استبشرت جماهير الشعب الفلسطيني وأصدقاء قضيته خيراً, بنتائج اجتماع اللجنة التحضيرية للفصائل الفلسطينية في بيروت, للاعداد لانعقاد المجلس الوطني بقوام جديد, كما اجتماعات الفصائل الفلسطينية في موسكو من أجل تجاوز الانقسام. ذهب البعض بعيدا في تفاؤله حد توقع تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطينية خلال 48 ساعة, من انتهاء اجتماع العاصمة اللبنانية. المفاجأة المذهلة التي نسفت وتنسف كل التوقعات الإيجابية, للأسف, مباشرةً جرت عودة ممارسات كلا الحركتين لذات السابقة الممارسة من قبل كل منهما , تجاه الأخرى!…اعتقال وأعتقال مضاد, أحكام وأحكام مضادة.. الخ.
قبل كل شيء, هل تختلف حركة حماس في تهدئتها الطويلة الأمد مع الكيان الصهيوني, عن السلطة الفلسطينية بزعامة فتح, التي ما زالت متمسكة بالمفاوضات كخيار استراتيجي وحيد مع الكيان الصهيوني؟, الذي يؤكد قادته صباحا ومساءً, بأن لا دولة غير دولته الما بعد فاشية ستقام بين النهر والبحر, وأن “أورشليم ” هي عاصمته الأبدية والموحدّة, ويمضي في اغتيالاته واعتقالاته وقمعه اليومي السوبر نازي لأبناء شعبنا وبناته !. العدو الذي يمضي قدما في استيطانه وتهويده للمدينة المقدسة.
قلناها مرارا , بأن لا مصالحة فلسطينية ستتم, لا الآن , ولا على المدى القريب المنظور, حتى ولو قام ترامب بنقل سفارته في الكيان إلى القدس! فلكل من السلطتين المحتلتين فعليا مشروعها السياسي, فالسلطة في رام الله رهنت مشروعها بالحل السياسي التفاوضي, والسلطة في غزة مرهونة إلى قرار التنظيم العالمي للإخوان المسلمين! بعيدا عن الخصوصية الفلسطينية, التي من المفترض أن تحافظ عليها حماس, وإلا ما معنى أن يطرح أبو مرزوق ,المؤهل لخلافة مشعل, مشروعه لإقامة فيدرالية بين غزة ورام الله؟, مفترضا أن شعبنا أنجز مهام مرحلة التحرر الوطني, ويعيش في دولة مستقلة كسويسرا أو روسيا!.
من قبل, فإن اجتماعات عديدة جرت بين الحركتين في القاهرة وعواصم عربية أخرى, انضمت موسكو إلى القائمة مؤخرا, للوصول إلى المصالحة. لكن للأسف, لم ير الشعب الفلسطيني ولا أمتنا العربية أية خطوات فعلية من الحركتين باتجاه التطبيق العملي للخطوات ,التي يجرى بحثها والاتفاق عليها ( رغم الوعود بذلك ), ويجري على إثرها تشكيل لجان مشتركة لبحث آلية التطبيق لما سبق وأن تم الاتفاق عليه. بضعة أيام بعد كل مشاورات يتعززفيها الأمل بتجاوز الانقسام, ثم ما تلبث أن تعود حليمة لعادتها القديمة.
الغريب:أن قادة الطرفين ينظرّون ويصرّحون ويتبارون في استعمال الجمل المؤثرة والعاطفية في(التغزّل) بأهمية المصالحة،لكن التصريحات تنطبق والمثل القائل:”نسمع جعجعةً ولا نرى طحيناً”, فعشرة أعوام مرّت على الانقسام دون ظهور أية بوادر أو بصيص أمل, لإمكانية تجاوزه لا الآن, ولا في المستقبل القريب.هذا الوضع أدى بجماهيرنا الفلسطينية والعربية إلى اليأس من إمكانية عودة الوحدة الوطنية إلى الساحة الفلسطينية, وإلى رؤية فحواها: أن أية مباحثات بين الجانبين, هي من منظار”رفع العتب”, وليس من أجل الوصول إلى اتفاق حقيقي! وهو ما يشي: بأن الطرفين يفتقدان الأرادة للتخلص من الانقسام. ليس هذا فحسب, وإنما يتعاملان مع الموضوع بمنتهى التبسيط والتقزيم, وأن قوى الشد العكسي في الطرفين هي المؤثرة, وأن التصريحات لمسؤولي الحركتين, هي من أجل تبرئة الذمة لكل فريق عن استمرار الانقسام, أمام الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية.
الطرفان للأسف: لا يدركان واقع الساحة الفلسطينية واستحقاقاتها, ولا طبيعة المرحلة الخطرة التي تمر بها القضية والمشروع الوطني الفلسطيني, ولا الأخطار الصهيونية المحدقة بنا وعموم قضيتنا ! من ناحية ثانية: يخطئ من يظن أن الكيان لن يقوم بجولة جديدة من العدوان على غزة, فعدوان نوفمبر 2012 لم يكن سوى جولة أولى في الصراع. لن تسمح عقلية الصلف والعنجهية وعقدة التفوق االصهيونية للمقاومة الفلسطينية بامتلاك صواريخ تهدد المدن الصهيونية في فلسطين المحتلة. قطاع غزة ليس جنوب لبنان, فهو أرض منبسطة دون جبال وتلال, وكل ما على هذه الجغرافيا من أبنية, مكشوف. لا نقول ذلك من أجل التهويل, ولكن من أدراك كامل لعقلية هذا العدو وطبيعة المتغيرات في داخله.إدراك هذه المخاطر, إضافة إلى ما تخططه الولايات المتحدة والدوائر الغربية عموما, للمنطقة, يقتضى توجيه كل قوى المقاومة في أجزاء الوطن نحو هدف واحد،, مقاومة الكيان ومخططاته الفاشية, هذه لن تتأتى إلا بتجاوز الانقسام الفلسطيني. إدراك هذه المخاطر أيضاً, يسّهل وصول الساحة الفلسطينية إلى برنامج القواسم المشتركة, وإلى مراجعة ومحاسبة المرحلة الماضية منذ اتفاقيات أوسلو وحتى الآن, بكل أخطائها وخطاياها, وإلى وضع أسس كفيلة لإسقاط المشروع الصهيوني, كما يعمل على بلورة استراتيجية فلسطينية تتماهى خطوطها مع استحقاقات المرحلة, على ضوء المتغيرات السريعة البروز في الصراع مع العدو الصهيوني, وعلى إمكانية حشد شعبي عربي مؤيد للاستراتيجية الفلسطينية, لتكون أيضاً متبناة عربياً. لكن للأسف, لم ولن يتم إدراك كل ما سبق, لذا كان عنوان هذه المقالة بمثل الذي جاء عليه !
وعظم الله أجركم وأجرنا جميعا بالمصالحة ومشاريعها.
الأحد 12 شباط (فبراير) 2017
للأسف .. لن يتم تجاوز الانقسام
د. فايز رشيد
الأحد 12 شباط (فبراير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
17 /
2484496
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
39 من الزوار الآن