بلغت معركة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام مرحلة الحسم بعد الصمود عشرين يوماً، وهي مرشحة لتزداد ضراوة في وجه قمع الاحتلال الصهيوني وتخطيطه للجوء إلى أسلوب التغذية القسرية، بعد أن بدأت تتحقق بعض النتائج السياسية في الداخل الفلسطيني، وبدأ الضمير الدولي ينتبه إلى فدح هذه الجريمة وما يمكن أن تخلقه من تبعات.
عندما بدأت هذه المواجهة استخفت سلطات الاحتلال بصبر هؤلاء الأسرى، واتخذت إجراءات تعسفية تم بمقتضاها وضع بعض القياديين في زنزانات انفرادية، وحظرت عليهم زيارات الأهل والمحامين، ولكن النتيجة كانت عكسية تماماً، فلم تزد تلك الإجراءات المضربين عن الطعام إلا رغبة في كسر هذه الغطرسة واستنصار المتعاطفين الفلسطينيين وكل أصحاب الضمائر الحرة في كل مكان. وفي حين استجاب الشارع الفلسطيني بمسيرات الغضب في مختلف المناطق، استشعرت المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان المعاناة، وتحركت الجامعة العربية، ونفذت اعتصاماً تضامنياً رمزياً أمام مقرها بالقاهرة، كما بدأت أنباء وقفات التضامن والاحتجاج تتوالى من مختلف مناطق العالم، لا سيما في أوروبا التي تشهد منابرها السياسية والإعلامية عودة قوية للقضية الفلسطينية، بعد تغييب قسري استمر لسنوات طويلة. وإذا كان من فضلٍ في هذا الإنجاز، فهو يعود إلى الأسرى الذين نذروا أرواحهم في هذه المعركة، وليس في وارد مقاومتهم الانكسار، بعد هذه الرحلة الطويلة التي انطلقت من أجل إحياء القضية، وليس حباً في الموت و«الانتحار»، كما تحاول بعض الدعايات الصهيونية أن تصور المواجهة الدائرة خلف القضبان.
بعد 20 يوماً بدأت سلطات الاحتلال تستوعب عمق المأزق، مما جعلها أمام خيارين؛ كلاهما هزيمة، فإما الرضوخ والاستجابة للمطالب المشروعة، وإما أن تلجأ إلى آخر الأسلحة لوأد الحركة الاحتجاجية الأسيرة عن طريق التغذية القسرية للمعتقلين، وهو ما سيفضي إلى سقوط ضحايا وانتهاك جسيم لحقوق الإنسان. وقد حذَّرت وزارة الصحة الفلسطينية من لجوء السجون الصهيونية إلى تغذية الأسرى عنوةً، مما سيفاقم الوضع الصحي للكثيرين منهم، لا سيما أن الاحتلال قد جرَّب هذا الأسلوب اللإنساني في ثمانينيات القرن الماضي، فاستشهد ثلاثة معتقلين. وسعياً إلى قطع يد الاحتلال حتى لا يفاقم جريمته، ناشد الفلسطينيون المنظمات الدولية لسرعة التدخل للحيلولة دون تطبيق التغذية القسرية على الأسرى.
هذه المقاومة الأسيرة استطاعت في ثلاثة أسابيع أن توحد نسبياً الصف الفلسطيني، إذ اجتمعت كل الفصائل، كبيرها وصغيرها، على التضامن مع المضربين عن الطعام. وفي الواقع، فقد أدى الأسرى دورهم وزيادة، أما بقية المعركة فيجب أن يستكملها الشارع الفلسطيني بحركاته السياسية والاجتماعية، ومؤسساته الرسمية والشعبية، ويجب على الاحتلال أن يشعر بخطر تفجر الوضع، والوصول إلى هذه النتيجة هو الذي سينصر الأسرى ويخفف عنهم المعاناة الإنسانية المؤلمة، ويختصر مسيرتها، فلدى أولئك الأبطال كل دقيقة بثمن، فهم يدفعون من دمائهم ولحومهم وأعمارهم من أجل أن تعود القضية الفلسطينية على كل لسان وكل منبر، ولذلك يتم الرهان على هذه المعركة التي يخوضها الأسرى. ولأنها مفصلية، فيجب أن تنتهي بالنصر حتى يستجيب الاحتلال ومن معه من حلفاء وأفّاقين إلى إرادة الأحرار الذين وقفوا هذه الوقفة الجبارة التي لن تتكرر في التاريخ بسهولة.
الاثنين 8 أيار (مايو) 2017
رادة الأسرى لم تنكسر
مفتاح شعيب
الاثنين 8 أيار (مايو) 2017
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
20 /
2473041
ar أقلام wikipedia | OPML OPML
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.19 + AHUNTSIC
23 من الزوار الآن