بعد مرور عامين على حرب غزة وتركيز عناية المتابعين على بطولات المقاومة الفلسطينية وأهالي القطاع في ردّ العدوان «الإسرائيلي»، من الضروري بمكان إبراز حجم الكارثة التي خلّفها العدوان والتي من جملتها استشهاد 2147 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين، حسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان بينهم 510 أطفال و 302 امرأة و 64 لم يتمّ التعرّف على جثثهم لما أصابها من حرق وتشويه وجرح 8710 من مواطني القطاع، كما قتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أونروا و 23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و 16 صحافياً، إضافة الى الدمار والأضرار التي وقعت على 171 ألف وحدة سكنية تقول مصادر الأمم المتحدة إنّ حجم الكارثة التي خلفتها الحرب أدّت إلى تدمير 20 ألف منزل وإلى تضرّر 120 ألف منزل جزئياً إضافة إلى أن قطاع البنى التحتية يحتاج إلى 88 مليون دولار لتسوية أضراره و 266 مليوناً للقطاع الزراعي وتمّ إحصاء 5153 من المنشآت الاقتصادية المتضرّرة، وهو ما يحتاج الى 152 مليون دولار لإعادة الحياة إليه، كما دمّر القصف «الإسرائيلي» 62 مسجداً بالكامل و 109 مساجد جزئياً وكنيسة واحدة جزئياً و 10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، فيما يستمرّ الحصار «الإسرائيلي» على القطاع منذ عشر سنوات لا تزال مناطق في غزة معزولة ويعاني اقتصادها من الركود الخلاف الفلسطيني الفلسطيني. وهو أحد العوائق الأساسية امام بناء ما هدمته الحرب .
ـ نقص الموارد المالية التي تعهّدت بها الأطراف: التراجع عن الوعود التي أطلقها المانحون، إذ تعهّدت الدول المانحة بتقديم أكثر من 3,5 مليار دولار، ولكن وفقاً لتقرير البنك الدولي لم يتمّ تقديم سوى 35 من الأموال الموعودة.
ـ إعاقة اعتبار السلطة الفلسطينية مرجعاً لعمليات إصلاح الأضرار، وفي الوقت نفسه تراجع الثقة بالأمم المتحدة ومنظماتها، خصوصاً «أونروا»، فضلاً عن الثغرات في خطط البناء الموضوعة.
ـ نمو سوق سوداء لتجارة مواد البناء مع وجود طلبات مقدّمة من أكثر من 50 ألف شخص لإعادة بناء منازلهم.
في هذا الوقت تواصل «إسرائيل» كسب الوقت لإنجاز مشروعها الخاص بمواجهة الأنفاق، حيث خصّصت نصف مليار دولار من أصل 2,2 مليار لإنجاز المشروع الذي يشمل عناصر تكنولوجية عدة، لكشف الأنفاق وإقامة جدار ذكي على طول الحدود مع قطاع غزة ومنظومة إنذار مبكر لقذائف الهاون والصواريخ ــــ المزاعم «الإسرائيلية» حول أنّ حماس قد تستعمل المواد ذات الاستخدام المزدوج الإسمنت ؟ لأغراض عسكرية كبناء الأنفاق.
الفلسطينيون في غزة ملّوا الانتظار الطويل والوعود العرقوبية، وهم يرون مجدّداً أنّ «إسرائيل» تواصل حربها الجوية ضدّ القطاع وتحسّن وسائلها القتالية استعداداً لجولات جديدة. والحرب «الإسرائيلية» السابقة على غزة صيف 2014 والتي استمرّت 51 يوماً هي في الواقع تستمرّ الى اليوم عبر وضع القطاع على منظار التصويب «الإسرائيلي» وتحويل سكانه نزلاء في الكرفانات .
مصادر السلطة الفلسطينية تشير الى انّ ما تمّ دفعه من تعهّدات المانحين تجاه عملية الإعمار بلغ 1,409 مليون دولار بنسبة 40 من مجمل التعهّدات وتبقى 3,507 ملايين دولار.
الحرب «الإسرائيلية» المستمرة على غزة سوف لا تنتهي، وكذلك الممارسات «الإسرائيلية» الهمجية ضدّ مختلف المناطق الفلسطينية، خصوصاً الضفة الغربية، والمترافقة مع حملات استيطانية، والفتاوى العنصرية للحاخامات، وهو ما يعني انّ «إسرائيل» ماضية في خططها لتهويد القدس وإحكام احتلال غزة من الخارج ومشروعها الاساس المتمثل بيهودية الكيان.
كلّ ذلك يجري والعرب في وادٍ آخر كلّ يعيش هواجسه ويقيم على محاور حروبه الداخلية الصغيرة. يبقى الرهان على الحجر والشبرية الفلسطينية وعلى قوة حضور الحلم الفلسطيني في الوجدان العربي والإسلامي… هل تذكرون فلسطين؟