أحيا الفلسطينيون يوم أمس الذكرى التاسعة والستين للنكبة الفلسطينية التي تصادف الخامس عشر من مايو من كل عام، والمتمثلة في اغتصاب العصابات الإسرائيلية الجزء الأكبر من فلسطين، ففي هذا اليوم من عام 1948 كُتب لهذه الأمة تاريخ جديد لا تزال فصوله محمَّلةً بنكبات مركبة ومتوالية ومتناسلة يراها المستعمرون والمحتلون معًا إحدى الوسائل لاستكمال مشروع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة وتعميمه، وبالتالي لا يمكن فصل هذه النكبات التي تحل بشعوب المنطقة تحت صيغ وشعارات شتى عن النكبة الأُم التي يحيي الفلسطينيون ذكراها التاسعة والستين، فعقل المحتلين الإسرائيليين والمستعمرين الذين مهَّدوا الأرضية وأشهروا سكين استعمارهم لقطع فلسطين من جسد الوطن العربي ومن جسد الأمتين العربية والإسلامية، يرى أن نسبة السيطرة على كامل أرض فلسطين يجب أن تسير وفق مراحل معدة ومخططة. ولذلك اليوم من يشاهد خريطة الاحتلال الإسرائيلي يجد البون الشاسع بين العام 1948م الذي شهد قيام المستعمرة الكبرى المسماة “إسرائيل” على أنقاض فلسطين التاريخية، وبين هذا العام 2017م حيث التحول الأخطر الذي تشهده القضية الفلسطينية، وبلوغها مرحلة متقدمة من مخطط التصفية الذي لا يزال يشتغل عليه المحتلون الإسرائيليون ودول الاستعمار والاستكبار التي تتحالف معهم استراتيجيًّا.
في عام النكبة قامت عصابات الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على 774 قرية ومدينة، وبتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة، ومن ينظر إلى الواقع اليوم حيث تستعر حرائق ما سمي زورًا بـ”الحريق العربي”، سيجد في الوقت الذي قد بلغت فيه تلك الأرقام أضعافًا مضاعفة أن الذاكرة العربية والإسلامية قد أصابها النسيان، وأن العرب والمسلمين في المنطقة قد أُرغموا عنوة على تقبل مشاريع تخريبية تدميرية تهدف إلى تسطيح مفاهيمهم وضرب ذاكرتهم، وقيمهم ومبادئهم، وتعمل على طمس هويتهم الوطنية، وتدمير أخلاقهم، وبدلًا من أن يشتغلوا بقضاياهم العادلة والمصيرية وحماية هويتهم والحفاظ على وحدتهم الجامعة، تقبَّل السواد الأعظم منهم مشاريع الفتن الطائفية التي تمزق نسيجهم وتدمر وحدة صفهم، فلم تمس مشاريع التدمير والتخريب والتفتيت والتقسيم والهيمنة والتصفية القضية الفلسطينية وحدها، بل طالت دول المنطقة وتحديدًا الدول التي لعبت ولا تزال تلعب دورًا قوميًّا وعروبيًّا تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته.
والمؤلم أيضًا، أنه على الرغم من الرمزية التي حملتها احتفالات الفلسطينيين في إحياء ذكرى النكبة لتذكير العالم الذي يدَّعي الحرية بمظلومية الشعب الفلسطيني التاريخية، فإن في الجانب الآخر (ونعني الشعوب العربية والإسلامية) لم تقم بما يتوجب عليها لدعم أشقائها الفلسطينيين، وهذا يؤكد حقيقة نجاح مشاريع الهيمنة والتفتيت والتقسيم والتدمير والتخريب التي استهدفت البناء الإنساني، والبناء القيمي والأخلاقي للمجتمعات، مع أن ذكرى النكبة تزامنت مع معركة “الحرية والكرامة” للأسرى الفلسطينيين، للتذكير بأن معاناتهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي هي نكبة أخرى.
الثلاثاء 16 أيار (مايو) 2017
ذكرى نكبة تتوالد
الوطن العمانية
الثلاثاء 16 أيار (مايو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
15 /
2352741
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 13