فعلت سلطات الكيان الصهيوني في القدس ما لم تجرؤ على فعله طوال خمسين عاماً، عندما منعت صلاة الجمعة في المسجد الأقصى عقب عملية فدائية أدت إلى استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين ومصرع جنديين، وهي عملية لم تكن «إرهابية» كما يدعي الاحتلال، بل جاءت غضبة للقدس ورداً على تماديه في انتهاك المقدسات وإهانة الفلسطينيين بمختلف شرائحهم نساء وأطفالاً وشيوخاً.
لقد عاث الصهاينة في القدس تهويداً واستيطاناً وتخريباً، وذهب في ظنهم أن الشعب الفلسطيني مات ولم يعد قادراً على الانتصار لنفسه والمواجهة. وبئس الظن ذلك، فالشبان الثلاثة من آل جبارين عزموا من أم الفحم بالمثلث الشمالي على تنفيذ العملية والاستشهاد حتى يسجلوا في التاريخ أن الجبروت الصهيوني لن يبق دون رد، وأن الفلسطينيين لم يخنعوا للظلم المطبق. وعلى أرض الواقع، كانت العملية منتظرة وستعقبها عمليات مماثلة، إذا لم تكف سلطات الاحتلال عن سياساتها التوسعية واستهدافها معالم القدس، ففي كل مطلع شمس تقريباً يقوم الصهاينة باستباحة المسجد الأقصى، وتعلن حكومة بنيامين نتنياهو عن مشاريع استيطانية جديدة، فضلاً عن إجراءات هدم المنازل وانتزاع الأملاك من أصحاب الأرض، وكلها إجراءات تنفذ على مرأى ومسمع من العالم كله. ولذلك كانت العملية الفدائية مبررة ودفاعاً عن الحق بموجب الشرعية الوطنية والدولية.
عندما أقرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» القدس القديمة مدينة محتلة وتخضع للسيادة الفلسطينية، ضربت سلطة الاحتلال بالقرار عرض الحائط، وتجاهلته وهاجمت الدول التي صوتت لأجله، كما واصلت إجراءات الاستيطان والتهويد. ولأن المجتمع الدولي اختار أن يكون عاجزاً وامتنع عن فرض القرار ومطالبة الصهاينة بالانصياع، لن يبقى أمام الفلسطينيين غير المقاومة والتصدي بكل ما أوتوا من قوة للدفاع عن حقوقهم المكفولة بالقانون الدولي، ولذلك لا أحد من حقه أن يدعي أن عملية القدس غير شرعية، أو نفذها «متشددون»، كما يزعم الخطاب الصهيوني، بل هي الخيار الذي لا مفر منه، طالما أن حكومة الاحتلال لا تعترف بالفلسطينيين وتعمل على إعدام هويتهم وتصفيتها على مستويات عدة، وقد شكا الشعب الفلسطيني حاله إلى المجتمع الدولي وتحركت السلطة والفصائل والفعاليات كافة في جميع الاتجاهات، وكانت الردود مخيبة للآمال، أما ما كسبوه من قرارات وبيانات مساندة فقد ظلت كلها حبراً على ورق دون تنفيذ.
الأراضي الفلسطينية ستكون على موعد مع تصعيد كبير في الفترة المقبلة، وأول المؤشرات إلى ذلك الخطوات الاستفزازية التي تتخذها سلطات الاحتلال، وأخطرها إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين في أول جمعة من تاريخه الحديث، كما سمحت لجنودها وشرطتها بانتهاك حرمته والعبث بمحتوياته، وهي إهانة تتجاوز الفلسطينيين لتشمل العالم الإسلامي كله، فالمسجد الأقصى، ثالث أقدس البقاع لدى المسلمين، لن يترك مرتعاً للتدنيس الصهيوني، وإذا اندلعت معركة من أجله فلن تنتهي إلا بتحريره ووأد المشروع الصهيوني من أساسه. وربما سيستمر كيان الاحتلال في تجاهله لهذا المصير، وسيواصل الاستخفاف بكل ما حوله، ولكن لحظة الانفجار آتية لا محالة إذا لم ينتبه إلى أن صبر القدس لن يدوم، ولم ينته عن التسلط ويرفع ظلمه سريعاً عن المسجد الأقصى ومدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المنتظرة.
الأحد 16 تموز (يوليو) 2017
صبر القدس لن يدوم
مفتاح شعيب
الأحد 16 تموز (يوليو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
17 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
23 من الزوار الآن