ثلاث رسائل معلنة تحاول إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب تسويقها للجولة الخارجية الاولى لترامب، التي ستشمل اساسا السعودية واسرائيل والفاتيكان، اضافة طبعا الى مشاركته باجتماع لحلف الناتو في بروكسل، وقمة مجموعة السبع في صقلية، وتحمل هذه الرسائل من التناقض ما يثير السخرية، فيما تعكس محاولة تسويقها بتناقضاتها عقلية التاجر المتشاطر، الذي لا يستطيع اخفاء جشعه امام الصفقات المغرية، رغم كل معسول الكلام!
الرسالة الاولى، حاولت منح جولة ترامب بعدا دينيا توحيديا باعتباره رجل تسامح وغير اقصائي، بعد ان طبعت قراراته التنفيذية الاولى صورته كشخصية معادية للمسلمين وحتى للعالم الثالث، خصوصا تجاه جيرانه المكسيكيين بقصة جداره العنصري. فادارة ترامب تقول ان الاختيار للسعودية واسرائيل والفاتيكان مقصود من ناحية ان هذه الدول تمثل المراكز الروحية للإسلام واليهودية والكاثوليكية. ويروج بان زيارة السعودية تحديدا رسالة بعدم عداء ترامب وادارته للمسلمين.
أما الرسالة الثانية، فهي رغبة ترامب وادارته في التعبير عن الثقة بحلفاء اميركا التقليديين، في الخليج العربي واسرائيل، خصوصا بعد اعتراضات الطرفين على الاتفاق النووي لباراك اوباما مع ايران. فيما الرسالة الثالثة تهدف إلى الإعلان عن “عهد جديد” في السياسة الخارجية الأميركية، بالتأكيد على دعم الحلفاء في الناتو والدول الغربية السبع.
ما يعنينا هنا، كعرب ومسلمين، هما الرسالتان الاولى والثانية، وفيهما كليهما، يمكن القول ان منطقتنا وأمتنا مقبلة على سنين عجاف مع هذه الادارة اليمينية، التي لا تخفي انحيازاتها ضد مصالحنا، تارة عبر التأكيد على التحالف الاستراتيجي “غير المشروط” مع العدو الاسرائيلي، وبالضد من كل المصالح العربية في حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، وتارة بالنفخ الاميركي والدفع باتجاه اعادة اشعال الصراع والحرب مع ايران، وعدم فتح اي باب للتوصل معها عربيا الى حلول ومقاربات توافقية تضمن مصالح الطرفين وتنجّي المنطقة من آثار صراعات مسلحة وشاملة جديدة تنسف ما تبقى من استقرار.
حديث ادارة ترامب عن ارسال رسالة ايجابية للمسلمين عبر زيارة السعودية وعقد قمتين، الاولى مع قادة دول الخليج العربي والثانية مع دول عربية واسلامية، لا يستقيم مع بقاء عقدة الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية المحتلة وفلسطين، ودعم الكيان الاسرائيلي في غطرسته وضربه عرض الحائط بالشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة، وتمكينه عمليا من ابتلاع الضفة الغربية والقدس، والسعي لترانسفير جديد للشعب الفلسطيني من أرضه.
قد يثمر اشعال صراع عربي ايراني شامل في تحقيق مصالح اميركية عديدة، لكنها مصالح قصيرة المدى، قد لا تتجاوز تحقيق صفقات تجارية كبيرة من بيع السلاح الاميركي وفتح قواعد عسكرية جديدة وضمان احتكار بعض المصالح الاقتصادية، لكنها بكل تأكيد لن تنهي جذور عدم الاستقرار في الشرق الاوسط، بل وستعمقه، خصوصا مع تعاظم قوة الكيان الاسرائيلي وترسخ احتلاله وامتداد نفوذه.
كما لم يعد خافيا امام كل سياسيي الارض وباحثيها ان بقاء القضية الفلسطينية دون حل ودون اعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، سيبقى هو المحرك الرئيسي للعداء الشعبي العربي والاسلامي للغرب والولايات المتحدة، وهو الخلفية الواضحة لكل حركات العنف والارهاب التي تضرب يمين شمال.
اما قضية ايران والصراع العربي معها، فعلى اهميته فهو لا يمكن ان يرتقي لصراع الوجود مع اسرائيل، بالنسبة للشعوب العربية والاسلامية، بل وحتى بالنسبة للحكومات العربية في آخر النهار. وبلا شك ليس من مصلحة العرب ولا ايران الدخول في مواجهات عسكرية واستراتيجية مباشرة ضد بعضهما، بل كل المصلحة هي في الحوار والمفاوضات بين الجانبين وصولا الى توافقات وتفاهمات تضمن مصالح الجميع وتُرسِّم لمستقبل آمن ومزدهر للشعبين العربي والايراني الجارين.
رسائل العلاقات العامة التي تبعث بها ادارة ترامب على مشارف الزيارة المرتقبة لشرقنا المنكوب، لن تدفعنا للتفاؤل، فـ“المكتوب واضح من عنوانه”!
الخميس 11 أيار (مايو) 2017
في انتظار زيارة الرئيس ترامب
ماجد توبة
الخميس 11 أيار (مايو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
12 /
2356263
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
12 من الزوار الآن
Visiteurs connectés : 7