] وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ... - [طُوفانُ الأَقصى]
الجمعة 1 كانون الأول (ديسمبر) 2017

وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ...

احمد الدبش
الجمعة 1 كانون الأول (ديسمبر) 2017

«وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلاًّ أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هذَا الْيَوْمِ»
سفر يشوع (8: 28)
بعد خرافة هدم يشوع بن نون لأسوار «أريحا» [ يُراجع مقالنا: هل اسقطت الابواق أسوار أريحا؟!]، حاصر يشوع مدينة «عاي»، والتي يعني اسمها «مدينة الخراب» [كما ورد في قاموس الكتاب المقدس]. «وَأَرْسَلَ يَشُوعُ رِجَالاً مِنْ أَرِيحَا إِلَى عَايَ الَّتِي عِنْدَ بَيْتِ آوِنَ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلَ، وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «اصْعَدُوا تَجَسَّسُوا الأَرْضَ». فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَتَجَسَّسُوا عَايَ. ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى يَشُوعَ وَقَالُوا لَهُ: «لاَ يَصْعَدْ كُلُّ الشَّعْبِ، بَلْ يَصْعَدْ نَحْوُ أَلْفَيْ رَجُل أَوْ ثَلاَثَةُ آلاَفِ رَجُل وَيَضْرِبُوا عَايَ. لاَ تُكَلِّفْ كُلَّ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ لأَنَّهُمْ قَلِيلُونَ». فَصَعِدَ مِنَ الشَّعْبِ إِلَى هُنَاكَ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُل، وَهَرَبُوا أَمَامَ أَهْلِ عَايَ. فَضَرَبَ مِنْهُمْ أَهْلُ عَايَ نَحْوَ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ رَجُلاً، وَلَحِقُوهُمْ مِنْ أَمَامِ الْبَابِ إِلَى شَبَارِيمَ وَضَرَبُوهُمْ فِي الْمُنْحَدَرِ. فَذَابَ قَلْبُ الشَّعْبِ وَصَارَ مِثْلَ الْمَاءِ» ــ سفر يشوع (7: 2 ــ 5). بعد ان تكبد يشوع هذه الخسائر في جيشه، أجرى يشوع تحقيقاً لمعرفة من الخائن فاعترف رجل يدعى «عَخَانُ» بالجرم. فأقام يشوع عليه الحد المعتاد بالرجم بالحجارة ثم دفنه تحت كومة من الحجارة. ومن ثم حقق هذا الإعدام التطهير اللازم وأعيدت خطط الهجوم على «عاي» وفقاً لأوامر رب «إسرائيل».
هذه المرة كانت في جعبة يشوع خدعة جديدة للحرب، فقد قسم جيشه إلى ثلاث فرق، فرقة صغيرة من الجنود بقيادة يشوع، مهمتها استدراج جيش الأعداء «عاي»، خارج أسوار المدينة، ومهمة الفرقة الثانية أنه حين تفرغ «عاي» من جيشها، يعطي يشوع علامة لهذه الفرقة، فتقتحم «عاي» وتشعل بها النيران وتكون النيران علامة ليشوع ورجاله فيستديروا لضرب جيش «عاي» الذي انهار نفسيًا حينما شاهد حريق «عاي». أما الفرقة الثالثة فمهمتها حماية الجيش من أي هجوم محتمل! نجحت الخطة نجاحاً باهراً وسقطت «عاي» ودمرت تدميراً كاملاً وذبح أهلها عن بكرة أبيهم!
حاول كل من فنكلشتاين وسلبرمان، التأكيد على صحة جغرافية سفر يشوع، فصدما في نهاية الأمر، بعدم وجود دليل أثري على هذه القصص، يقولان في كتابهما«التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها»: «وُجدَ تناقض مُماثل آخر، بين علم الآثار والكتاب المُقدس العبْريّ، في موقع «عاي» القديمة، حيث نفَّذ يشوع كمينة الذّكي، طبقاً لرواية الكتاب المُقدس. لقد طابق العُلماء هضبة «خربة التَّلِّ» الكبيرة الحاليَّة، التي تقع في الحافَّة الشرقية للمنطقة الشمالية الشرقية لهضبة أُروشليم (القُدس)، على الموقع القديم لمدينة «عاي»، وذلك لكون الموقع الجغرافي لذلك التَّلِّ، إلى الشّرق مُباشرة من مدينة «بيت إيل»، يتطابق ــ بشكل كبير ــ مع وَصفْ الكتاب المُقدس لمدينة «عاي». الاسم العَرَبي المُعاصر لهذا الموقع هو «التَّلِّ» والذي يعني «البقايا»، أو «الخرائب»، وهو معنى يتَّفق ـ بنحو ما ــ مع الاسم العبْري «عاي» المذكور في الكتاب المُقدَّس، خاصة أنه لا يُوجد أي موقع بديل يعود للعصر البرونزي المُتأخِّر، على أي موقع قريب من تلك المنطقة. لكن وكما حدث مع «أريحا» تظهر المعلومات الأثرية صورة مختلفة لمدينة «عاي». فهذه المدينة والتي كانت محصنة وعامرة، دمرت حوالي عام 2400 قبل الميلاد. وظلت غير مسكونة حتى القرن الثاني عشر قبل الميلاد». ويضيفا: «بين عامي 1933 و1935، قام عالم الآثار الفلسطيني اليهودي الذي تدرَّب في فرنسا، جُوديث ماركت كروز (Judith Marquet Krause)، بتنفيذ أعمال تنقيب واسعة النّطاق «التَّلِّ»، وَوَجَدَ بقايا كثيرة جداً لمدينة قديمة وضخمة من العصر البرونزي المُبكر، أرَّخ تاريخها بنحو ألف سنة قبل انهيار كَنْعَان في العصر البرونزي المُتأخِّر. لم يتم اكتشاف حتَّى شقفة فخَّاريَّة واحدة، أو أي إشارة أُخرى تدل على وُجود استيطان هناك في العصر البرونزي المُتأخر».
وهكذا، فقد جاءت نتائج البعثتان متطابقة، وهو أنه لم تكن توجد مدينة وقت الغزو المُفترض من قبل «بني إسرائيل»، ولم يكن هناك ملك لـ «عاي» فقد كانت هناك أطلال تعود إلى سنة 1200 ق.م.
وأنتجت التّنقيبات المُجدَّدة، التي أُعيد إجراؤها في الموقع في الستينات، الصورة نفسها، فقد كتب أحد العلماء الذين نقبوا هناك، وهو جيمس بريتشاد (James Pritchard) من جامعة برنستون Princeton، في عام 1965، أنه ليس هناك شك بناء على أفضل ما يتوافر من شواهد في أنه لم تكن هناك مدينة معاصرة ليشوع.
بذلك فإنه من المؤكد ألا يكون هناك أساس تاريخي لقصة الهجوم على «عاي».


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 39 / 2473041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010