] شرعنة الاستيطان تفرض شرعنة المقاومة - [طُوفانُ الأَقصى]
السبت 11 شباط (فبراير) 2017

شرعنة الاستيطان تفرض شرعنة المقاومة

حافظ البرغوثي
السبت 11 شباط (فبراير) 2017

تجمع مزارعون فلسطينيون أمام منزل على تلة مطلة على نهر الأردن ومنطقة بيسان شمال الأغوار الفلسطينية في قرية كردلة الزراعية يبحثون مع مندوب من منظمة «الفاو» سبل مساعدتهم بتنويع المحاصيل الزراعية، بينما كانت جرافات «إسرائيلية» تهدم منشآت زراعية لهم في أعلى التلال بهدف إخلائها لتوسيع مستوطنات قريبة، وقد لفهم الحزن والأسى، حيث كثفت سلطات الاحتلال من عمليات الهدم في الأغوار وطردت البدو وزحفت على الأراضي ذات الملكية الخاصة، وقال لهم مندوب الصليب الأحمر الذي كان في موقع الهدم إن سياسة «إسرائيل» حالياً هي هدم أية مشاريع نفذتها الأمم المتحدة في المنطقة، حيث اتخذت قراراً عدائياً ضد المنظمة الدولية منذ أن اتخذ مجلس الأمن قراره ضد الاستيطان رقم 2334 في نهاية العام الماضي، ورد الكنيست «الإسرائيلي» بقانون شرعنة الاستيطان الذي يجيز الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية خاصة بهدف بناء مستوطنات، وهو القانون الأول في العالم الذي يبرر للاحتلال مصادرة أملاك خاصة لمصلحة غير مواطنين، حيث جرت العادة أن الدول تستملك أرضاً خاصة للمصلحة العامة، لكن في الحالة هذه فإن الاحتلال يصادر أرضاً خاصة لغير مصلحة أصحاب الأرض.
وكان اليمين «الإسرائيلي» بزعامة «حزب البيت اليهودي» طرح المشروع قبل تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض، إلا أن مداولات داخلية أجلت طرحه لحين معرفة موقف الإدارة الجديدة. لكن قول ترامب «إن الاستيطان لا يشكل عقبة في طريق السلام»، شجع اليمين «الإسرائيلي» على طرحه مجدداً وإقراره. وقد أطلق أصحاب المشروع عليه تسمية «قانون التسوية» أي تسوية أوضاع 16 مستوطنة غير مصرح بها وأقيمت على أرضٍ خاصة، لكنه في الحقيقة يضفي صفة قانونية على سلب الأراضي الخاصة لمصلحة الاستيطان.
وتشير التقديرات إلى أن المحكمة العليا ستمنع سلب الأراضي التي تقع ضمن ملكية فلسطينية خاصة، كما حدث في البؤرة الاستيطانية «عمونا»، وأحد أهم الأسباب هو تجنب أي دعوى يقدمها الفلسطينيون للمحكمة الدولية، التي تعتبر الاستيطان جريمة، ويجب وقفها وفرض عقوبات على من يرتكبها، بحسب القانون الدولي.
وحاول عرابو الاستيطان من «البيت اليهودي» في النسخة الأولى من اقتراح القانون وضع بند يلغي أوامر المحكمة العليا حول إخلاء أو هدم أي بؤرة استيطانية أقيمت على أرض فلسطينية خاصة، إلا أن اعتراض حزب «كولانو» على هذا البند أدى إلى إزالته، لتتم المصادقة على القانون بصيغته الحالية.
وبغض النظر عن ردود الفعل الأولية على إقرار القانون الاحتلالي من قبل الدول المختلفة، إلا أنها لا توازي فداحة القانون وآثاره المستقبلية، فهو في حالة عدم نقضه من قبل المحكمة العليا سيمهد لحملة مصادرة أراضٍ خاصة تطال أي شبر يريده المستوطنون ويلغي حل الدولتين نهائياً. فطبقاً للإحصاءات الفلسطينية، فقد بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية 620 ألفاً، منهم 218 ألفاً في القدس المحتلة، وبلغ عدد المستوطنات 570 مستوطنة. وصعد الاحتلال منذ مطلع العام الجاري عمليات الهدم والتهجير، حيث بلغت 142 مسكناً ومنشأة مختلفة، بينما بلغت العام الماضي 1014 عملية هدم ثلثها في القدس المحتلة، بحيث إن عمليات الضم والمصادرة والإغلاق ابتلعت أغلبية أراضي الضفة الغربية البالغة مساحتها 5600 كيلومتر مربع، منها 600 كيلومتر مربع منطقة مستوطنات، و1016 كيلومتراً مربعاً مناطق مغلقة عسكرياً أمام الفلسطينيين و560 كيلومتراً مربعاً خلف الجدار الذي بلغ طوله 714 كيلومتراً، منها 488 كيلومتراً من الأسمنت والباقي أسلاك شائكة مراقبة إلكترونياً، إضافة إلى إغلاق 160 كيلومتراً مربعاً كمنطقة أمنية حول ضفة نهر الأردن يحظر على أصحابها دخولها ويسمح للمستوطنين بزراعتها بواسطة عمالة أجنبية من الخارج. وهناك 550 كيلومتراً مربعاً وضع الاحتلال يده عليها لأنها أرض أميرية تابعة للدولة، كما تم اعتبار قرابة ستة الآف دونم كمناطق أمنية حول المستوطنات، فما الذي يتبقى من الضفة؟!
السلطة الفلسطينية تجد نفسها مضطرة للمضي قدماً في خيارها الوحيد وهو تحريك ملفات ضد «إسرائيل» في المحكمة الجزائية الدولية، والانضمام إلى بقية الهيئات الدولية التي كانت الإدارة الأمريكية السابقة تطالبها بالتريث فيها، وحتى الآن لم يتم تحريك الملفات وكأن هناك رغبة في انتظار اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو في منتصف الشهر الجاري، لكن من المستبعد أن يتبنى ترامب أي موقف لمصلحة الفلسطينيين، فهو منقاد للموقف «الإسرائيلي» المتطرف وليس راغباً في إقامة أي اتصال مع السلطة الفلسطينية. أمام ذلك لا يبقى إلا أن تعلن السلطة أنها دولة تحت الاحتلال وفقاً للمواثيق الدولية، وأن «إسرائيل» ألغت اتفاقات أوسلو وما يترتب عليها من اعتراف فلسطيني بها.
وتبقى كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني للحصول على حريته، فشرعنة الاستيطان تفرض شرعنة المقاومة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2473041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010