"عد إلى غزة وليعالجك أهلها وأطباؤها"؛ بهذه الكلمات كان رد ضابط مخابرات في دولة الاحتلال الصهيوني على رفض طفل فلسطيني، من سكان قطاع غزة، خيانة وطنه وأبنائه عبر "التعاون أو التخابر" مع الإسرائيليين المحتلين، فكان الطفل على موعد مع الشهادة في صبيحة يوم 14 كانون الثاني (يناير) الماضي.
أحمد حسن شبير "رفض"، والاحتلال الإسرائيلي "رفض" أيضاً، لكن شتان ما بين الرفضين! فالأول، يدل على إخلاص وانتماء صاحبه وهو طفل لم يكمل بعد 17 ربيعاً، يعاني أوجاعاً وآلاما منذ ولادته، فرفض أن يخون وطنا تربى على عشقه والذود عنه، أو أن يعطي أي معلومة عن أبناء جلدته لمغتصبي أرضه. وقال للمحتلين: "إذا أردتم مساومتي على علاجي، فأنا أفضل الموت في غزة، على أن أبيع نفسي رخيصة لكم، أو أن أضرّ أحداً من أبناء وطني وشعبي".
أما الرفض الثاني، فكان من قساة لا يعرفون من الإنسانية شيئاً سوى اسمها؛ فلا يشفع عندهم مرض طفل أو رجل مسن أو امرأة عجوز، وقد رفض ضابط المخابرات الإسرائيلي السماح للشهيد أحمد بالخروج من غزة للعلاج، إلا بعد "التعاون" الأمني معه.
فإسرائيل بكل ما تمتلكه من قوة ومال وجيش مجهز بأحدث الأسلحة الفتاكة، إضافة إلى أجهزة أمنية واستخبارية، قلّ مثيلها في أعتى دول العالم تقدما وازدهاراً، عجزت عن التأثير على طفل مريض بالقلب، ولم ينفع معه ترغيبها ولا ترهيبها لـ"التخابر والتعاون" معها.
الطفل أحمد، التي تعاني منطقته (غزة) من حصار ظالم غاشم همجي وحشي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة أعوام، فضل الموت وتحمل آلام مرضه قبل ذلك، على أن يخون وطنه أو أن يشي بأي فرد من أفراد بلده.
فالصهاينة الغاصبون الذين لا يراعون إلّاً ولا ذمة بأهل فلسطين، منعوا الشهيد أحمد من الخروج من غزة بقصد العلاج، واشترطوا عليه "التخابر" الأمني معهم، للحصول على تصريح بالخروج من القطاع للعلاج.
الطفل أحمد كان بحاجة إلى عملية جراحية في القلب، يتم من خلالها علاج دقات قلبه المتسارعة وسوائل تجمعت حول قلبه ورئتيه وكبده حتى وصلت إلى قدميه.
نعلم جميعاً أن إسرائيل الحاقدة ترتكب مجازر ليل نهار، وعلى مرأى ومسمع دول العالم أجمع، بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومياهه وشجره وحضارته، إلا أنها وفي هذه الحالة تخلق سلوكا غير إنساني وغير سوي ليكون سابقة على وجه الكرة الأرضية.
فقيام أي دولة غاصبة محتلة لأرض الغير بتجنيد أشخاص، ضعفوا في فترة ما مقابل مال أو نزوة أو منفعة شخصية معينة، يُعتبر بالمقاييس البشرية شيئا عاديا جداً. لكن الشيء الجديد عند هؤلاء الصهاينة، والذي قد يصبح قاعدة عند الدول الظالمة الجائرة، هو ابتزاز مرضى للحصول على علاج أو دواء أو إجراء عملية أقلها تعمل على تخفيف آلامهم وأوجاعهم.
وتقوم إسرائيل باستمرار بابتزاز المرضى من سكان غزة. فخلال العام الماضي فقط، رصدت مراكز حقوق الإنسان وفاة شخصين من المرضى بسبب منع سلطات الصهاينة لهما من الخروج للعلاج، كما تم توثيق انتهاك حقوق 133 مريضا.
ستبقى كلمات الشهيد الطفل كابوسا يزعج الصهاينة ويعطيهم دروساً بالوفاء والإخلاص والانتماء للوطن. ودليل ذلك صدق نبوءة ودموع رئيسة وزرائهم السابقة غولدا مائير عندما قالت وهي تبكي في بداية سبعينيات القرن الماضي عندما رأت أما فلسطينية تحمل جنيناً في أحشائها: "أخشى على إسرائيل مما في بطون الأمهات الفلسطينيات".
أما أنت يا من تلذذت بالاستمتاع بآلام الطفل أحمد أكثر من عشر ساعات ومنعت عنه الدواء عندما عرضت عليه التعاون مع بلدك المحتل، وقلت له "عد إلى غزة وليعالجك أهلها وأطباؤها"، فسيأتي يوم يعلمك أهل فلسطين الأخلاق والإنسانية، وسيقومون بعلاج أبنائك وأحفادك، لأن هذا ما تمليه عليهم تعاليم دينهم وأخلاق وعادات وتقاليد نشأوا وترعرعوا عليها منذ أن كان آباؤك وأجدادك ومن هم على شاكلتهم يسرقون وينهبون ويبتزون.
الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2017
شبير.. طفل فلسطيني فضل الموت على خيانة وطنه
محمود الخطاطبة
الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
14 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن