لا يمل الأمريكيون من البحث عن الفضائح وإفشائها، ثم الغوص في أعماقها، طلباً للمزيد من الأسرار. ومنذ اتهام روسيا بالتدخل في الانتخابات الرئاسة الأخيرة، لم يتوقف الصخب حول الفضيحة الجديدة، ولم يهدأ التسابق للتنقيب عن مزيد من خباياها.
غير أن روسيا ليست وحدها التي تتدخل أو تحاول التدخل في الشأن الأمريكي، «إسرائيل» تقترف نفس الإثم دون أن يثير ذلك ضجة مماثلة، بل يبدو الأمر وكأن التدخل «الإسرائيلي» إحدى قواعد لعبة الانتخابات الأمريكية.
وإذا كان تورط روسيا ما زال قيد البحث، وربما لا تثبت عليها الجريمة، فإن تدخل «إسرائيل» ثابت وموثق ومستمر، ومع ذلك لا يتحدثون إلا عما أصبح يعرف إعلامياً باسم «روسيا غيت»، أو الفضيحة الروسية.
أحد الذين واتتهم الشجاعة للحديث عن المعايير المزدوجة في التعامل مع متهمين مختلفين ارتكبا نفس الجريمة هو الصحفي الاستقصائي روبرت باري، الذي نشر على مواقع الإنترنت تقريراً مطولاً عن تدخلات «إسرائيل» في الحياة السياسية الأمريكية، وليس في الانتخابات فقط.
يستهل الصحفي تقريره بسؤال وجهه إلى مسؤول ديمقراطي كبير يشارك في التحقيقات حول التدخل الروسي، هو أي دولة تتدخل بصورة أكبر في السياسة الأمريكية: «إسرائيل» أم روسيا؟ وبلا تردد أجاب المسؤول إنها «إسرائيل» بالطبع. هذا الاعتراف سر يعرفه الجميع، إلا أنه يعد خطاً أحمر لا يقترب منه أحد.
وكما أن الأسطورة تتحدث عن رأس الذئب الطائر التي علمت الثعلب الحكمة، وأنقذته من بطش الأسد بعد أن استوعب سريعاً أنه من الحمق إغضاب الأقوياء، فإن السياسيين الأمريكيين ليسوا أقل دهاء من الثعلب. وقد تعلموا الحكمة، على الأقل منذ الثمانينات، عندما طارت رأسا اثنين من أشهر أعضاء الكونجرس، وهما: النائب بول فيندلي، والسيناتور تشارلز بيرس؛ حيث دفع العضوان، وكلاهما جمهوري، مستقبليهما السياسي، ثمناً لدعم الحق العربي. وقد مُنيَّ فيندلي بالهزيمة في انتخابات 1982، ولحقه بيرس بعد عامين.
ومن خلال الأموال اليهودية الوفيرة، وبمساعدة الإعلام الذي يسيطرون عليه يتم التحكم تقريباً في مجريات الانتخابات التشريعية والرئاسية. ويكاد يكون حديث المرشحين والسياسيين أمام «ايباك» (أشهر وأقوى جماعات الضغط اليهودية)، أحد الطقوس المقدسة التي يلتزم بها السياسيون.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح التدخل «الإسرائيلي» أكثر وضوحاً وشراسة. وقد وقف رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو بقوة لدعم المرشح الجمهوري ميت رومني أمام أوباما في انتخابات 2012.
وقصة سفر نتنياهو لواشنطن دون دعوة من أوباما وحديثه أمام الكونجرس بلا استئذان من الرئيس تقدم صورة أخرى للتدخلات «الإسرائيلية» الفجة في السياسة الأمريكية.
يروي التاريخ غير البعيد واحدة من أخطر قصص التدخل «الإسرائيلي»، كان ذلك في انتخابات 1980 بين المرشح الجمهوري رونالد ريجان، ومنافسه الديمقراطي جيم كارتر، الذي كان يسعى للفوز بفترة ثانية، أجريت الانتخابات في ذروة أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في إيران. وكان كارتر يأمل في تحريرهم قبل التصويت لدعم موقفه.
سجل ضابط المخابرات «الإسرائيلي» السابق اري بن ميناشي وهو من أصول إيرانية ما جرى في مذكرة بعنوان «أرباح الحرب» صدرت 1992، قال فيها: «إن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» آنذاك مناحم بيجن كان حانقاً على كارتر، ويريد إسقاطه بأي ثمن، بسبب ضغوطه عليه للانسحاب من سيناء خلال المفاوضات مع مصر». في ذلك الوقت، والحديث للضابط «الإسرائيلي» جرت اتصالات بين حملة ريجان والمسؤولين الإيرانيين، أشرف عليها مدير المخابرات السابق جورج بوش، الذي أصبح نائباً للرئيس ثم رئيساً، والمدير الذي تولى أمر الوكالة بعده وليام كيسي، وكان الضابط «الإسرائيلي» ضمن فريق من السياسيين ورجال المخابرات «الإسرائيليين»، الذين شاركوا في التفاوض.
انتهت الصفقة بالاتفاق على وعد بتزويد إيران بالأسلحة عبر «إسرائيل»، مقابل عدم الإفراج عن الرهائن قبل الانتخابات، تدميراً لفرص كارتر. أوفى كل طرف بما وعد، وأفرجت طهران عن الرهائن يوم 20 يناير/ كانون الثاني 1981، بعد أن أدى ريجان اليمين الدستورية.
الاثنين 1 أيار (مايو) 2017
«إسرائيل جيت» المسكوت عنها
عاصم عبد الخالق
الاثنين 1 أيار (مايو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
19 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
24 من الزوار الآن