هذا الأسبوع كان أسبوعا فلسطينيا بامتياز، تألق فيه العقل الفلسطيني، وتألقت المهارة والكفاءة والإنجاز، على المستوى العالمي والعربي، فهذا الشعب وجد لكي يبقى، رغم الهجمة الإسرائيلية الصهيونية الشرسة على الإنسان الفلسطيني.
أول هذا التألق كان فوز ابنة مخيم الدهيشة المعلمة الفلسطينية حنان الحروب بجائزة أفضل معلمة في العالم من بين 8000 معلم ومعلمة، من مؤسسة فاركي التعليمية الخيرية.
في التصفيات النهائية لم تكن حنان الوحيدة لكنها كانت واحدة من 3 معلمين فلسطينيين تأهلوا لقائمة أفضل 50 معلما في العالم لتتربع حنان الحروب في النهاية وحدها في النهاية على عرش التعليم العالمي.
من حسن الطالع أن يأتي تتويج حنان الحروب مع إعلان نتائج المسوحات التي بينت أن نسبة الأمية في فلسطين حاليا هي الأقل على مستوى العالم العربي، وأن النسبة لا تزيد على 4.1%، وكانت المفاجأة السارة أن غزة المحاصرة سجلت أدنى نسبة أمية في فلسطين والعالم العربي بلغت 3.1% في حين سجلت محافظة نابلس في الضفة الغربية ثاني أدنى نسبة أمية بواقع 3.3%، كل هذا رغم الحصار والحروب والقتل والإبادة.
تتويج حنان الحروب لم يأت صدفة بل جاء نتيجة جهد وعمل وتعب وإبداع وعطاء بلا حدود، فهي التي أعطت طلاب فلسطين 70 وسيلة جديدة للتعليم وهي التي كتبت “نلعب ونتعلم” ليصبح كتابها هذا مرجعا تعليميا في كل فلسطين، وهي التي جاهدت من أجل زرع الأمل في أطفال فلسطين الذي يدفعون ثمنا غاليا بسبب الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
حنان لم تبخل بالحنان على أطفال فلسطين، كما فعلت مع أبنائها، وهي التي رفعت شعار “لا للعنف”، وهي التي طالبت أن يكون هذا العام هو “عام المعلم الفلسطيني” الذي لا يجد ما يسد رمقه ويتظاهر للحصول على حقه بالعيش الكريم، فهم الذين يزرعون الأمل على الأرض الفلسطينية لأن عليها ما يستحق الحياة، وهم المطالبون بإزالة آثار الاحتلال الإسرائيلي وآثار القمع اليهودي الصهيوني عن الطلاب الذين يرهبهم الجنود الصهاينة على الحواجز وفي المدارس والشوارع.
تألقت حنان ورفعت اسم المعلم الفلسطيني والعربي عاليا، وتألق معها وإلى جانبها صحفيو فلسطين الذين حصدوا كل الجوائز، جائزة الشهيد علي حسن الجابر التي نظمتها اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، فاز بها اثنان من غزة المحاصرة وواحد من الضفة الغربية.. تربع الشاب أحمد سمير البظ من نابلس المحتلة على عرش الصورة الصحفية، ومحمد الصواف على عرش الفيلم الوثائقي، والشاب الصحفي محمد أبو قمر على عرش التحقيق الصحفي الاستقصائي.
للأسف لم يستطع الصحفيان الفلسطينيان من غزة الحضور لتسلم جائزتيهما بسبب الحصار الإسرائيلي والمصري الظالم على القطاع، فكانا نجمين غائبين وكان محمد أبو قمر هو القمر الغائب عن سماء الحفل، لكنه قمر وصل شعاعه إلى الدوحة والعالم العربي كله.
يحق لفلسطين أن تفخر بأبنائها وأن تفخر بمعلميها وأن تفخر بصحفييها الذين يقفون على خط النار في مواجهة الموت الإسرائيلي، فهذا الشعب يسجل انتصارات في العلم والتعليم وقوة الكلمة والصورة والتغلب على الجهل والأمية، فهو ملح الأرض والجذر رغم الاحتلال الصهيوني الذي يحاول أن يستأصله.
فهذا الشعب عصي على الاستئصال والإبادة، وهذا ما فعلته المعلمة الفلسطينية حنان الحروب “ملكة معلمي ومعلمات العالم” والصحفيون البظ والصواف وأبو قمر، وكل معلمي ومعلمات فلسطين الذين هزموا الأمية والاحتلال في وقت واحد.