استغرق اجتماع المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات وهو محام يهودي صديق مقرب من الرئيس ترامب مع رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو قرابة خمس ساعات، في إشارة إلى صعوبة المهمة التي كلف بها وهو الحديث العهد بالسياسة، فهو قادم من الوسط العقاري، حيث عمل لدى ترامب، لكنه يحظى بثقته، وهو يهودي أصولي يرتدي غالباً القبعة اليهودية، ويعرف عن كثب الصراع بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، حيث درس في مدرسة دينية يهودية في مستوطنة بالضفة الغربية، وقام بواجب الحراسة فيها. لكن رغم ذلك يرى فيه اليمين «الإسرائيلي» خطراً لأنه يؤمن بحل الدولتين، وهو واحد من 11 يهودياً في البيت الأبيض. لكن حكومة نتنياهو لا تنظر إليهم بثقة، بل بشك، خاصة الثلاثي: وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيليرسون وكبير مستشاري الأمن القومي هربرت ماكماستر. فوزير الدفاع مهتم أكثر بمكافحة الإرهاب في المنطقة لأنه يشكل خطراً على الولايات المتحدة، ووزير الخارجية هو الآخر يتبنى هذا الرأي، لكنه يناصب إيران العداء ويتهمها بدعم الإرهاب ويعادي جماعة الإخوان المسلمين أيضاً ويؤيد حل الدولتين. أما ماكماستر فهو عسكري ويتبنى أيضاً نظرية مكافحة الإرهاب. ويرى هؤلاء أن الأولوية هي للمصالح الأمريكية وضرورة إعادة ترميم العلاقات مع الحلفاء في المنطقة كالدول الخليجية وتركيا.
وقد تولد هذا الانطباع لدى «الإسرائيليين» بعد زيارة نتنياهو لواشنطن حيث قلل الرئيس الأمريكي من الخطر الإيراني رغم طلب نتنياهو واعتبر أن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب، وفهم نتنياهو أن الشعارات الانتخابية لترامب تبخرت وأن على «إسرائيل» أن تبتعد عن السياسة الأمريكية في المنطقة لأن مصالح أمريكا لها الأولوية. ففي لقائه المغلق مع المبعوث الأمريكي واستمر ساعة ونصف الساعة كان غرينبلات يستمع إلى الرئيس الفلسطيني، أي كانت جلسة استماع للوضع الفلسطيني والمطالب التي لم يف بها نتنياهو، ولم يبد أية ملاحظة استفزازية لأنه يريد استكشاف المواقف، لكن كما يبدو فإن اللقاء مع نتنياهو كان لقاء مناقشة فالأمريكيون يعرفون أن الكرة في الملعب «الإسرائيلي»، وليس الفلسطيني لأن الموقف الفلسطيني واضح من دون مواربة خاصة في مجال الاستيطان، حيث يطالب الفلسطينيون بوقفه. ويبدو أن النقاش بين نتنياهو وغرينبلات انصب حول الاستيطان، حيث يرى الأمريكيون أن التفاهمات التي كانت بين الرئيس جورج بوش الابن وأرييل شارون هي الأساس، أي أن يستمر البناء الاستيطاني داخل المستوطنات الحالية لسد النقص بسبب التكاثر السكاني الطبيعي، وهو ما يرفضه نتنياهو (التكاثر الطبيعي غير ملموس عملياً لأن الإحصاءات تفيد بأن عدد المستوطنين لم يزد سوى 16 ألفا خلال العام الماضي وكلهم من خارجها) الذي يقترح بدلاً من ذلك استمرار البناء في المجال الحيوي للمستوطنات أي توسيع البناء خارج المستوطنات. فالهدف «الإسرائيلي» هو فرض وقائع بالبناء ومصادرة الأرض حتى لو ظلت الشقق فارغة وهذا ما ترفضه الإدارة الأمريكية. ويريد نتنياهو ووزير حربه افيغدور ليبرمان بدلا من ذلك تكثيف الاستيطان في التجمعات الاستيطانية الكبيرة التي يريدون ضمها إلى «إسرائيل» في إطار أي حل نهائي، لكن هذا التكثيف سيسمح لهم بربط كتلة معاليه أدوميم بالقدس، ما يعني قطع التواصل الجغرافي بين شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية ويحول دون قيام دولة فلسطينية مترابطة. فالجهد الأمريكي يبدو منصباً على تمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات وعقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» برعاية الرئيس ترامب. أما ما يشاع عن مؤتمر إقليمي يحضره ترامب فما زال الحديث عنه مبكراً. وحتى الآن لم يبلور الأمريكيون الخطوة التالية بانتظار الموقف «الإسرائيلي» من الاستيطان حيث عاد نتنياهو لتبرير موقفه بالخوف من انهيار ائتلافه الحكومي في حالة تجميده أو تقليصه للاستيطان وقد تكون هذه الحجة نفعته أمام الرئيس أوباما، لكنها لن تخدمه أمام الإدارة الجديدة التي بدأ الإعلام «الإسرائيلي» في توجيه النقد لها ووصف ترامب بأنه مزاجي ينظر للشرق الأوسط كصفقة عقارية الخ. بل إن بعض التسريبات ذكرت أن نتنياهو بعد عودته من واشنطن انتقد في مجلسه الوزاري الرئيس الأمريكي وأنه بدل مواقفه ولن ينقل السفارة إلى القدس !. وربما لهذا السبب قفز نتنياهو نحو موسكو للتقليل من أضرار الوجود الإيراني في سوريا والبحث عن حليف مساعد بدلا من الاعتماد على الحليف الأمريكي فقط. لكن الرد الروسي كما تقول بعض المعلومات إن روسيا غير معنية إلا بالشراكة مع واشنطن في الحرب ضد الإرهاب، أما ما تطرحه «إسرائيل» عن الخطر الإيراني فهو خيال لأن إيران لم تأت إلى سوريا لمحاربة «إسرائيل».
الجمعة 17 آذار (مارس) 2017
المبعوث الأمريكي يصطدم بالاستيطان
حافظ برغوتي
الجمعة 17 آذار (مارس) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
20 /
2484496
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
36 من الزوار الآن