] “ليل البلّور الطويل” في حوارة.. نتنياهو ووزراؤه يحرّضون والمستوطنون يحرقون ويدعون لمحوها - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 27 شباط (فبراير) 2023

“ليل البلّور الطويل” في حوارة.. نتنياهو ووزراؤه يحرّضون والمستوطنون يحرقون ويدعون لمحوها

الاثنين 27 شباط (فبراير) 2023

يواصل المستوطنون اقتراف جرائم بحق الفلسطينيين داخل الضفة الغربية يومياً، لكن المسؤولية تقع على حكومة الاحتلال، خاصة عندما يشارك فيها عدد من الوزراء ممن شجعوا على “محو حوارة” بعد عملية قتل المستوطنين الشقيقين.

وكان نائب رئيس ما يعرف بالمجلس الإقليمي “شومرون” الاستيطاني دافيدي بن تسيون قد دعا، قبيل ساعات من جريمة إحراق البيوت والمراكب جنوب نابلس، في تغريدة في حسابه في التويتر لـ “محو حوارة”: “اليوم، كفى مع الأحاديث عن البناء وتعزيز الاستيطان، إذ ينبغي استعادة الردع فوراً ولا مكان للرحمة”.

بن غفير لم يبتلع لسانه، بل يعلن، بصمتْه، تأييده لجرائم “ليل البلّور” في حوارة، وبحال فتح فاه فسينطق تبريراً وتشجيعاً للمجرمين.

أما رئيس المجلس الإقليمي “شومرون” يوسي دغان فلم يندد بدعوة نائبه لمحو حوارة، وطالب رئيس حكومة الاحتلال ووزير الأمن وقائد الجيش بتغيير إدارة الأمور مقابل “الإرهاب الفلسطيني” 180 درجة. وتم ضبط وزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن المستوطن باتسلئيل سموتريتش وقد أعرب عن دعمه للمنشور الداعي لـ “محو حوارة اليوم، وبدون رحمة” بإشارة إعجاب “لايك”.

وأمام الانتقادات الإعلامية للمستوطنين البلاطجة في حوارة، عاد سموتريتش وأبدى تحفظاً على جرائمهم بقوله في تغريدة: “إخوتي المستوطنين، الوجع كبير، لكن ثقوا بي، نحن نسعى ونعمل كثيراً من أجل توفير رد حقيقي على الإرهاب. ولكن يحظر علينا انتزاع القانون لأيدينا، وإنتاج فوضى خطيرة من شأنها الخروج عن السيطرة”.
نتنياهو هو المسؤول الأول

وجاءت ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية متفاوتة، بين من يؤيد بالدعم المباشر، أو بالتفهم، أو بالصمت، وبين من أدان بلغة فاترة، إذ قال رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ إن “انتزاع القانون لأيدينا، والقيام بالإخلال بالنظام العام، وبالعنف ضد الأبرياء ليست طريقنا، وأنا أندد بشدة”، داعياً لتمكين الجيش وقوات الأمن من القبض على “المخرب” قاتل الشقيقين المستوطنين ومن استعادة النظام”.

الوزير الإضافي في وزارة الأمن سموتريتش أعرب عن دعمه للمنشور الداعي لمحو حوارة بدون رحمة بإشارة إعجاب “لايك”.

في لغة مخّففة وملّطفة، ودون إدانة جرائم المستوطنين في حوارة، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في شريط فيديو، وبلغة توسّل، إن “مصيبة كبرى وقعت اليوم بمقتل الشقيقين المستوطنين، وأنا أرسل تعازي لعائلتهما. قوات الأمن الآن يلاحقون القاتل، وسنلقي القبض عليه وسنحاسبه. حتى عندما تكون الدماء في حالة غليان، والأجواء ملتهبة، أدعو لعدم انتزاع القانون للأيدي. أطالب بمنح قوات الأمن القيام بعملهم، وأنا أذكّركم بأنها قتلت في الأسابيع الأخيرة عشرات من “المخربين”، ومنعوا عشرات العمليات. أعطوا الجيش استكمال مطاردة القاتل، ومعاً سننتصر على الإرهاب”.
وزراء ونواب إسرائيليون يؤيدون إحراق حوارة

وتبعه، بلغته المخّففة، وزير الأمن يوآف غالانت، وهو يدعو للتهدئة بقوله إنه “حتى بعد يوم قاس وموجع يقتل فيه شقيقان بيد “مخرب جبان”، أنا أدعو مواطني إسرائيل بعدم انتزاع القانون لأياديكم، وعمليات الإخلال بالنظام في حوارة تشكّل خطراً على المواطنين، وتمس بنشاط قوات الأمن في مطاردة المخربين”.

وهاجمت عضو الكنيست ليمور سون ميلخ، من الائتلاف الحاكم، كل من ندّد بإحراق حوارة ودعا للتهدئة.

أما عضو الكنيست من الحزب الحاكم نسيم فاتوري فأعلن تأييده لجرائم المستوطنين في حوارة، بقوله إنه يفهم “قلة صبر وألم المستوطنين، إسرائيل قوية، وعليها الرد بقبضة من حديد”.
وزير الأمن يشجع العدوان بصمته

أما وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال المستوطن إيتمار بن غفير، فما زال صامتاً، وكيف ينّدد، وهو حتى الأمس القريب كان أحد قادة زعران التلال، ويشارك في الاعتداءات على الفلسطينيين! ومنذ تعيينه وزيراً للأمن القومي تنبه بعض المراقبين الإسرائيليين أيضاً إلى أن مجرد تعيينه هو صب للزيت على النار، كونه إصبعاً بعيون الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر، بمواصلته التهديد والوعيد والتحريض عليهم بلغة منفلتة يعتمدها زعران التلال ممن كان هو بنفسه أحد قادتهم حتى تعيينه. بن غفير لم يبتلع لسانه، بل يعلن بصمته عن تأييده لجرائم “ليل البلّور” في حوارة، وبحال فتح فاه فسينطق تبريراً وتشجيعاً للمجرمين، ولا بد أن الشاعر الفلسطيني الراحل علي عاشور قد قصد مثل هذه الحالة، حينما قال ساخراً ذات مرة “باسم الأمن فقدنا الأمن وصار الأمن عدو الأمن”.

عضو الكنيست نسيم فاتوري أعلن تأييده لجرائم المستوطنين، بقوله إنه يفهم “قلة صبر وألم المستوطنين، إسرائيل قوية، وعليها الرد بقبضة من حديد”.

الفوضى العارمة

من جهتهم، تابع قادة المعارضة الإسرائيلية إدانة قتل المستوطنين الشقيقين، وسط تجاهل لواقع الاحتلال وعدوان الاستيطان، لكنهم بخلاف الائتلاف الحاكم أدانوا إحراق حوارة، وبالأساس لدوافع ترتبط بالربح والخسارة لإسرائيل. في منشوره، قال رئيس المعارضة يائير لبيد إن كتائب سموتريتش خرجت لإحراق حوارة من أجل إفشال قمة العقبة التي شارك فيها مندوبون عن نتنياهو. وتابع محذراً: “هذه حكومة خطيرة على أمن إسرائيل”. يشار إلى أن وزير الأمن القومي بن غفير سارع للتعقيب على تسريبات حول مخرجات قمة العقبة بالقول إنه يرفضها، وأن ما صدر في الأردن يبقى في الأردن. وتبعه وزير المالية، الوزير الإضافي في وزارة الأمن، باتسلئيل سموتريتش، بالقول إنه يرفضها، وإن البناء الاستيطاني مستمر، وإنه صاحب الصلاحية والقرار. وتساءلت بعض الأوساط الإسرائيلية السياسية والإعلامية من هو رئيس الحكومة الفعلي، نتنياهو أم بن غفير وسموتريتش؟
صمت مخجل

ومن جهته قال وزير الأمن السابق، رئيس حزب “المعسكر الرسمي” بيني غانتس، إنه “لجانب الأسى العميق بمقتل الشقيقين المستوطنين فإن مشاهد حوارة هذا المساء تدعو للخجل كل إنسان، خاصة اليهودي، فهذه ليست طريقنا”. وتابع: “في مثل هذا المساء يقوم الجنود بوقف المشاغبين الإسرائيليين، ومنع قتل أبرياء، بدلاً من ملاحقة الإرهابيين. إن صمت سموتريتش وبن غفير مخجل وخطير، وعلى كافة قادة الجمهور الدعوة والعمل من أجل تهدئة الخواطر”.
المخربّون المستوطنون

من جهتها، هاجمت رئيسة حزب “العمل” ميراف ميخائيلي المستوطنين بالقول: “إن المخرّبين المتجولين الآن في حوارة يحرقون ويدمّرون كل ما في طريقهم، وهم يرضعون الشرعية من أصدقائهم الكبار داخل الحكومة. ليس صدفة أنهم يترددون ولا يدينون منفذي العدوان الجماهيري. هذه الطفرة التي تهّدد إسرائيل ينبغي قطعها بسرعة، قبل أن تقودنا لخراب من الأساس”.

وضمن توظيفه ما يجري على الأرض للنيل من خصومه السياسيين، استذكر النائب المعارض وزير القضاء السابق غدعون ساعر أن حكومة نتنياهو السادسة قد وعدت بفرض النظام والحكومة، وتابع ساخراً: “ماذا تلقينا بعد أقل من شهرين من انطلاق هذه الحكومة؟ إرهاب إجرامي، وفقدان كامل للسيطرة في أرجاء الضفة الغربية والقدس وغزة”.
فقدان السيطرة

وتشابهت وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم الإثنين، بعناوينها التي توزعت بين “جريمة قتل الشقيقين المستوطنين”، وسط تغييب للقضية الفلسطينية وللاحتلال كمصدر الشرور، وبين “فقدان السيطرة”، وسط توجيه انتقادات للمستويين السياسي والعسكري لعدم القيام بما يمنع هذه الفوضى، رغم أن المكتوب يقرأ من عنوانه. وكان واضحاً أن المستوطنين يتجهون للقيام بها ضمن عملية مدبرّة ومخططّة سلفاً وعلنية.

وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل إن فقدان السيطرة؛ مقتل الأخوين في حوارة، وأعمال الشغب للمستوطنين، يقرب المنطقة لنقطة الغليان. ومضى هارئيل في انتقاداته: “بالأمس بدا الجيش والشرطة أنهم فقدوا السيطرة في ما يحصل، ولم يتمكنوا من وقف أعمال الشغب الدموي”.

تساءلت بعض الأوساط الإسرائيلية السياسية والإعلامية من هو رئيس الحكومة الفعلي، نتنياهو أم بن غفير وسموتريتش؟

وتبعه المحلل البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع، الذي قال “إن ما حصل بالأمس في حوارة أمر كبير يجب التعامل معه بحذر، أعمال تدفيع الثمن حصدت ثمناً غالياً هذه المرة”. وتابع محذراً: “على الحكومة أن تقرر ما الذي تريده من الضفة الغربية، هل هي صاحبة السيادة؟ وهل تنوي تطبيق القانون والنظام على العرب واليهود بشكل متساو؟ أم أنها تستعمل ورقة تين للتغطية على شبيبة التلال الذين يتصرفون في الضفة الغربية على أنها ملكهم؟ والسؤال كذلك للجيش الذي يظهر إلى الآن أنه لا يستطيع السيطرة على الإرهاب الفلسطيني، كما يفشل بالسيطرة على الإرهاب اليهود”.
فشل لقوات الأمن

أما زميله محلل الشؤون العسكرية في “يديعوت أحرونوت” يوسي يهوشواع فقد اعتبر جرائم المستوطنين في حوارة فشلاً شاملاً لأجهزة الأمن والجيش والمخابرات والشرطة. وعلى غرار معلقين ومسؤولين إسرائيليين، كثر استذكر يهوشع رمضان بقوله إنه “بدأ العد التنازلي لشهر رمضان ولا وقت لتكرار الأخطاء”. وبذلك يخلط يهوشع، وعدد كبير من المسؤولين والمحللين الإسرائيليين، عن وعي وقصد بين شعبان ورمضان، فالعمليات الفلسطينية بدأت قبل قدوم الشهر الفضيل، وستستمر بعده، ورمضان بريء من تهمهم، ويحسن عدد قليل منهم توصيف الحالة والتجرؤ على قولها ومفادها هو “الاستيطان والعدوان وليس رمضان”، لكن صوت هؤلاء يبقى صوتاً في البرية.

وعلى غرار محللين آخرين، قال المحلل العسكري لصحيفة “يسرائيل هيوم” يوآف ليمور إن “الضفة الغربية تبلغ نقطة غليان خطيرة بعد الهجوم القاتل يوم أمس، الذي قتل فيه إسرائيليان في حوارة، ثم اندلعت أعمال شغب عنيفة ألحقت أضرارًا بالمدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأوصلت الضفة إلى نقطة غليان خطيرة”.
تصدير الأزمة للخارج

نتنياهو، الذي بلغ سدة الحكم عام 1996، ويترأس اليوم حكومته السادسة، يدرك أن ما يجري هو لعب بالنار، ومن شأن استمرار الاحتلال والاستيطان وإطلاق يد المستوطنين في إشاعة الفساد، بل احتضانهم وتعيين وزراء منهم في حكومته أن يؤدي لحريق أكبر من حريق حوارة. لكن نتنياهو، وفق مؤشرات كثيرة، يراهن على تخليص نفسه من الأزمة الداخلية العميقة من خلال تصديرها للخارج، ومن خلال هذا الحريق الكبير الذي يجمع الإسرائيليين المنقسمين على أنفسهم، مقابل عدو فلسطيني خارجي، وهذا ما يفسّر عدم إدانته وتعامله المخفّف الملطّف مع المستوطنين المجرمين.

جرائم المستوطنين وألسن اللهب في حوارة أحرقت أطراف قمة العقبة التي بعث نتنياهو مندوبيه إليها.

نتنياهو يؤيد مثل هذه الجرائم بمثل هذا الموقف، ليس فقط لأنه محاصر في حكومته، ومصيره متعلق بوزراء متطرفين مشاركين في ائتلافه الحاكم، بل لأنه يرفض أي تسوية مع الفلسطينيين، ولأنه طامع بأن اندلاع المواجهات الواسعة معهم ربما ينقذه من المأزق الداخلي. ويقدم نتنياهو على ذلك رغم أن جرائم المستوطنين وألسن اللهب في حوارة قد أحرقت أطراف قمة العقبة التي بعث مندوبيه إليها، وهي أيضاً تحوّل دولته إلى نكتة سوداء، وإلى ما يشبه رسم الكاريكاتير في ظل “فقدان السيطرة وحالة الفوضى الخطيرة”، التي اعتبرها مراقبون إسرائيليون خطراً ومشهداً مخزياً من منطلق أنها تمس بأمن الإسرائيليين في نهاية المطاف وصورة إسرائيل في العالم، وتحفّز على عمليات فلسطينية جديدة.
هذه مناظر فيلم أحمر قادم

بكل الأحوال، تبدو مشاهد النار في حوارة مناظر لفيلم أشد وأخطر ينفجر فيه الفلسطينيون غضباً ومقاومة للغطرسة والاستعلائية والاستيطان والتهويد ومحاولة الاحتلال حسم الصراع بإخضاعهم، وهذا غير واقعي فهناك نحو سبعة ملايين ونصف المليون فلسطيني بين البحر والنهر يعيشون تحت الاحتلال والقمع يعاملون كالعبيد، ومثلهم من اليهود ممن يتصرفون كـ “أسياد البلاد” ولا يمكن إسكاتهم، حتى لو واصلت السلطة الفلسطينية البحث عن الهدوء في قمم على سواحل البحر الأحمر منذ الانتفاضة الثانية. وهذا ما يدركه عدد من المراقبين الإسرائيليين، بعضهم من خريجي المؤسسة الأمنية ممن يرون كيف تتورط إسرائيل في واقع ثنائي القومية يختلط فيه الحابل الإسرائيلي بالنابل الفلسطيني، وفي صراع دام لا يبقي للفلسطينيين خيارات سوى المقاومة والسعي لعيش كريم حتى بدون أن يملكوا دبابة ومدافع، ولذا يدعو هؤلاء المراقبون الإسرائيليون للبحث عن حل، ولو من خلال خطوات أحادية الجانب، بدلاً من التعويل على حلول أمنية فحسب.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع فلسطيننا المحتلة  متابعة نشاط الموقع العدو الصهيوني  متابعة نشاط الموقع استيطان ومستوطنين   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 13

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28