يمكننا الزعم بأن «إسرائيل» هي الكيان الوحيد عبر العصور الذي أوجد كينونته بشكل قهري، وعبر حشد أناس يحملون عشرات القوميات والأعراق ليشكلوا بمجموعهم «دولة»، لا يربط بين أفرادها أي شيء، فمعظم من يتم استقدامهم قد يعتنقون اليهودية إلا أنهم في حقيقتهم علمانيون، تجمعهم المصلحة، ويبحثون عن الفرص المثلى لحياة كريمة، وليس عندهم أدنى مستوى من التضحية أو حتى التكافل لصالح كل المجتمع، فهم يعلمون أنهم طارئون، ولا ينتمون إلى المكان أو المجتمع الذي يعيشون فيه، وهذا ما تؤكده الحروب التي خاضها الكيان مع خصومه، حيث إن نسبة الهجرة المعاكسة تزداد، ويبدأ السكان الذين يعيشون على خط المواجهة بالرحيل إما لبلدانهم الأصلية أو إلى أماكن بعيدة جداً ولا يعودون أبداً إلى مساكنهم القديمة وحتى بعد انتهاء الأزمة، وهذا دليل مهم على أنهم مجموعة من شذاذ الآفاق لا تعنيهم أرض ولا مجتمع ولا ديانة.
المجتمع «الإسرائيلي» مفكك ولا توجد عناصر تربطه ببعضه بعضاً، وليس هناك جذور تاريخية لهم ضاربة بالأرض، ولذا فإن كياناً كهذا مبشر بالزوال ولا يمكن أن يستمر طويلاً، فعناصر بقائه معدومة، حتى وإن امتلك بعض الحياة بفعل القبضة الأمنية وقوة اقتصادية عززها الغرب بدعمه اللامحدود، في حين أن مواجهة عسكرية حقيقية مع الكيان، بأسلحة تقليدية وبعزيمة قوية قد تنفيه عن الوجود ليس قتلاً وإنما رعباً، وهناك أمثلة لذلك، ففي الحرب الأخيرة مع غزة في صيف 2014، هجر آلاف من مستوطني الجنوب مستوطناتهم، وأصبحت خالية تسكنها الأشباح، بفعل بعض صواريخ بدائية أطلقتها المقاومة من القطاع، في حين وصلت الهجرة المعاكسة إلى أرقام فلكية، ولم يكن لها سابق، بينما تعهد الكثير من السكان بعدم العودة أبداً إلى منطقة الصراع، وفي حرب لبنان عام 2006 أيضاً هجر مستوطنو الشمال نحو الجنوب، وعاش الكيان في أحلك حالاته رغم عدم فعالية الصواريخ المادية.
لسان حال «الإسرائيليين» يقول إننا لسنا أصحاب هذه الأرض وجئنا للحياة والأمن، فإذا انعدم ذلك، فإننا سنعود الى بلداننا الأصلية. والأمر الآخر الذي يظهر تفكك المجتمع هو زيادة منسوب العنصرية داخله، ووجود الطبقات، ف«الإسرائيلي» الذي جاء من أوروبا يتميز عن الروسي، والروس عن «إسرائيليي» شرق أوروبا، في حين أن يهود إفريقيا حقوقهم مهدورة جداً، ولا يحصلون على أدنى مقومات الحياة، كما حرموا من الدراسة في مدارس غالبيتها بيض.
ما جعلنا نستذكر هذا التفكك الذي يحيط بمجتمع الكيان الخاوي هو عملية نشأت ملحم منفذ عملية «تل أبيب» قبل نحو أسبوع الذي قتل فيها مستوطنين اثنين وأصاب سبعة آخرين، ثم انسحب دون أن ينال منه الاحتلال، وهو ما أثار رعب سكان المدينة المحتلة، وتعطلت المدارس، والحياة العامة. فإذا كانت عملية كهذه توقف الحياة لعاصمة الكيان الاقتصادية، وتدفعه للرعب والانتفاض، فهو بالتأكيد دولة خاوية لا تملك مقومات بقائها، وهي زائلة لا مناص، ولن يطول الزمن على ذلك..
الجمعة 8 كانون الثاني (يناير) 2016
مجتمع مفكك وزائل
بقلم: علي قباجة
الجمعة 8 كانون الثاني (يناير) 2016
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
59 /
2484496
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
35 من الزوار الآن