] باحثة إسرائيلية: لا تسارعوا إلى تأبين الدور الروسي في سوريا - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 19 أيار (مايو) 2022

باحثة إسرائيلية: لا تسارعوا إلى تأبين الدور الروسي في سوريا

الخميس 19 أيار (مايو) 2022

على خلفية تقديرات أجنبية وإسرائيلية حول تبعات الحرب في أوكرانيا على الشرق الأوسط تدعو باحثة في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الى عدم الإسراع في تأبين الدور الروسي في سوريا. وتشير الباحثة الإسرائيلية كرميت فالنسيا في مقال نشره موقع “المعهد” إلى تقارير نشرت في الفترة الأخيرة تحدثت عن انسحاب القوات الروسية من سوريا وانتقالها إلى جبهة القتال في أوكرانيا تضمنت ادعاءات أن الإيرانيين بدأوا باستغلال الفراغ الذي تركته روسيا وتعميق وجودهم في سوريا.

تقول فالنسيا إنه في هذه النقطة الزمنية، من الأصح أن يؤخذ في الحسبان الواقع المعقد في سوريا أنه حتى لو كانت هناك دلائل على تحريك القوات الروسية وإرسال بعضها إلى أوكرانيا، فإن هذا لا يدل على تغيير استراتيجي في الانتشار الروسي في سوريا، وهو بالتأكيد ليس بداية لانسحابها من هناك”. وتنوه أن هناك عدة تفسيرات لما يجري وأن الوجود الروسي في سوريا هو في الأساس محدود، ولا يتطلب موارد استثنائية من موسكو، حتى في ضوء مراوحة الوضع في أوكرانيا. وتضيف أن أحد الخطوط الأساسية للاستراتيجيات الروسية في الساحات المختلفة في العالم هو “أقصى حد من التأثير، مع أدنى حد من الاستثمار” وإن سوريا نموذج كلاسيكي من ذلك. لقد فهم الروس هناك أنهم قادرون على استخدام حد أدنى من القوة العسكرية من أجل تحقيق أقصى حد من النتائج: نفوذ إقليمي، ومنع الأمريكيين من أن يكونوا اللاعب المركزي في المنطقة.

مركزان استراتيجيان

وفي إطار هذه المقاربة تقول الباحثة إن روسيا لا تحتاج إلى التواجد في كل الأراضي السورية من أجل المحافظة على تأثيرها وإنه في الأعوام الأخيرة، أعطت موسكو أولوية لمركزين استراتيجيين في غرب سوريا: المرفأ البحري في طرطوس، والقاعدة الجوية في حميميم، الواقعين عملياً تحت سيطرتها، منوهة أنه بالإضافة إلى ذلك، هناك وجود روسي في مواقع صغيرة أكثر في شرق جنوب سوريا، حيث تعمل قوات “الشرطة العسكرية الروسية” المسؤولة، من بين أمور أُخرى، عن تهدئة الأجواء في المواجهات التي تنشب بصورة مستمرة بين قوات النظام والميليشيات الموالية لإيران وبين ما تبقى من أطراف المعارضة.

وبرأيها تعتمد الاستراتيجية الروسية على فكرة “الوكلاء” الذين يمكنهم أن يكونوا مرتزقة من فرقة فاغنر، أو ميليشيات سورية محلية. ومن هنا تستنتج أن نقل “شرطة عسكرية”، أو قوات محلية تعمل بإمرة روسيا، من منطقة انتشار إلى أُخرى، وحتى إرسال بعضها إلى الحرب في أوكرانيا، لا يدل على انسحاب القوات الروسية من سوريا، ولا على تغيير استراتيجي في انتشارها هناك. وتتابع: “بالنسبة إلى روسيا، تشكل سوريا رصيداً عسكرياً ودبلوماسياً، فمنذ بدء تدخلها في أيلول/سبتمبر 2015، استخدمت روسيا سوريا ملعباً للتدريبات وساحة لتجربة أدواتها القتالية، شملت فحص مدى سلاحها وفعالية منظومتها الدفاعية وتطبيق عقيدتها القتالية. في المقابل ترى أيضا أنه مع ذلك، يعتبر الروس سوريا، قبل كل شيء، بوابة إلى شرقي البحر المتوسط وموطئ قدم لترسيخ مكانتها الإقليمية والدولية. ودون الإشارة للعلاقة مع إسرائيل تلفت فالنسيا الى أن روسيا وطدت، خلال الأعوام الستة الأخيرة، علاقاتها الدبلوماسية والعسكرية مع دول، مثل مصر وليبيا ودول الخليج وإيران. وتعتبر الباحثة الإسرائيلية في نظرتها للساحة الدولية إن وجود روسيا في سوريا، وفي الأساس في القواعد العسكرية الواقعة تحت سيطرتها، يسمح لها بتسليط الضوء على قوتها في مواجهة الولايات المتحدة وتركيا، وفي الأساس في مواجهة حلف الناتو. وترى أن للوجود الروسي في البحر المتوسط أهمية كبيرة، من أجل ردع أسطول الناتو المنتشر هناك، كما أنه عامل رادع يشكل تهديداً للناتو في السياق الأوكراني. بناءً على ذلك، ترى الباحثة الإسرائيلية إن فرص تنازل روسيا عن “الرصيد السوري” وعن مكانتها هناك، ونقلها إلى الإيرانيين، ضئيلة وغير معقولة. وتتابع “في هذه الأيام التي يشهد فيها العالم ضعف روسيا في أوكرانيا والضرر الشديد الذي لحق بصورتها، تزداد الحاجة الروسية، أكثر فأكثر، إلى المحافظة على ساحة التأثير السورية في المجال الشرق الأوسطي. صحيح أن إيران معروفة بقدرتها على تحديد الأماكن التي تسودها الفوضى، والتي تفتقر إلى السيطرة، كي تتسلل إليها عسكرياً ومدنياً، لكن التقارير الأخيرة بشأن تعميق الوجود الإيراني في سوريا لا تحمل خبراً جديداً. من أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من خلال متابعة التمركز في سوريا، هو قدرة الإيرانيين على التأقلم والتكيف مع الظروف المتغيرة”.

وترى أيضا أن التقارير الأخيرة تفيد بأن التسلل الإيراني في عمق شرق سوريا، في حلب وحمص، هو جزء من توجُّه مستمر لا علاقة له بتحريك قوات روسية أو غيرها. وعن ذلك تقول: منذ فترة نشهد تغيرات في الانتشار الإيراني، تشمل تقليصاً كبيراً في عدد القادة والمستشارين في سوريا، والاعتماد على وكلائها أكثر فأكثر، وعلى رأسهم حزب الله والميليشيات الشيعية، ومؤخراً، على سوريين محليين”. وتزعم أنه ضمن هذا الإطار جرى تقليص للقوات الإيرانية ووكلائها في جنوب سوريا، نتيجة الهجمات الجوية المكثفة على المنطقة، والتي تُنسب إلى إسرائيل، أو نتيجة ضغوط مورست عليها من جهة روسيا. وتعتبر أن هذه التطورات دفعت الإيرانيين في الأعوام الأخيرة إلى تعميق تمركزهم في شرق سوريا وشمالها في مناطق سيطرة النظام، بهدف تقليص انكشافها وتعرضها للضربات الإسرائيلية. وتعتقد أن هناك اعتبارا آخر لنقل القوات شرقاً، هو إيجاد موطئ قدم على الحدود مع العراق، والاقتراب من حقول النفط الموجودة هناك، وتهيئة الأرضية لليوم التالي لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا. لذلك، برأيها، فإن المقصود هو خطة استراتيجية متواصلة لترسيخ الوجود والتأثير في عمق سوريا، وليس قراراً تكتيكياً ناجماً عن تقليص محتمل للوجود الروسي في هذه المناطق.

قلق الأسد

وتعتبر الباحثة الإسرائيلية أنه من المعقول الافتراض أن مسألة مستقبل الوجود الروسي في سوريا تثير قلق الرئيس بشار الأسد الذي يعتمد على الدعم الروسي. ولا تستبعد أن يكون لهذا علاقة بالزيارات المتبادلة، مؤخراً، بين مسؤولين سوريين رفيعي المستوى ومسؤولين إيرانيين، وخصوصاً الزيارة المهمة التي قام بها الأسد إلى طهران في مطلع أيار/مايو (وهي الثانية منذ نشوب الحرب في سوريا)، مرجحة أن الهدف من الزيارة، على ما يبدو، التذكير بأهمية الحلف الاستراتيجي بين الطرفين وضمان الوجود الإيراني في سوريا مع الروس، أو من دونهم. وتضيف: “ربما يدفعنا هذا إلى استحضار الخطة الطموحة والساذجة للدول العربية بالاعتراف بالأسد كحاكم شرعي وإعادته إلى حضن العالم العربي، في مقابل أن يضمن، من جهته، إبعاد الإيرانيين عن الأراضي السورية”. وتقول الباحثة إنه في الخلاصة، الوضع في سوريا كما في ساحات أُخرى في الشرق الأوسط، هو أكثر تعقيداً من تصويره بالأبيض والأسود، أو “لعبة حصيلتها صفر”. وتؤكد أن المصلحة الروسية في المحافظة على وجود كافٍ من خلال تقليص التمركز الإيراني في سوريا لا تزال على حالها. وترى أيضا أن المصلحة الإيرانية في استمرار التمركز في سوريا بأساليب مختلفة هي أيضاً لا تزال على حالها. وتتابع “ولا يزال الأسد يعتمد على الدولتين، بالإضافة إلى عدم قدرته، أو رغبته في الانفصال عنهما في هذه المرحلة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع فلسطيننا المحتلة  متابعة نشاط الموقع العدو الصهيوني  متابعة نشاط الموقع أجهزة وكنيست   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28