التوقيع بين الجانبين التركي و"الإسرائيلي" على عودة العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه قبل حادثة الاعتداء على سفينة مرمرة في العام 2010، ليس بالأمر الهام على الإطلاق،
لأن العلاقات التي توقف بين الطرفين توقفت في الواقع عند حدود قطع العلاقات الدبلوماسية فقط، فيما بقيت العلاقات العسكرية والتعاون الاستخباري والتبادل التجاري على حاله، ولم يتأثروا بقطع العلاقات الدبلوماسية.
لكن المهم من ذلك هو الكيفية التي تدحرجت فيها المطالب التركية نزولاً نحو الانخفاض الواحد تلو الآخر، حيث مثّل فك الحصار عن قطاع غزة أعلى الشجرة التي وقفت عليها القيادة التركية، لتجد نفسها مع الوقت، وأمام التعنت "الإسرائيلي" أولاً، ووطأة ما راكمته وتعانيه من مشاكل على الصعيدين الداخلي والخارجي ثانياً، وبسبب تبنيها سياسات عدائية، وتحديداً ضد سورية، من خلال رعايتها للمجموعات الإرهابية ثالثاً، وجدت نفسها مرغمة على النزول من أعلى شجرة تلك المطالب، فمن الرفع الكلي للحصار، إلى التخفيف منه، لتصل في نهاية المطاف إلى تقديم التسهيلات لأهل قطاع غزة، الأمر الذي وجدت فيه "إسرائيل" إمكانية للموافقة عليه، خصوصاً أن كل شيء يتم بعلمها ويمرّ من خلالها حصراً.
الأهم من ذلك ما يتصل بحركة "حماس"، التي اطلعت على تفاصيل الاتفاق التركي - "الإسرائيلي"، وهذا ما أكده القيادي في "حماس" د. أحمد يوسف؛ أن القيادة التركية أطلعت قيادة "الحركة" على تفاصيل الاتفاق، أولاً في طريقة التأقلم مع الاتفاق، وثانياً في كيفية تسويق الخطوة التركية أمام جمهورها، خصوصاً أن فك الحصار بات من خارج الشرط التركي للاتفاق مع "الإسرائيليين"، وهذا ما عبّر عنه بوضوح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في معرض سؤاله عن عقبة "حماس" وفك الحصار عن غزة أمام عودة العلاقات مع "إسرائيل"، مجيباً بأن "حماس يجب ألاّ تكون عقبة أمام التوقيع على الاتفاق مع إسرائيل"!