] «شحدني وأنا سيدك» - [طُوفانُ الأَقصى]
الجمعة 23 أيلول (سبتمبر) 2016

«شحدني وأنا سيدك»

بقلم: عوني صادق
الجمعة 23 أيلول (سبتمبر) 2016

في الرابع عشر من شهر سبتمبر/أيلول الجاري، وقعت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على «وثيقة المساعدات» التي منحت الأولى فيها الثانية أكبر مساعدة تقدمها لدولة حليفة وبلغت (38) مليار دولار على مدى عشر سنوات، وهي تشكل ما نسبته 55% من مجموع «المساعدات» الأمريكية لحلفائها وأصدقائها في العالم. وقد بلغت مساعدات الولايات المتحدة للكيان الصهيوني منذ 1967 بالقيمة الاسمية مبلغ (128) مليار دولار.
وفي تعليقه على الاتفاقية الجديدة، قال رئيس الحكومة «الإسرائيلية»، بنيامين نتنياهو: «الاتفاق الذي وقع في واشنطن، هو اتفاق تاريخي وهو يضمن «لإسرائيل» مساعدات أمنية لا مثيل لها في السنوات العشر القادمة، ويشمل أكبر مساعدات عسكرية قدمتها الولايات المتحدة في تاريخها لدولة ما»، وأضاف: «الاتفاق يؤكد صلابة ومتانة العلاقات بين «إسرائيل» والولايات المتحدة، من دون أن يعني أنه لا تنشب خلافات من حين لآخر تبقى داخل العائلة ولا تؤثر في الصداقة العميقة بين «إسرائيل» والولايات المتحدة».
سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما، التي حضرت التوقيع، علقت بالقول: «الحديث هو عن مساعدات هي الأكبر التي قدمتها الولايات المتحدة حتى الآن». وأضافت: «هذا الاتفاق يزيد من حجم الالتزام الأمريكي بأمن «إسرائيل»»،
لكن خصوم نتنياهو حاولوا النيل من الاتفاق للنيل من نتنياهو، واتهموه بأنه «تسبب بالإضرار بأمن «إسرائيل»»، لأنه «بتسرعه ومواقفه غير المسؤولة يهدد الأمن «الإسرائيلي» ويضر بالعلاقات مع البيت الأبيض»، كما جاء في تصريحات لوزير الحرب الأسبق إيهود باراك. واعتبر هؤلاء الخصوم أن «المبلغ - الذي نص عليه الاتفاق - هو أقل بكثير مما كان يمكن الحصول عليه قبل أن يقرر نتنياهو التدخل في السياسة الأمريكية». وقد ذكر المراسل العسكري لصحيفة (هآرتس)، عاموس هرئيل، أن المبلغ الذي كان مطروحاً في بداية المفاوضات كان (45) مليار دولار، وقال باراك: «إن نتنياهو وقع على اتفاق سيئ».
من جانبه، انضم وزير الحرب السابق، موشيه يعلون، إلى مهاجمي نتنياهو، فانتقد الاتفاق بشدة. وفي محاضرة له ألقاها في (معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط) الأمريكي، وصف الاتفاق بأنه «غير كاف»،
وإذا كان بعض الذين هاجموا «الاتفاق»، كانوا مجبرين على «شكر» الولايات المتحدة والرئيس أوباما، متلطين وراء الهجوم على خصمهم السياسي نتنياهو، إلا أن ما أخفوه كان ينم عن تطلع إلى أكثر ما أعطاهم إياه الاتفاق. وقد عبرت الصحافة «الإسرائيلية» في بعض ما نشرته عن الأمرين معاً: الاعتراف بالمعونة «السخية» من جهة، و«المسكوت عنه» من جهة أخرى.
وفي مقال كتبه ناحوم برنياع لصحيفة (يديعوت أحرونوت- 15/9/2016)، جاء قوله: «مذكرة الدفاع التي وقعت في واشنطن، بين الإدارة الأمريكية و«إسرائيل»، هي خطوة سخية تدل على تفاني إدارة أوباما من أجل أمن «إسرائيل». إن (38) مليار دولار يعد مبلغاً هائلاً لم تنله أي دولة أخرى مهما كانت علاقاتها مع الولايات المتحدة جيدة، وباراك أوباما يفعل هذا وليس غيره وهو جدير بالشكر».
وفي مقال آخر، مثل غير الراضين عن الاتفاق، كتب درور إيدار في صحيفة («إسرائيل» اليوم- 15/9/2016) يقول: «صحيح أنه يجب شكر الأمريكيين على المساعدة السخية، ولكن يجب أن نقول أيضاً إنهم لا يقدمون لنا معروفاً»، ويضيف موضحاً: «نحن نمثل جزءاً كبيراً من قيمهم ومصالحهم في الشرق الأوسط. ولولا «إسرائيل» لاضطرت الولايات المتحدة إلى إرسال جيش كبير بتكلفة أكبر من المساعدة الأمنية لنا... لذلك، فإن هذه الصفقة مفيدة للأمريكيين، فكم دولة مثلنا توجد للأمريكيين». وينهي إيدار مقاله فيرمي القفاز في وجوه الأمريكيين قائلاً: ««إسرائيل» ليست متسولاً يريد الصدقات. نحن لاعب رئيسي في المنطقة ونحن القادرون على المحافظة على مصالح الغرب فيها...».
هكذا ببساطة كأنه يقول للأمريكيين: «لا شكر على واجب»، أو كما يقول المثل الشعبي: «شحذني وأنا سيدك »، لكن يجب الاعتراف في الوقت نفسه بأن السلوك الأمريكي، والسياسة الأمريكية المنحازة بلا حدود وفي كل الظروف لهذا الكيان العدواني، يعطيان لنتنياهو ولإيدار، ولكل مستوطن صهيوني المبرر في قول ما يقولون. ويبدو أنه على دافع الضريبة الأمريكي أن يظل يتحمل تكاليف جرائم وأطماع دولة «إسرائيل» إلى الأبد، ما دام رؤساء الولايات المتحدة يتنافسون في خدمتها لإثبات أن كل رئيس جديد هو أكثر ولاء لها ممن سبقه. وأخيراً وإن كنا نعرف مسبقاً أن كلامنا لن يسمعه المعنيون، علينا أن نقول: يبقى على العرب والفلسطينيين، خصوصاً المتمسكين بصداقة ونزاهة ووساطة الولايات المتحدة أن يعلموا أنه آن الأوان لمعرفة هذه الولايات المتحدة على حقيقتها القذرة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 144 / 2473041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010