في جلسة لما يسمى مجلس الوزراء «الإسرائيلي» المصغر برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهو عبارة عن خلية تضم وزراء الشؤون الأمنية والسياسية، قرر المجتمعون الإبقاء على البوابات الإلكترونية التي نصبتها قوات الأمن «الإسرائيلية» أمام مداخل المسجد الأقصى. الجلسة عُقدت يوم الخميس 20 يوليو/تموز 2017، ونصب البوابات الإلكترونية تم يوم الأحد 16 يوليو 2017، أي أن خلية الأزمة تداعت للاجتماع بعد مرور أربعة أيام على جريمة نزع السيادة من العرب والمسلمين على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وذلك لتقييم ردات الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية على هذا الجرم الخطير. الجلسة استمرت إلى ما بعد منتصف الليل واستغرقت أربع ساعات.
نتنياهو وأركان حكومته المصغرة الذين يتضاءل مجرم الحرب أرييل شارون أمام تطرفهم، ارتأوا حينها، على ما يُعتقد، أن ردات الفعل العربية والإسلامية، الرسمية والشعبية، كانت ضمن النطاق المتوقع والممكن استيعابه، وأنهم بالتالي وجدوا أن من الممكن تمرير الإجراء الأمني الاستحواذي (على سيادة الحرم القدسي) وجعله أمراً واقعاً مع مرور الوقت.
نتنياهو المنتشي بالزيارة التي قام بها إلى «إسرائيل» رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ، والمنتشي أيضاً بزيارته في شهر يونيو/حزيران الفائت إلى ليبيريا في غرب إفريقيا، بدعوة من المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «مجموعة إيكواس» للمشاركة في القمة الاقتصادية التي عقدت في العاصمة مونروفيا يوم الحادي عشر من يونيو الماضي، حيث التقى خلالها قادة عشر دول من وسط وشرق إفريقيا، بما عُدّ اختراقاً «إسرائيلياً» تاريخياً ثانياً للقارة السمراء، يضاف إلى الجولة التي قام بها نتنياهو قبل عام في بلدان شرق إفريقيا والتقى خلالها قادة 7 دول إفريقية. علماً أن مجموعة «إيكواس»، واحدة من 8 منظمات إقليمية في القارة السمراء، تضم في عضويتها 15 دولة، هي ليبيريا، ساحل العاج، جامبيا، غانا، بنين، بوركينا فاسو، الرأس الأخضر، غينيا بيساو، غينيا كونكاري، مالي، النيجر، نيجيريا، سيراليون، السنغال، وتوجو. وقد عاد نتنياهو من الجولتين نافشاً ريشه وكأنه أحد الفاتحين في عصر الإمبراطوريات البائدة.
لكن الصهاينة صُدموا من حجم ردات الفعل الفلسطينية الرسمية والشعبية الكفاحية القوية التي أنبأت بصعود الغضب العارم الذي بدأ يتدحرج صعوداً في غير ساحة عربية وإسلامية، خصوصاً منه الغضب الشعبي الذي لا يمكن التنبؤ بمآلاته. وقد حاولت الحكومة «الإسرائيلية» عبر اتصالاتها الإقليمية والدولية استدراج تدخلات من فوق لتهدئة مشاعر الغضب هذه، وعملت بعض الوسائط الإعلامية على مدار الساعة على توفير منصة للناطق باسم الحكومة «الإسرائيلية» عوفير جندلمان، لمخاطبة الرأي العام العربي والإسلامي بلسان هو أقرب للأعجمي منه للعربي، بغية التهوين من الجريمة «الإسرائيلية»، كان خلالها فاشلاً ومقززاً بنبرته الصهيونية الاستعلائية المعهودة.
نجحت جموع الشباب الفلسطيني المنتفضة في تحويل شعار «المسجد الأقصى خط أحمر» إلى معركة كسر عظم مع الاحتلال والانتصار فيها. السؤال الآن لماذا لا تبادر القوى العربية التي مازالت فاعلة، للبناء على هذا الانتصار وتعميم شعار «المسجد الأقصى خط أحمر» على بقية القضايا الكفاحية، مثل قضية المستوطنات، وقضية الأسرى الفلسطينيين في السجون «الاسرائيلية»، وإعادة بعث وتحريك وتنشيط ملف المقاطعة العربية ل «إسرائيل»؟
جانب آخر في قضية الأقصى تُحتم علينا إعادة التذكير بحقيقة أن عقد الصفقات مع مثل هؤلاء المتدينين أيديولوجياً صهيونياً على شاكلة «داعش»، لا تجدي نفعاً. فها هو نتنياهو يستقبل قاتل الأردنيين في السفارة «الاسرائيلية» في عمان بكل صلافة وعنجهية استعراضيتين، وهي ليست المرة الأولى التي يخل فيها الصهاينة بالاتفاقات المعقودة معهم، ولنا في صفقات تبادل الأسرى خير برهان، فما إن يُطلق سراح هؤلاء الأسرى حتى تبدأ الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» في ملاحقتهم، والتي تنتهي عادةً إما بإعادة اعتقال المفرج عنهم في صفقات التبادل وإما اغتيالهم وتصفيتهم.
غرور نتنياهو سيسقطه، وذلك برسم مدونة التاريخ التي تعج بمثل هذه النماذج الكاريكاتيرية الحاكمة.
الجمعة 4 آب (أغسطس) 2017
غرور نتنياهو
د. محمد الصياد
الجمعة 4 آب (أغسطس) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
43 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
25 من الزوار الآن