بقانونها الجديد الذي فرضته بداية الأسبوع الجاري بشأن إضفاء الصيغة القانونية الإسرائيلية على أكثر من ثلاثة آلاف بناية استيطانية أقيمت على أراضي فلسطينية بالضفة الغربية المحتلة وبأثر رجعي ، تكون إسرائيل قد شرعنت سرقة الأراضي الفلسطينية وبحكم القانون!.
ورغم أن القانون في هكذا حالة ينبغي أن لا يحظى بالاستجابة والاحترام، غير أن وجود قوة احتلال غاشمة ستجعل من مبدأ ” الإذعان” أمراً واقعاً، حيث يعرف القانونيون الإذعان بأنه “عقد يضطر فيه أحد طرفيه للقبول جملة دون مفاوضة أو تغيير من جانبه في أي شرط من شروطه ” … وهنا تكون الغلبة للقوي على الضعيف.
وعلى ضوء هذا السياق جاء القانون الإسرائيلي الجديد مرغماً ضحاياه الفلسطينيين على الإذعان لبنوده ومحتواها الذي أباح للحكومة الإسرائيلية وجهات الاختصاص بها مصادرة أراضي الفلسطينيين العزل إن رأت بأن المستوطنين الإسرائيليين قد بنوا مستوطناتهم فوق هذه الأراضي أو سمحت لهم الدولة للقيام بذلك !
والمضحك المبكي معاً في الأمر، هو أن القانون نفسه يضمن تعويض ملاك الأراضي من الفلسطينيين أو إعطائهم أخرى بديلة عن تلك الأراضي. …. وهذه فقرة حبلى بالدلالات التي أهمها دلالة فرض الأمر الواقع من جانب حكومة الاحتلال لتؤكد عملياً على “سيادتها الإدارية ” على كل شبر فرضت عليه احتلالها.
كما أن هنالك دلالة أخرى أقوى من الأولى تكمن في أن الحكومة الإسرائيلية ترغب في بث رسالة مفادها وكما يرى القانونيون بأنها قادرة على تحدي جميع المعاهدات والمواثيق الدولية في هذا الشأن والتي أبرزها “اتفاقية جنيف الرابعة ” بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، وخصوصا المواد 47-78 التي منها ماينص على أنه “لايجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة ” .. وعملياً يعتبر الفلسطينيون من سكانها كدولة احتلال.
أما سياسياً، فإن التحدي الإسرائيلي واضح للعيان في قانونها الأخير، حيث يبدو أنها تريد الإثبات عمليا للعالم كله وخصوصا للأمم المتحدة ومنظماتها، بأن قرار مجلس الأمن الصادر في ديسمبر الماضي أي قبل شهرين بالمطالبة بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة لايساوي حتى الحبر الذي كتب به، وأن التهليل به لم يكن سوى زوبعة في فنجان، وأن الإدارة الأميركية السابقة قد مضت، وأن تعطش الحكومة الإسرائيلية لقرارات جريئة ومثيرة للجدل مرتكز على وجود “بطيخة صيفي مكتنزة ” نمت في ظل مناخ سياسي جديد قد تغذيه مستقبلا جرأة قرارات الإدارة الأميركية الجديدة .
وسياسياً أيضا، وجدت الحكومة الإسرائيلية بأن الراهن السياسي العربي موائماً، وقابلا بأن تمرر عليه هكذا قرارات، وقوانين رغم أنها داخلية إسرائيلية، إلا أنها تتعلق بشأن عربي أصيل وهو القضية الفلسطينية التي كانت حتى وقت قريب القضية المحورية الأولى لكافة الشعوب العربية، غير أن الواقع العربي المتجزئ وضعها في آخر الرفوف وضمن آخر الأولويات، وذلك في وقت انشغل فيه الجميع بشأنه الاقتصادي والسياسي الداخلي.
وعليه، وكيفما كانت الدلالات القانونية والسياسية لهذا القانون الإسرائيلي الجديد، فإن الأمر برمته لايخرج من كونه شرعنة لسرقة الأراضي الفلسطينية في ظروف سياسية دولية وعربية شديدة التعقيد … آملين أن يتحرك المجتمع الدولي إن كان قادراً على التحرك للضغط على إسرائيل للتراجع عن قانونها الاغتصابي الأخير، خصوصا وأن القانون نفسه يجد معارضة قوية في الداخل الإسرائيلي.
الخميس 9 شباط (فبراير) 2017
شرعنة سرقة الأراضي الفلسطينية
طارق أشقر
الخميس 9 شباط (فبراير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2348019
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
19 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 19