حين يعرف الفرد أو حتى الدولة الثمن الذي سوف يدفعه مقابل ما يقترف من جرائم أو أخطاء فمن السهل عليه أن يتهيأ ويتأقلم مع الدية المطلوبة منه. وإصرار نتنياهو على مواصلة الاستيطان متجاوزاً القوانين والأعراف، وحتى قرار مجلس الأمن له دلالة واحدة هي إدراكه بأن أقصى عقاب ينتظره هو العتاب الأمريكي؛ بحيث تتكرر العبارة التقليدية ذاتها وهي أن الاستيطان يعوق عملية السلام.
وهذه العبارة الناعمة قد لا تبلغ تحذير الطبيب للمريض بأن يُقلع عن التدخين أو يخفف منه من أجل صحته!
إن المسافة بين العتاب والعقاب هي ذاتها المسافة بين القانون الصارم والمجاملة الدبلوماسية. فإذا كان الثمن المطلوب دفعه مقابل كل استيطان جديد هو قليل من العتاب، فهذا أمر مقدور عليه، ولا يتردد في دفعه من يحقق مقابله مكاسب كالتي تحققها الدولة العبرية من الاستيطان.
فهي قضمت من مساحة فلسطين حتى الآن خمسة وثمانين في المئة، ولا يلوح في الأفق ما ينذرها بالتوقف، فهل يمكن للعتاب الأمريكي الدافئ أن يتحول إلى عقاب دولي ل«تل أبيب»؟ أم أنها تردد قول شاعرنا العربي أبشر بطول سلامة يا نتنياهو وليس مَرْبعاً هذه المرة!
وحين يتحدث العالم عن «حل الدولتين» فهو ينسى أو يتناسى أن الدولة الثانية وهي الفلسطينية ستصبح مجرد تضاريس من ورق، خصوصاً إذا تمادى الاستيطان، وبلغت متواليته نهاياتها المرسومة!
ويبدو أن المستحيل الرابع الذي يجب علينا إضافته إلى المستحيلات الثلاثة هو تحوّل العتاب الأمريكي ل«تل أبيب» إلى عقاب، فهي الحليف المدلل والمقدس الذي يحق له ما لا يحق لسواه تبعاً لتعاليم الاستراتيجية الأمريكية العابرة للأحزاب والرؤساء معاً!
والسؤال هو كم تبقى من الأرض الفلسطينية كي يكون للدولة الموعودة معنى؟ فلا دولة بلا أرض لأن الأرض هي الأقنوم الأول لكل كيان جدير باسم الدولة!
وما لم تتحول القُبلة الأمريكية على خد «تل أبيب» إلى عضة، فإن الاستيطان لن يتوقف!
الثلاثاء 4 نيسان (أبريل) 2017
الاستيطان بين العتاب والعقاب
خيري منصور
الثلاثاء 4 نيسان (أبريل) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
23 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
21 من الزوار الآن