] جمال حويل: الوحدة فوراً وفاءً للشهداء - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023

جمال حويل: الوحدة فوراً وفاءً للشهداء

الثلاثاء 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023

مناضل معروف في فلسطين، قيادي بارز في حركة «فتح» وعضو مجلسها الثوري، مقاوم في معركة مخيم جنين، وأسير محرّر. جمال حويل، وهو الدكتور المحاضر في الجامعة العربية الأميركية في جنين، له كتاب صادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعنوان «معركة مخيم جنين الكبرى 2002: التاريخ الحيّ». التقته «الأخبار» في جنين، وكان الحوار التالي حول معركة «طوفان الأقصى»

- كيف تنظر إلى ما يحدث في قطاع غزة منذ أكثر من 45 يوماً والحرب المستعرة هناك؟

*في البداية، نترحّم على شهدائنا من الأطفال والنساء والشيوخ والمقاومين في غزة والضفة وكل مكان. باعتقادي أن هذا العدو الصهيوني الذي فقد الصواب منذ اليوم الأول الذي حققت فيه المقاومة النصر، أي من اليوم الأول لمعركة «طوفان الأقصى» التي كانت أكبر ضربة في وعي المجتمع الإسرائيلي والعربي والعالمي بأن إسرائيل «أوهن من بيت العنكبوت» وأنها دولة كرتونية. استطاعت المقاومة الآن أن تنتصر عليها عسكرياً وأمنياً ولوجستياً وسياسياً.
فالاحتلال، خلال أيام المعركة المستمرة، لم يستطع أن يحقق أي هدف عسكري أو أمني أو سياسي يسوّقه لمجتمعه أو للعالم، لذلك يلجأ إلى ارتكاب المجازر التي هي نهجه بالأساس كحركة صهيونية معتمدة على فكرة توراتية وكذلك كنهج استعماري تاريخي، لجأ إلى قتل عشرات الملايين من الشعوب المستعمَرة من أجل تحقيق أطماعه وأهدافه الدنيئة. انظر ماذا فعل الاستعمار البريطاني والفرنسي، وماذا فعلت أميركا بالهنود الحمر والأفارقة، قتلوا الملايين من أجل تثبيت سيطرتهم واستعمارهم، لذلك زوّروا الحقائق وشوّهوها. كذلك تعمل إسرائيل. قتلت وجرحت عشرات الآلاف، وتحاول تشويه الحقائق وبث الأكاذيب وفبركة المسرحيات الهزيلة، كما ادعت بشأن مستشفى «الشفاء»، فروّجت وجود قيادات «حماس» والعتاد وحتى الأسرى في المستشفى وتحته، وسوّقت هذه الرواية للعالم الظالم الذي لا يعرف إلا لغة القوة مع الحق. وبالتالي أقول إن إسرائيل في بداية نهايتها، ضمن هذه المعارك التي تحدث الآن في غزة العزة.

- هناك من راهنوا ولا يزالون يراهنون على وقوف دول وقوى محور المقاومة إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذه المعركة، وهناك من رأى أن مشاركة قوى المحور جاءت أقل من المأمول، فماذا تقول؟

*الجواب لا؛ باعتقادي يجب أن نشكرهم مبدئياً لأن هذه القوة وفرت للمقاومة الفلسطينية المال والسلاح والتدريب والخبرات والخطط الاستراتيجية والدعم السياسي والمعنوي والحسابات. وعلى جبهة جنوب لبنان، تمكنت المقاومة الإسلامية في لبنان على سبيل المثال من تدفيع إسرائيل أثماناً باهظة، ولا تزال تتضامن مع المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة. عندما يضطر العدو إلى تهجير سكان 25 مستوطنة من شمال فلسطين المحتلة، فهذا تدفيع للثمن، وعندما تستمر وتتواصل ضربات المقاومة لمواقع العدوّ وتحصيناته لأكثر من 45 يوماً، هذا أيضاً تدفيع للثمن وردع لهذا العدو. وعندما يقوم الجيش اليمني بالسيطرة على سفينة إسرائيلية نصرةً لغزة، فهذا تطور كبير واستراتيجي، وعندما تقوم المقاومة العراقية بشن هجمات متتالية على قواعد الأميركان في العراق وسوريا نصرة لغزة والشعب الفلسطيني، فهذا أيضاً تدفيع للثمن. لذلك محور المقاومة وقف ويقف إلى جانب شعبنا ومقاومتنا بإخلاص وصدق مختلفاً عن وقفة البعض الذي قد يقدّم المال من أجل تسمين قوى فلسطينية من أجل تسهيل ذبحها، أو من أجل ابتزازها سياسياً في مرحلة من المراحل. فكثير من الدول العربية التي طبّعت مع هذا الكيان ادّعت أنها دعمت وستدعم الشعب الفلسطيني للتغطية على ما فعلته وتفعله، لكن شتان بين دعم قوى محور المقاومة والدعم المزعوم من قبل تلك الدول المطبّعة، التي تريد وتعمل على تبنّي الرواية الصهيونية وتريد ابتزازنا سياسياً لمصلحة العدو. بالمقابل، يدعمنا المحور المقاوم من أجل تحقيق أهداف شعبنا المظلوم في التحرير والحرية والاستقلال. فكل الشكر لهذا المحور العظيم الذي وقف ويقف إلى جانب شعبنا وقوى المقاومة في مواجهة البطش الصهيوني المدعوم من قبل أميركا وقوى الغرب الاستعماري.

- لقد كان الميدان بوتقة انصهار الوحدة الفلسطينية الحقيقية في ظل الانقسام البغيض؛ فكيف ترى فرصة «طوفان الأقصى» للتخلص من الانقسام ووحدة شعب فلسطين كقوة مطلوبة في مواجهة العدو؟

* إذا لم توحّد هذه الدماء الشعب الفلسطيني وقواه الحية، فمن هو الغبي الذي سيقف في وجه هذه التضحيات ويبقي على الانقسام ولا يتجه نحو إنهائه؟ أنا أطالب من الآن القيادة الفلسطينية بأن تذهب إلى خطوات فورية وعاجلة لإنهاء الانقسام، وتجسيد الوحدة الوطنية الفعلية والحقيقية من خلال سحب الاعتراف بإسرائيل. وأن تشكل قيادة وطنية موحدة أو حكومة إنقاذ وطني، سمّها كما تشاء. المهم الذهاب العاجل والفوري إلى وحدة حقيقية. وأنا أخاطب الرئيس محمود عباس بأخوّة «الحق حالك والحق التاريخ». اسحب الاعتراف بإسرائيل ووحّد الشعب الفلسطيني لأن إسرائيل، وعلى مدار حكمك وأنت تطالب بالمقاومة الشعبية السلمية، لم يقدموا لك أي شيء. وإن الاحتلال لا يريد خيراً للشعب الفلسطيني، ولا أميركا تريد خيراً للشعب الفلسطيني، وهي تقوم بكل شيء من أجل إسرائيل وبقائها وتقويتها ومساندتها في التوغل في الدم الفلسطيني، وهي حقيقة راسخة متجسدة أمامنا الآن ومن قبل. لذلك أقول: من لم يدرك حقيقة الاحتلال فهو جاهل ولا يستحق أن يحكم. وبالتالي الخطر كبير جداً، حاولوا تهجير أهلنا في غزة قسراً، وهي خطط معدّة منذ زمن طويل. وهي خطط قديمة جديدة في إدارة المخابرات والاستخبارات الصهيونية ومنذ الخمسينيات تحدث عنها الأخ العزيز الشهيد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح صلاح خلف. فأدنى ما يمكن أن نقدّمه، وفاءً لشهدائنا وجرحانا ومشرّدينا، هو التوجة فوراً وبسرعة الضوء نحو وحدة وطنية حقيقية، تنقذ الشعب الفلسطيني، وتكون قوة صلبة في وجه مخططات هذا العدو.

- مؤتمر القمة العربية الإسلامية الذي انعقد في الرياض بعد أكثر من شهر على معركة «طوفان الأقصى» خرج بتوصيات منها البند الثالث، وهو العمل على كسر الحصار عن قطاع غزة، وهذا القرار لم يفعّل بعد؛ فماذا تقولون في ذلك؟

* مساندة شعبنا لا تحتاج إلى قمم وقرارات، تحتاج إلى فعل عملي فوري حقيقي. ورغم أن القمة هذه تأخرت لكنها عقدت؛ بعض الكلمات كانت داعمة لشعبنا ومقاومته في وجه العدوان، وبعض الكلمات كانت لا ترقى إلى أدنى مستوى من المطلوب.
المطلوب القيام بأفعال فورية، وليس أن أقول: عليهم طرد سفراء إسرائيل من عواصم التطبيع ووقف التطبيع، بل إلغاء التطبيع، ووقف تدفق النفط إلى أميركا ودول الغرب الداعم لإسرائيل فوراً. عليهم تفعيل سلاح المقاطعة ضد البضائع الإسرائيلية والأميركية وكل الدول التي تدعم الاحتلال، عليهم منع استخدام القواعد الأميركية التي هي على أراضيهم لتقديم الدعم اللوجستي للاحتلال في الحرب على غزة، عليهم فعل الكثير من مقدّرات يملكونها. نحن نبارك كل خطوة جدية فاعلة لمساندة شعبنا. ولكن أين المسيرات المليونية في مصر وغيرها؟ كنا نأمل أن تكون التظاهرات والفعاليات أكبر مما جرى ويجري بكثير.

- يشهد العالم منذ سنوات عملية التحول من القطبية الواحدة إلى عالم متعدد الأقطاب، فهل ترى في «طوفان الأقصى» أحد أوجه هذا التحول؟

*نعم، لقد قامت أميركا، منذ عقود، بخلق أزمات حادة في منطقتنا لتحقيق أهدافها الاستعمارية، لكنها فشلت في العراق وأفغانستان والصومال وسوريا واليمن، وكل المنطقة. وأدركت كل من روسيا والصين هذا الفشل، فقامت روسيا بالتقاط هذه الفرصة فخلقت لأميركا أزمة في أوكرانيا الواقعة في فضائها القريب.
أنا أعتقد أن الرابح الأول من هذه المعركة هما روسيا والصين، المنافستان الأقوى لأميركا التي قادت العالم بمزيد من الظلم والعدوان والتجبّر ونهب الخيرات والتسلط. لذلك، القول إنّ معركة «طوفان الأقصى» هي أحد تجليات هذا التغير العالمي، هو صحيح، وسيكون عالم جديد قائم على التوازن والعدالة والاستقرار. وستكون «طوفان الأقصى» مساهمة كبيرة ومهمة في هذا التغيير العالمي.
لقد حاولت أميركا، من خلال مشاريعها الفاشلة في العراق والسعودية واليمن وأفغانستان وسوريا، تقسيم البلاد العربية والإسلامية لمصلحتها ومصلحة إسرائيل، لكنها فشلت، وما المقاومة الفلسطينية وما محور المقاومة إلا حليف المحور الروسي الصيني الذي يتصدّى للمشاريع الأميركية الغربية، لذلك أعتقد أن «طوفان الأقصى» ستكون شرارة التغيير نحو المضيّ قدماً في إيجاد نظام عالمي جديد بعيد عن الظلم والاضطهاد، وأكثر استقراراً وأماناً في العالم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع اخترنا لكم  متابعة نشاط الموقع انتقاء التحرير   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 29

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28