وكأن “المكان” هو عقدة الخلاف الفلسطيني لجهة إعادة ترتيب البيت الوطني على قاعدة تحقيق المصالحة بين حركتي (فتح) و(حماس)، لتنتقل الحوارات المتعلقة بهذه القضية من عاصمة عربية إلى أخرى.
لذلك لم يكن مفهوما لدى الشارع الفلسطيني تلك الحوارات المطوّلة التي جرت في موسكو برعاية روسيا (غير رسمي) على مدى ثلاثة أيام واختتمت (الثلاثاء17/1)، وتمحورت حول سبل تجاوز الصراعات الداخلية في ما بين الكل الفلسطيني، السياسي والمقاوم، ولتقريب مواقف الفرقاء نحو المصالحة الوطنية.
لم ينجح المجتمعون من ممثلي الفصائل والقوى الفلسطينية في تحقيق أي اختراق في مواقف كل من فتح وحماس على البرنامج السياسي لحكومة وحدة وطنية منشودة، والتي من المفترض أن تضم ممثلين عن الفصائل، رغم الاتفاق على تشكيلها وفقا لتفاهمات المصالحة.
فشل المجتمعون في حل هذه العقدة، ولا يزال الخلاف قائما حتى اللحظة على البرنامج السياسي لهذه الحكومة، وهو ما سيجعل أمر تشكيلها في الوقت الراهن بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي صعبا، خاصة في ظل رفضهما لمقترحات الرئيس محمود عباس وحركة فتح، بأن تتبنى هذه الحكومة برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، وتقر بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الاتفاق على تشكيل مثل هذه الحكومة، ففي العام الماضي اتفق على تشكيلها، لتكون بديلا عن حكومة الوفاق التي لم تباشر عملها المعتاد في قطاع غزة، وجرت مفاوضات بين وفدين من فتح وحماس لإنجاز المهمة، غير أنهما لم تفلحا بعد لقاءات عدة استضافتها العاصمة القطرية الدوحة في جسر الهوة، والتوافق على برنامج سياسي مشترك.
لم تكن هذه المعضلة هي الوحيدة في برنامج المصالحة بين قطبي الثنائية الفلسطينية، ففي وقت سابق اشترطت حماس موافقتها على تشكيل حكومة وحدة جديدة، بحل مشكلة الموظفين الذين عينتهم في قطاع غزة بعد سيطرتها على الأوضاع، وعددهم نحو 40 ألف موظف، وهو أمر لا يزال محل خلاف مع حركة فتح.