لا يخفى على المتابعين للشأن الاميركي ان قرار دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الاميركية بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة هو قرار خاص بوعوده الانتخابية وبسبب تدني شعبيته وتعرضه لاتهامات ناتجه عن التحقيقيات الجارية في مزاعم بتواطؤ مع روسيا خلال حملته الانتخابية العام الماضي، الا ان السؤال المنطقي ما علاقة تنفيذ وعده بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة وصعود شعبيته بالنسبة للناخب الاميركي والمعروف عن هذا الناخب ان ما يهمه في المقام الاول هو تسيير حياته المعيشية والتي لها تأثير مباشر من توفير العلاج والتأمين الصحي والضرائب وفرص العمل… وما الى اخره من امور بعيدة تماما عن السياسة الخارجية التي تكاد تكون ثقافتهم عنها تصل إلى حد الجهل. الا ان تحسس الاجابة يكمن في النظر للسياسة الاميركية في ظل اي رئيس جمهوري، لنلمح ان الخلفية الدينية هي دائما شعار المرحلة خلال فترة حكمه، ولنتذكر تصريح بوش الابن في حربه على العراق حين قال (ان احتلال العراق ما هو إلا حرب صليبية).
بالإضافة إلى ذلك ان الرئيس الجمهوري غالبا مايأتي من الطائفة الانجيلية وهذه الطائفة تبلغ من التطرف ابعد مدى ضد المسلمين حيث حولت اليهود من كونهم شعب قاتل للمسيح، ورافض لقبول فكرته ـ من وجهة النظر المسيحية ـ إلى أمة مختارة، فصار ما يؤمنون به ((بأنه لا عودة للمسيح ولا خلاص للنصارى بغير عودة اليهود إلى أرض صهيون، ودعمهم وبناء هيكلهم المقدس)). والأكثر من هذا ان الإنجيليين الأميركيين بتضامنهم القوي مع المحافظين في الكيان الصهيوني يشعرون بوجود رابطة راسخة في الإنجيل تربطهم بكيان الاحتلال الإسرائيلي وهذه الطائفة لها تأثير كبير على الناخب الاميركي وكانت احدى مطالبها اثناء الحملة الانتخابية لترامب هي نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس لما تحمله المدينة من مقدسات دينية، ويؤكد هذا المطلب القس روبرت جيفريس بالكنيسة المعمدانية الأولى في دالاس وهو المستشار الإنجيلي لترامب الذي قال (المجتمع الديني يتحدث مع الإدارة منذ شهور وشهور عن ضرورة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل). فقد كان هذا وعدا انتخابيا. ومن شاهد مؤخرا الاحتفال اليهودي بعيد الحانوكا في البيت الأبيض ووجود الحاخامات المحيطين بترامب يتعرف على الأبعاد الدينية في شخصية ترامب، الذي يقول عنه حاخامات اليهود (أن الله يديره وأنه قورش الكبير ملك فارس الذي سمح لليهود قبل نحو أربعة آلاف عام بإعادة بناء هيكل سليمان للمرة الثانية). ومن اجل ذلك ولترسيخ هذا الوضع وجعله امر واقع كان البيت الأبيض قد أعلن عن زيارة رسمية لنائب الرئيس الاميركي مايك بنس لحائط البراق لتأكيد وقوعه في اراض اسرائيلية، وذلك خلال زيارته للمنطقة والتي أعلن خلالها كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الاقباط تواضروس رفضهم لقاء بنس وذلك قبل ان يتم الاعلان عن الغاء الزيارة. وما اعقب ذلك من استخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لتعطيل مشروع قرار كانت قدمته مصر ردا على قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ودعمت 14 دولة مسودة القرار التي دعت إلى الامتناع عن نقل البعثات الدبلوماسية إلى القدس. ووصفت مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هايلي هذا التصويت بأنه (إهانة لن تُنسى). وأضافت “أن هذا الأمر يعد مثالاً آخر على أن الأمم المتحدة تضر أكثر مما تنفع في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”. ـ حسب قولهاـ ووفقا لتلك المشاهد يتضح ان المرجعية الدينية المتطرفة هي التي تحكم الأمور سواء مع الادارة الاميركية او الكيان الصهيوني القائم على اعتقاد ديني متطرف ينفى حق الآخر في الوجود، ثم يوجهون سهامهم الى المسلمين بأنهم هم المتطرفون وان ايدلوجيتهم الدينية هي الارضية الخصبة للارهاب العالمي، رغم ان الاسلاميين مثل حماس يدافعون عن ارضهم المغتصبة والمحتلة من الكيان الصهيوني، ومن يقرأ التاريخ ويراجع فصوله جيدا سيعلم اي افتراء يفترون واي كذبة هم ينشرون.
الجمعة 22 كانون الأول (ديسمبر) 2017
أبعاد انتخابية لقرار ترامب
جودة مرسي
الجمعة 22 كانون الأول (ديسمبر) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
26 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
25 من الزوار الآن