يكفي أن يستحضر الفلسطينيون أي شيء من تراثهم أو تاريخهم ليتحول إلى عنوان للصراع مع الكيان الصهيوني، الذي بات يصارعهم، ليس فقط على اسم شارع، كما فعلت بلدة جت في منطقة المثلث داخل الأراضي المحتلة عام 1948حين أطلقت اسم ياسر عرفات على أحد شوارعها، وإنما على كل شيء، بدءاً من محاولة سرقة التاريخ والتراث والرموز والأسماء، وحتى الأزياء والأغاني والأكلات الشعبية الفلسطينية.
ومع أن ياسر عرفات وقع معهم اتفاقات، وتقاسم معهم جائزة نوبل للسلام، إلا أن شبح عرفات يبدو أنه يلاحقهم في مماته، كما كان يلاحقهم في حياته، ف «واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط» كما يحلو لقادة الحركة الصهيونية وحلفائهم في الغرب الاستعماري وصف الكيان، لا تستطيع أن تتحمل إطلاق اسم عرفات على أحد الشوارع، وتراه مستفزاً وتنعته بالعدو و«القاتل»، كاشفة بذلك عن جوهر نواياها الحقيقية ودعواتها الزائفة للتسويات والتصالح مع المحيط. ولكن لماذا تذكر قادة الكيان فجأة هذا الشارع الذي تم إطلاق الاسم عليه منذ عام 2008، وفي عهد حكومة نتنياهو بالذات، إلا إذا كان نتنياهو يريد تصدير أزماته وتورطه في الفساد ولفت الأنظار عن التحقيقات المتواصلة معه، استرضاء لقطعان المستوطنين ومن هم على شاكلته في اليمين واليمين المتطرف، خصوصاً بعد صدور تقرير «مراقب الدولة» الصهيوني وتحميله مسؤولية إخفاق العدوان على غزة عام 2014، وتعالي الأصوات المطالبة باستقالته.
وزير داخلية الكيان أمهل مجلس جت البلدي 48 ساعة لإزالة اللافتة التي تحمل اسم ياسر عرفات، رغم وجود ترخيص رسمي بها، فيما هدد نتنياهو بسن قانون يمنع إطلاق أسماء من يصفهم ب «القتلة» كعرفات والحاج أمين الحسيني على الشوارع أو في أية مجالات لتخليد ذكراهم، متجاهلاً أن الصهاينة سرقوا كل الأسماء العربية الكنعانية ونسبوها لأنفسهم، ف «بيت إيل» على سبيل المثال هي بيت كبير آلهة الكنعانيين «إيل»، و«عناة» هي أحد آلهة الكنعانيين، و«إيلات» هي ابنة الإله «إيل» و«أورشاليم» أو «أور سالم» أي مدينة السلام هو اسم القدس في العهد الكنعاني . وغير ذلك الكثير، فقد اعتمد الصهاينة أحد أثواب أهالي منطقة رام الله زياً رسمياً لمضيفات شركة «العال» الصهيونية، كما سرقوا «الطابون» خلال حظر التجول من حي سلوان في القدس ليضعوا فوقه كلمة «تراث عبري» في المتحف الصهيوني. وحتى الأغاني الشعبية (الميجانا والعتابا)، كما الأكلات الشعبية (الفلافل والفول والحمص والتبولة) التي هي ملك لكل أهل بلاد الشام باتوا يدعون أنها جزء من تراثهم. إنه الصراع المفتوح بيننا وبين الصهاينة، وهو لن يتوقف عن حدود شارع أو إطلاق اسم هنا أو هناك، بقدر ما هو صراع حول كل شيء، بما في ذلك الماء والشمس والهواء، وبما في ذلك شبح عرفات الذي سيظل يطاردهم.
الخميس 9 آذار (مارس) 2017
شارع ياسر عرفات
يونس السيد
الخميس 9 آذار (مارس) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن