] التشيك ونقل السفارة إلى القدس - [طُوفانُ الأَقصى]
السبت 21 أيار (مايو) 2016

التشيك ونقل السفارة إلى القدس

يونس السيد
السبت 21 أيار (مايو) 2016

عندما ظهر «ربيع براغ» في أوائل عام 1968، بقيادة الإصلاحي دوبتشيك، ظن الجميع أن أولى سكاكين الغرب قد غرست في خاصرة الاتحاد السوفييتي، لكن رد موسكو لم يتأخر حينها، إذ سرعان ما اجتاحت قواتها براغ لتعيدها إلى أحضان الجدار الحديدي، وإن كان الجرح قد ظل ملتهباً، وظلت تفاعلاته كامنة حتى انهيار الاتحاد السوفييتي، ليثمر ذلك الربيع انفصالاً للتشيك عن سلوفاكيا، وانتقالهما معاً إلى أحضان الغرب.
نسوق هذه المقدمة للتدليل على مدى التغيير الذي شهدته براغ بعد أن تحولت من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية إلى مرتع للحركة الصهيونية، وأصبحت تسابق شقيقتها «تل أبيب» في تقديم خدماتها لعتاة التطرف في الكيان الصهيوني. يومها لم يكن «الربيع العربي»، الذي يقال إنه اشتق اسمه من «ربيعها» قد حل موسمه بعد، وها هي الآن تستفيد من انشغال «الربيع العربي» بنفسه؛ لتلعب على المكشوف وتبدأ إجراءاتها العملية لنقل سفارتها من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة للكيان، في خطوة لم تقم بها واشنطن حتى الآن، دون أن يرف لها جفن حول مناقضة خطوتها للقوانين الدولية.
تلعب التشيك دور العرّاب في ترجمة توجه الرئيس التشيكي زيمان، الذي عبر عنه قبل نحو أربع سنوات بأنه سينقل سفارة بلاده من «تل أبيب» إلى القدس، وقد تمت الاستجابة بالفعل لهذا التوجه بتغيير تشيكيا مناهجها التعليمية، ووضع غزة عاصمة لدولة فلسطين والقدس عاصمة للكيان. وبدورها تقوم بلدية براغ بدور المقاول في ترتيب إقامة مهرجان ثقافي مشبوه تحت عنوان «أيام القدس» تشرف عليه وزارة الثقافة التشيكية بالتعاون مع سفارة الكيان وبلدية الاحتلال في القدس، وبعض الشركات المحلية الصهيونية، وشكلت لهذه الغاية لجان عمل تطوعية من صهاينة وتشيكيين موالين للكيان.
بطبيعة الحال، ليست المرة الأولى التي تسعى فيها حكومة التشيك إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني في الساحة الأوروبية، فقد سبق لهذه الحكومة أن صوتت في مجلس الأمن ضد نيل فلسطين عضوية الأمم المتحدة، كما رفض برلمانها الالتزام بقرار الاتحاد الأوروبي ب «تمييز» بضائع المستوطنات، ولم يفوت أي فرصة في إظهار دعمه للكيان. يبقى أن نشير إلى أن الانشغال الفلسطيني والعربي بقضاياه الداخلية، مهما كانت تعقيدات هذه القضايا وخطورتها لا يعني عدم التعامل الجدي مع هذا التحدي، لوقف هذا التدهور الكبير الذي يفتح الطريق أمام نقل سفارات الكثير من الدول إلى القدس، ويمهد للاعتراف بها عاصمة للكيان.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2473041

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010