الصمت مفتاح الهزيمة

الأحد 28 نيسان (أبريل) 2019 par بسام ابو شريف

لماذا يصمت الشعب عما يدورويرتكب في بلادنا؟ ولا أقصد بالصمت هنا عدم الحديث بالأمور التي ترتكب وتحصل ، فالحديث دائر على قدم وساق في كل بيت وفي كل مقهى وعلى الطريق والناحية .
تسمع وترى ، لكن الجميع لايتحرك فهل هذا مقدمة الانفجار … أم أنه حالة من الترقب والانتظار ، ترقب ماذا وانتظار من ؟! ، كلا يا أبناء بلدي لا تترقبوا ولا تنتظروا ، وحتى اذا توكلتم على الله وقلتم ” حسبي الله ونعم الوكيل ” ، فانكم تقولون ربع الآية وليس كلها ، وربعها أضر بنا سابقا ونصفها سيضرنا أما اذا قلتم : ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ” ، يمكنكم أن تكونوا على يقين بأن الاتكال على الله بعدها سيجزيكم نفعا .
رئيس وزراء السلطة الجديد الدكتور محمد اشتية يعتقد أن الشعب الفلسطيني لاذاكرة له ، ولايملك الحس الصحيح ولايعرف ويجهل مايدور وهو بذلك على ضلال كبير ، عندما اقترب منه الصحفيون بعد لحظات من تكليفه سمع الجميع ماصرح به : ” هذه الحكومة لها مهمة أساسية واحدة هي ايجاد حل للأزمة المالية ” ، ألم تسمعوا جميعكم الأخ الدكتور محمد اشتية يقول ذلك وفجأة وبقدرة صانعي القرار تحول برنامجه الى برنامج مفاوضات بعد أن ركل ابو مازن المفاوضات ، وأعلن مقاطعته لترامب والولايات المتحدة ورفضه استقبال أي مبعوث يسوق أفكار ترامب ومقترحاته ، وعندما تكلم ابو مازن للشعب سمعه الجميع يقول : ” الله يخرب بيته يعطي القدس لاسرائيل ” ، وعدد أسباب الموقف وأهمها أن قرارات واشنطن تناقض القانون الدولي والقرارات الدولية وتشكل اجحافا وظلما للفلسطينيين ، اضافة الى أنه لايحق للولايات المتحدة أن تهب مالاتملك لمن لايستحق ! ، أليس كذلك ألم تسمعوا ذلك كما سمعته وسمعنا الأخ الرئيس ابو مازن يؤكد على هذا الموقف في اجتماع وزراء الخارجية العرب ، ولكن حتى أكون صادقا معكم أقول ان كلام الأخ الرئيس جاء بصيغة كأنما يرد فيها على ضغوط عربية تطالبه بالعودة للمفاوضات ، فقد قال لهم : ” نتفاوض على ايش ، ايش ظل حتى نتفاوض عليه ؟ ” ، وكأنه يقول تطالبونني بالانخراط في المفاوضات التي اقترحها كوشنر وطبخها مع نتنياهو ومحمد بن سلمان لماذا ؟ هل تظنون انه بقي شيء نتفاوض عليه بعد ضم القدس وفرض السيادة على الضفة الغربية وتهويد القدس واقتحام الأقصى بآلاف المستوطنين الذين يحرسهم جيش الاحتلال وبعد تصعيد اطلاق النار على الأطفال لقتلهم .
وبعد …ازداد ولوج الأخ الدكتور محمد اشتية في المفاوضات ( وهي أول مرة يسمح فيها ابو مازن لرئيس وزراء أن يتحدث أو يمس ملف المفاوضات ) ، فقد كان يسمح لوزير الخارجية أن يتحدث ويصرح ضمن حد ، ويسمح للدكتور صائب عريقات بالتفاوض كونه كبير المفاوضين !!!! .
من المعروف ان الرئيس محمود عباس يمتلك مستوى من الذكاء جيدا ، ومن الخبرة في التفاوض مايكفي ليتعلم ولكي يعلم أن واشنطن وتل ابيب لايحملان له في جعبتهما أي “هدية ” أو ” نصف هدية ” أو حتى صورة لهدية ، يعلم منذ أن طعنه ترامب في خاصرته اليمنى – وأعلن اعتراف اميركا بالقدس عاصمة لاسرائيل أن واشنطن لاتبيت للفلسطينيين وعلى رأسهم الرئيس أي خير أو ماشابه ذلك .
رئيس الوزراء الذي ناقض نفسه عدة مرات خلال اسبوع دفع الناس لتفتح عيونها …. اما دهشة للتناقض أو استفسارا عن هذه الجرأة التي مكنته من نفي مايعلنه الرئيس ابو مازن في مؤتمر وزراء الخارجية العرب ، أو في حديثه للكوادرالفتحاوية ” ورئيس الوزراء محسوب عليهم ” ، فقد تابع رئيس الوزراء بمقابلة ” لا مناسبة لها ” على تلفزيون فلسطين الرسمي – المحسوب على المناضلين والموصوم بالفضائح اللا أخلاقية قال الدكتور اشتيه بالحرف : ” هنالك فرصة جيدة لحل الدولتين ؟! ” ، ( تناقض 100% مع الرئيس ابو مازن ) ، والسبب أن كل ماسيطرت عليه اسرائيل حتى الآن هو 3% من أرض الضفة الغربية استخدمها لتوطين 650 الف مستوطن ( بسيطة ) ، وكال الاهانات لعقول البشر خاصة الفلسطينيين وتحديدا الرئيس محمود عباس بقوله : ” هذا يعني أن لدينا فرصة لحل الدولتين هذا العام أما بعد عام فيصبح عدد السكان بين النهر والبحر يميل للفلسطينيين بينما نعيش الآن حالة توازن ، وذكر رقم ستة ملايين ونصف ولا أدري من أين أتى بهذا الرقم ” .
ارتكب محمد اشتية الخطأ الفاضح والذي يفضح ، فقد تجاهل القدس مهينا بذلك عقل الرئيس ابو مازن الذي كان جوهرخطابه الرسمي الاستيلاء على مدينة القدس والتي ضمت لها ضواحيها حتى البحر الميت وبيت لحم وكفر عقب ( وضفتان من المقاطعة ) ، والمساحة هذه تقدر ب26% من مساحة الضفة – القدس فقط بينما يستهين الدكتور محمد اشتية بعقول الشعب ورئيسه ، ويقول كل ماتسيطر عليه اسرائيل هو 3% ، ولم يتحدث عن قانون بسط السيادة الاسرائيلية وقانون مصادرة أملاك الفلسطينيين وهدم بيوتهم ومصادرة أراضي الدولة ومصادرة أمنية لمساحات واسعة ، وكنا قد تحدثنا حول مأساة الأغوارمن الشمال للجنوب وهي توازي 20% من أرض فلسطين المحتلة عام 1967، هذا مهم لدرجة أنه يدفعنا للسؤال : هل يمكن أن يبرز التناقض بين رئيس الوزراء ورئيس الدولة للسطح بهذه السرعة وبهذا الحجم؟
أم أن الموضوع مرتب سلفا؟ وأن لعبة ما تمارس على شعبنا وضد مصالحه الوطنية ، صحيح أن الرئيس ابو مازن قال قبل ذلك في مؤتمر وزراء الخارجية انه على استعداد للاجتماع بنتنياهو دون شروط الا أن يكون ذلك تحت سقف حل الدولتين ، لكن الجميع فهم أن هذا نوع من حشر الأعداء في الزاوية لأن الأساس هو رفض الأفكار الاميركية – الأفكار والمقترحات الاميركية ، هي رفض ونفي لكل القرارات الدولية والأممية المتصلة بانهاء الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير !!! ، فكيف يريد الدكتور محمد اشتية من الشعب أن يقبل بذلك؟
ثمة سؤال موجب يطرح نفسه هنا هو : بأي حق وبأي صفة وبأية شرعية يتحدث رئيس الوزراء بهذه الكلمات ، انه يخالف قرارات م ت ف وبرنامجها الالتزام الوطني بحقوق شعبنا لنا الحق بأن نسأل وأن يجاب على اسئلتنا : اولا من هو الوفد الذي ذهب لمقابلة سفير اميركا الصهيوني في اسرائيل فريدمان ؟ ولماذا ذهب للقائه ؟ وهل صحيح أنه ذهب ليعتذر عما قاله الرئيس ابو مازن ؟ هل وصلت الأمور الى حد اللعب من وراء ظهر الرئيس وارسال من يلتقي بالسفير الذي فاق معلمه بالاعتراف بالحرم القدسي ” هيكل سليمان ” !!! وبارك خريطة الهيكل الذي سيقام على ركام الأقصى ، وهل صحيح أن السفير استقبل الوفد خمس دقائق وطرده بعد ذلك ؟؟ ، هل صحيح أن الوفد قال له ان ماصرح به الأخ ابو مازن كان فورة غضب وزلة لسان .
ان شعبنا الذي يتحدث بهذه الأمور في كل مكان مطالب بالتحرك ، وفي مقالات قادمة سوف نأتي على ذكر فضائح مالية موثقة بمئات الملايين من الدولارات والكل غارش وساكت خشية فتح ملفه أو ملف ” من أين لك هذا ” ، أين هي لجنة محاربة الفساد … كلام فاضي أليس كذلك أم أداة صيد لمن يعارض ، خلال شهر ستبدأ أعراض سرقة أموال الشعب تظهر على أبناء الشعب فمن يتحمل المسؤولية يا دكتور ؟
الأطفال الذين يموتون يوميا في غزة والمرضى الذين لايجدون علاجا لدى سلطتهم وعليهم أن يدفعوا الآلآف ليتلقوا العلاج في المستشفى التخصصي الذي ظن الناس أنه لمعاجة أبناء الشعب فاذا هو لحرمانهم منه الا اذا امتلكوا وفرة من المال ؟؟
تبقى القضية السياسية هي الأهم والأخطر .. لأنه كمن يلعب بالنار .