] شمعة بلا نور - [طُوفانُ الأَقصى]
الجمعة 13 أيار (مايو) 2016

شمعة بلا نور

علي قباجه
الجمعة 13 أيار (مايو) 2016

ما زالت مأساة غزة متواصلة على جميع الصعد والمناحي، فأبسط مقومات الحياة الآدمية فيها مفقودة، وأصبحت الإقامة فيها شبه مستحيلة، وبحلول عام 2020 ستكون غير صالحة للعيش، فالكهرباء والماء والسلع والغذاء غير متوفرة، والشرايين المتمثلة بالمعابر التي تمدهم بالحياة يتحكم فيها الاحتلال، وغالباً ما يقطعها، أو يبتز القطاع من خلالها.
مأساة لا تنقطع، شمعة أشعلتها عائلة أبو هندي في مخيم الشاطئ بالقطاع جراء انقطاع الكهرباء المتواصل، كانت كفيلة بإحراق ثلاثة أطفال، بينهم رضيع، بعدما أكلت النيران منزلهم المتواضع، وأصابت بقية أفراد العائلة. فالأحلام التي بنيت على نور هذه الشمعة بأن تضيء جنبات الظلام تحولت إلى بلاء، وقضت على أطفال لا ذنب لهم سوى بحثهم عن النور.

مصيبة أخرى رافقت مأساة العائلة المنكوبة تمثلت بالتراشق الإعلامي بين حركتي «فتح» و«حماس»، كلٌ ألقى باللائمة في وفاة الأطفال على الآخر، محمّلاً إيّاه المسؤولية، ف«حماس» اتهمت السلطة ورئيسها عباس بفرض الضرائب على السولار، وبمحاصرة القطاع، في حين اتهمت «فتح» «حماس» بالسيطرة على القطاع والتنكر لاتفاقات المصالحة. مناكفات لم تنته ولن تنتهي. والشعب هو ضحية الصراع.

تسابقت «السلطتان» في غزة والضفة على دعم العائلة الضحية وتعهدتا بتوفير العمل لرب العائلة وإعادة بناء البيت المتفحم. هي بادرات جيدة ولكن في سياقات غير منطقية، فأين السلطتان من العائلة الفقيرة المعدمة قبل وقوع مأساتها، وأين هما الآن عن آلاف الأسر التي تنتظر المغيث، وقد تتحول في أي لحظة إلى عائلة محروقة أو ميتة من الجوع؟
«سلطتان» لا تملكان أية سلطة تتناكفان على حساب شعب واقع تحت نير الاحتلال، ضيعتا جهوداً ضخمة في صراع كان الأولى أن يوجه لإنصاف هذا الشعب المكلوم الذي يذوق الويلات من كيان مصمم على التنكيل به، والتضييق عليه. حالة الفلسطينيين العصيبة تتطلب التكاتف والتعاضد لا التنابذ والتباعد. فلسطين اليوم بحاجة إلى من يقود سفينتها إلى بر الأمان في ظل تغوّل الاحتلال وانتهاكه كل المحرمات.
على الصعيد العربي، فإن المطلوب أفعال، وليس أقوالاً أو اجتماعات هنا وهناك، فالقضية بحاجة إلى تحرك فاعل، ودعم يغيث الفلسطينيين، خصوصاً سكان غزة مما هم فيه. تحرك يرفع الحصار ويفتح المعابر ويسمح بدخول مواد البناء وغيرها لتشغيل المصانع والورش. فنسبة الفقر في القطاع بلغت 80%، في حين أن نسبة البطالة تجاوزت ال60%، ووصل معدل دخل الفرد اليومي نحو دولار واحد.. فمن لهؤلاء؟
غزة النازفة صانعة الكرامات والمعجزات، ومحطمة غل الاحتلال وجبروته على أعتابها، تستصرخ المنقذ، وتنادي من يخرجها من ظلامها الحالك. غزة بما قدمته من بطولات تستحق أن تكون تاج أمتنا، ومداد عزتها. ما يقارب من مليوني إنسان بحاجة إلى من يمد لهم يد العون، وأن يهيئ لهم كل أسباب الكرامة، فالضائقة عليهم تزداد، والحصار يشتد، لذا لا بد من دماء العروبة أن تعود لتسري في جسد أمتنا، لإخراج القطاع من ظلماته.

aliqabajah@gmail.com


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 83 / 2473041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010