ليس غريباً أن يحتفل قطعان المستوطنين، ومستوطنو «بيت إيل» بالذات، بوصول دونالد ترامب وفريقه إلى البيت الأبيض، بعدما تبين أن معظم هؤلاء ليسوا من مؤيدي الاستيطان فحسب، بل من مموليه أيضاً، ما يسمح لهؤلاء المستوطنين بحرية الحركة في التغوّل الاستيطاني وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية.
صحيفة «الواشنطن بوست» كشفت في تقرير لها عن مستوطنة «بيت إيل» المقامة على أراضي رام الله، أن ترامب هو أحد ممولي هذه المستوطنة التي أقيمت في عام 1977، وأن صهره ومستشاره جاريد كوشنر سبق أن تبرّع بآلاف الدولارات لهذه المستوطنة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهناك ممن هم على رأس السلطة في البيت الأبيض، لديهم علاقات وثيقة بعتاة اليمين الصهيوني المتطرف، ومن بين هؤلاء ديفيد فريدمان، الذي اختاره ترامب سفيراً للولايات المتحدة لدى الكيان الصهيوني، ومعروف أن فريدمان، وهو ابن حاخام يهودي أرثوذكسي، من أكثر الداعمين تطرفاً للاستيطان، ويرأس «أصدقاء مؤسسات بيت إيل الأمريكيين» التي تجمع من التبرعات سنوياً نحو مليوني دولار لهذه المستوطنة، كما أنه يعارض بشدة «حل الدولتين»، ومن أكبر المتحمسين لنقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة، معرباً بصراحة تامة عن أمله في أن يبدأ عمله من هناك.
مكمن الخطورة هنا، هي أننا نقف أمام تحوّل جذري في السياسة الأمريكية تجاه الاستيطان، من المواقف «المهادنة» للإدارات الأمريكية السابقة إلى موقف داعم وصريح للاستيطان، وربما ما هو أكثر من ذلك، أي الضم وتصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية. ومؤشرات هذا التحوّل تظهر جليّة في إطلاق حكومة نتنياهو لعجلة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس على نحو لم يسبق له مثيل في تحد سافر لقرار مجلس الأمن 2334 ضد الاستيطان والذي صدر في أواخر أيام إدارة أوباما. وما يعزز مؤشرات هذا التحوّل هو صمت إدارة ترامب على قرار حكومة الكيان بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة، بما فيها 20 وحدة استيطانية في «بيت إيل» التي تعتبر غير قانونية من وجهة نظر القانون «الإسرائيلي»، إلى جانب ضم مستوطنة «معاليه أدوميم» إلى القدس، بما يعنيه ذلك من فصل لشمال الضفة الغربية عن جنوبها.
من الواضح أن إدارة ترامب لن تكتفي بالصمت، بل ستعمل على منع أي قرار أممي يدين الاستيطان، بعد أن عاد إلى أحضان رعاته وداعميه ومموليه، فيما الرهان على «حل الدولتين» والمواقف الأوروبية الداعمة، لن يكون قائماً بالفعل في ظل الأمر الواقع الجديد، واتساع الهوة في المواقف الأوروبية - الأمريكية بما تحمله من أولويات لكلا الطرفين، ما يعني أن الكرة أصبحت الآن في الملعب الفلسطيني وحده، وبالتالي ما الذي سيفعله الفلسطينيون لمواجهة هذا الهيجان الاستيطاني الزاحف؟ سؤال مطروح على كل الفلسطينيين.
الخميس 2 شباط (فبراير) 2017
الاستيطان في حضرة مموليه
يونس السيد
الخميس 2 شباط (فبراير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
42 /
2361890
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
5 من الزوار الآن