حسناً فعلت الإدارة الأمريكية الجديدة بإعلان تخليها عن «حل الدولتين» الذي دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عقود على التمسك به لتسوية الصراع الفلسطيني - «الإسرائيلي»، حتى يمكن وضع النقاط على الحروف، وتبديد الأوهام والرهانات المضللة التي ظلت معلقة على إمكانية تنفيذ هذا الحل، لكنه لم يكن في يوم من الأيام قد وضع من أجل التنفيذ.
إدارة ترامب لم تختلف عن غيرها من الإدارات السابقة إلا في الكشف عن حقيقة الموقف الأمريكي، الذي كان يقدم «حل الدولتين» كحقنة مسكنة لتهدئة الفلسطينيين، ومحاولة استيعاب مقاومتهم، ويترك للكيان الصهيوني اجتراح الحلول التي يراها مناسبة، لابتلاع المزيد من الأرض والتهجير وتكثيف الاستيطان، على النحو الذي يحقق له استكمال مشروعه الاستعماري الإخلائي في فلسطين.
المشكلة لا تكمن في تخلي إدارة ترامب عن «حل الدولتين»، فهذه الإدارة انقلبت على كل شيء بمجرد وصولها إلى البيت الأبيض، ولن يكون «حل الدولتين» في حساباتها أهم من تصفية إرث إدارة أوباما مثلاً، أو علاقاتها مع حلف «الناتو» أو مع حلفائها في أوروبا وغير أوروبا، فالكيان الصهيوني بالنسبة لها والحفاظ على أمنه ودعم عملياته الاستيطانية وكل جرائمه وإجراءاته القمعية هو البوصلة والمرشد والدليل لسياستها في المنطقة، وهي مستعدة لحمايته والتغطية عليه في كل المحافل الدولية.
المشكلة تكمن في الفلسطينيين أنفسهم، وفي رهان قياداتهم المتنفذة على تسويات وحلول وهمية، من دون التفكير في أي بديل أو تبني خيارات أخرى في حال فشل هذا الرهان. الغريب في الأمر أن السلطة الفلسطينية تصر على التمسك ب «حل الدولتين» في الوقت الذي يرفضه كلا الجانبين الأمريكي و«الإسرائيلي»، وقد يكون من المفيد تذكير السلطة بأن قرار الحرب يستطيع أن يتخذه طرف واحد، لكن قرار «السلام» يحتاج إلى أكثر من طرف، أما إذا كانت تريد الظهور بمظهر الاعتدال والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، فلا حاجة لتذكيرها بأن تمرير إدارة أوباما في أيامها الأخيرة لقرار مجلس الأمن ضد الاستيطان، ووصاياها التي جاءت في الخطاب الوداعي لجون كيري بالتشديد على «حل الدولتين»، وحتى مؤتمر باريس الدولي الذي انعقد خصيصاً لهذه الغاية، لم تعره إدارة ترامب أية أهمية، ولا مكان له في حساباتها.
والحقيقة المرة التي يجب قولها بصراحة إنه لا «حل الدولتين» ولا «حل الدولة الواحدة» يدخلان في حسابات عتاة التطرف الصهيوني وشعبويِّي البيت الأبيض، ما يفرض على القيادة الفلسطينية البحث عن حلول أخرى بديلة، قبل أن يتجاوزها الزمن وتصبح شيئاً من الماضي.
السبت 18 شباط (فبراير) 2017
واشنطن وحل الدولتين
يونس السيد
السبت 18 شباط (فبراير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
9 /
2363504
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
9 من الزوار الآن