لأنهم ذلك الشعب الجبَّار الذي لم تؤثر ندوب الزمن التي حفرت مآسيها في أخاديد تاريخه المملوء بالنضال والانتفاض على أي محتل مهما كانت قوته ومهما اشتد بطشه؛ تنادوا من فلسطين، كل فلسطين نحو الهبة لنصرة دولتهم مهما كلف ذلك من ثمن يدفعونه من دمائهم وأرضهم كُرمى عيون أرض أرغمهم الاحتلال على مغادرتها في وصف أقل ما يطلق عليه «نكبة» شردت الآلاف منهم عن ديارهم محدثة تغييراً ديمغرافياً، إلا أنهم عادوا مجدداً متنادين لنصرة القدس القبلة الأولى للمسلمين ومهد حضارات الأرض، رافضين أي مساس بها، مقدمين النفس رخيصة في سبيل الدفاع عنها والذود عن حياضها، فهي قضيتهم الأولى رغم تفرقهم في البلاد، ورغم حياة الشتات التي فرضها المحتل «الإسرائيلي» عليهم، إلا أنهم أصروا أنهم في يوم ما سيعودون إلى ديارهم، فمفاتيح بيوتهم التي اصطحبوها معهم شاهد عيان على أنهم أُخرجوا قسراً دون أن يكون لهم أي خيار آخر، ودون أن ينسوا أو أن يتناسوا في الوقت ذاته أنهم أبناء هذه الأرض وأنه لا محل في معجمهم الذي استقوه من عروبة أرضهم لمقولة «الإسرائيلي» (الكبار سيموتون والصغار سينسون)، حيث إنهم أرضعوا أطفالهم حب فلسطين مع حليب أمهاتهم؛ ليأتي جيل متمسك بأرضه حاله حال آبائه وأجداده.
فلسطين اليوم وفي ظل تزامن ذكرى «النكبة» مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للاحتلال «الإسرائيلي» تعيش خياراً جد صعب؛ حيث حاولت واشنطن سحب القدس من رمزيتها العربية الإسلامية المسيحية وإهداءها للاحتلال «الإسرائيلي» على طبق من ذهب، رغم أن حقائق التاريخ والجغرافيا تثبت عروبة القدس وأن لا مكان للصهاينة فيها البتة. وبما أن القاعدة الرياضية تقول إن الموجب إذا ضرب بالسالب كان الناتج سالباً، فإن السلطة الفلسطينية لا تُلام إن أوقفت أي اعتراف بالسلام مع «إسرائيل» ما دام أن الأخيرة نسفت كل المعاهدات التي هي في أساسها هزلية ومضيعة للحقوق. وعلى السلطة أن تنحو نحو مطالب الشعب بأن كل فلسطين هي حق لهذا الشعب الذي هُجِّر غيلة وعدواناً.
ذكرى «النكبة» ينبغي أن تكون دافعاً لوحدة الصف الفلسطيني من ناحية، ومن ناحية أخرى تعريفاً للأجيال العربية بتاريخ وحضارة فلسطين، ففي ظل التطور العلمي والتقني الهائل انشغل بعض شباب العرب عن قضيتهم الأولى، في حين أن «إسرائيل» تغذي الوليد فيها على الاستمرار في اغتصاب أرض ليست ملكه ليستمر الاحتلال جيلاً بعد جيل. فهل ستكون النكبة مبعث أمل بأن فلسطين ما زالت في الذاكرة؟!
الجمعة 11 أيار (مايو) 2018
فلسطين.. الذاكرة لا تنسى
علي قباجه
الجمعة 11 أيار (مايو) 2018
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
38 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
26 من الزوار الآن