقالته أو إقالته.
ونشر رئيس الأركان، بدعم من بعض الوزراء الأكثر اعتدالا ووسائل الإعلام والمعارضة، قائمة بترقيات شملت 32 عقيداً وعميداً، مؤكداً أن هذه التعيينات تدخل في نطاق مهامه. لكن الرجل يعلم أنه يلعب في الوقت الضائع، تقول “ليزيكو”، مشيرة إلى أنه يتعين على لجنة تحقيق داخلية في الجيش أن تعلن في يونيو/ حزيران المقبل استنتاجاتها الأولية بشأن المسؤولية عن كارثة السابع من أكتوبر، ولا سيما المخابرات العسكرية التي لم تأخذ في الاعتبار المعلومات المتعلقة بالاستعدادات لهجمات وشيكة من حماس، بما في ذلك تلك التي حدثت بالفعل. ويعكف مراقب الدولة، على إعداد تقرير آخر حول الإخفاقات التي سبقت الحرب. كما سيتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أعقاب القتال، حيث إن الصدمة التي سببها هجوم السابع من أكتوبر كانت عنيفة للغاية.
اضطراب
وبالفعل، تواصل “ليزيكو” فإن بعض المعلقين العسكريين، مثل ألون بن دافيد من صحيفة “معاريف” اليومية، يعتبرون أن بعض أعضاء هيئة الأركان العامة “يأملون في أن تسمح لهم النجاحات التي تحققت منذ بداية الحرب بالبقاء في مناصبهم”. ويتوقع أن يحذو ضباط آخرون حذو الجنرالين المذكورين سابقا، في عدم الانضباط و“التعبير عن عدم ثقتهم في القيادة السياسية والعسكرية”.
وعليه، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه عالقاً في وسط الاضطرابات. السبب الوحيد للأمل بالنسبة للجيش، هو أن حوالي 89% من الإسرائيليين، بحسب استطلاع للرأي، يواصلون وضع ثقتهم في الجيش على الرغم من كل الإخفاقات. من ناحية أخرى، فإن شعبية الحكومة والكنيست، التي كانت منخفضة للغاية قبل الحرب، تستمر في الانخفاض بشكل خطير، كما تقول “ليزيكو”.
